هل يُكشَف لغز جريمة الكحالة ام تَلتَحِق بالجرائم السابقة
فتحت جريمة الكحالة التي ذهب ضحيتها الشاب جو بجاني، الباب على جملة تساؤلات، لا تتعلق فقط بالجريمة، بل بظروف حدوثها وما يحيط بها من ملابسات، وحول التوقيت، بعد سيل من التحذيرات الأمنية عن إمكانية وقوع حوادث امنية او إغتيالات سياسية ربطاً بمعلومات لدى الاجهزة، وربطاً بالتوترات السياسية والإنحلال في كافة القطاعات الاجتماعية والمالية والاقتصادية.
كل المؤشرات تدلّ على ان إغتيال بجاني ليس جريمة عادية في اختيار “الهدف” الضحية أيضاً، بعد الأخبار المتداولة في السيرة الشخصية عن عمله المجاني في التصوير لصالح أحد الأجهزة الأمنية، وما حُكِيَ عن تواجده في المرفأ بعد انفجار ٤ اب لأخذ الصور. وقد ذهبت الاستنتاجات للجمع بين إغتياله وبين إمتلاكه معلومات او وثائق مصورة.
وعلى هذا الأساس أُعطِيَتْ تفسيرات عدة للحادثة، فإمّا ان القتيل كان فعلاً يملكُ معطيات معينة عن إنفجار المرفأ، او ان الجريمة مفتعلة لهدفٍ غامضٍ ويتصل بخلفيات وأبعاد أخرى، في اطار سيناريوات لتوتير الوضع الداخلي. حيث ان إغتيال شاب في منطقة مسيحية لها رمزيتها السياسية والحزبية كالكحالة، قدّمت الشهداء في الحرب اللبنانية، وإتّسَمَتْ بطابع المقاومة المسيحية وأحد مربعات الصمود، ليس أمراً عابراً.
يُضاف الى القراءة السياسية للحادثة عدة معطيات، ترجح فرضية الاغتيال بهدف سياسي، فمنزل القتيل خضع للمراقبة والرصد، والجريمة نُفّذَتْ بإحترافية ودمٍ بارد من القتلة، الذين لم يعمدوا لإخفاء وجوههم إلاّ بوضع قناع كورونا، ممّا يدلُّ على عدم مبالاتهم بمعرفة هويتهم، خصوصاً أن الجريمة مصورّة بالكامل في كاميرا المراقبة. كما ان التصفية جرت بكاتم الصوت، ما يضيف الاحترافية، فكواتم الصوت لا يتم ترخيصها حتى للأجهزة الأمنية.
المفارقة الأبرز انها الجريمة الثانية بعد عشرين يوماً من مقتل العقيد المتقاعد منير ابو رجيلي في بلدته قرطبا، التي لم يُستّدل فيها على المجرمين، والثالثة بعد الحادثة الغامضة التي ذهب ضحيتها العقيد جوزف سكاف. والضحايا جميعهم تم ربط قتلهم الغامض بما يملكون من معلومات عن حادثة المرفأ.
حادثة الكحالة الحزينة عشية الأعياد أعادت الهاجس الأمني الى الواجهة، مع تأكيد وزير الداخلية محمد فهمي انها جريمة منظمة، ومن نفذوها ليسوا هواة، وحيث تتحدث المعلومات ان الأجهزة الأمنية رفعت مستوى جهوزيتها واتخذت اجراءات مشددة قبل فترة، مع ورود تحذيرات من إحتمال وقوع أحداث امنية.