المرأة في دائرة السياسة: نقطة ارتكاز أم منحنى مغلق؟
هل ما تزال المرأة العربية تفقد روح القيادة والسيطرة في مجتمع تسوده النمطية؟ هل العادات والتقاليد باتت تشكل سلسلة عنقودية تلتف حول أعناق المجتمعات العربية؟ لماذا لا تتبوأ المرأة مناصب قيادية تعكس حجم تمثيلها في المجتمع؟ وهل لذلك علاقة بروح القيادة والمسؤولية، فضلًا عن القدرات العلمية والعملية؟ أم أنه مرتبط بالعادات والتقاليد فقط التي تعكس ذكورية المجتمع وسلطة الرجل؟
ما سبق لا يدل على عدم وجود تغيرات في الوضع الراهن في العالم العربي، فقد شهدت دول عربية تطورات لا يمكن إغفالها؛ فبعض المجتمعات التي لم تكن تؤمن بدور المرأة سوى في بيتها وتربية اطفالها، بدأت الآن بتعيين النساء في المجالس والهيئات وكذلك البرلمانيات وتقبل آرائها واقتراحاتها وكسر حاجز النمطية ولو بنسبة قليلة.
إلى ذلك، يشير برنامج “عين على النساء”، الذي تنفذه جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”، إلى تراجع الأردن بشكل كبير في مجال التمثيل النسائي الوزاري، حيث احتل المركز العاشر عربيًا، و127 عالميًا مع نهاية العام الماضي، فيما كان في المركز الرابع عربيًا والمركز 95 عالميًا مع نهاية العام 2018، وتراجع بذلك 6 مراكز على المستوى العربي، و32 مركزًا على المستوى العالمي، فكيف كان ينظر بقرارات هذه الفئة البسيطة في عالم السياسة؟
ورغم وجود الكثير من الدراسات التي تناولت موضوع المشاركة السياسية للمرأة بشكل عام، والتركيز على أسبابها وتقديم اقتراحات وحلول لمساعدة المرأة، إلا أن الواقع ما يزال بحاجة إلى مثال حي وواقع لمعرفة إذا ما كانت المرأة عنصرا أساسيا أم شكليا في دائرة السياسة.
تقول النائبة السابقة، منال الضمو: ليس لأي إنسان بمفرده دور، دون أن يكون صاحب فكر ورؤية، وقادر على أن يقنع من معه من زملاء ومجتمع في هذه الفكرة أو الرؤية سواء الرجل أو المرأة.
وتؤكد أنها ومن خلال حضورها تحت قبة البرلمان، تقدمت بالكثير من الاقتراحات التي لاقت ردود فعل إيجابية من زملائها، والأخذ بعين الاعتبار كل ما لديها من مداخلات ووجهات نظر.
يقول الناطق الاعلامي باسم “تحالف عين على النساء”، ياسين القيسي، إن مشاركة المرأة في عالم السياسة تطورت منذ إقرار مبدأ الكوتا في الانتخابات النيابية العام 2003، مشيرًا إلى أهمية التقارير والإحصاءات المعدة مسبقًا حول أداء المجلس النيابي السابق، بحيث كانت المرأة تشكل نسبة 15 % من المداخلات الرقابية، التي تمثل 21 % من مداخلات النواب خلال مدة انعقاد المجلس.
ويؤكد أهمية هذه النسبة في مساعدة المرأة الأردنية في إثبات جدارتها وتميزها في جميع المواقع التي تشغلها، وذلك من خلال الأداء المتميز والحرص على تمثيل المرأة في كل الأدوار ومن أهمها السياسية.
وتوضح الناشطة الحقوقية، منال كشت، أن الفرص المتاحة للمرأة للمشاركة في الحياة السياسية وفرض آرائها من خلال قيادة التغيير والتمثيل في الحكومة كانت وما تزال “محدودة”.
وتضيف أن المجتمع مستمر باعتقاده أن مجال عمل المرأة هو منزلها، ويجب أن تركز على كيفية أن تكون “زوجة صالحة” فقط، ما يؤثر في احتمالات مشاركة النساء في كل المجالات.
وعلى الأرجح تستطيع المرأة مد الجسور وسط الخلافات السياسية، التي قد يكون أحد أسبابها وجود المرأة عضوا داخلها، وقد تكون أيضًا المرأة أحد أسباب حل هذه الخلافات المحلية، بل العالمية.
ورغم ما حققته من نجاحات موصوفة، ما تزال المرأة تحاول أخذ حيزها الموازي لحجمها في المجتمع، لتكون هي أيضًا نقطة ارتكاز يدور حولها المنحنى، لا نقطة تدور في المنحنى المغلق نفسه.