هل المسيحية تؤمن بالحسد والعين الشريرة؟
المقصود بالعين الشريرة هو الإعتقاد بأن نظرة معينة قد تسبب ضررا للآخرين، هذا الاعتقاد قديم جدا وشائع خاصة في الشرق الأوسط تتعلق هذه ((العين الشريرة)) بأشخاص ينظرون بحد إلى شخص آخر قد يكون جميلا أو متفوقا، الخ
ولقد ورد ذكر العين الشريرة في الكتاب المقدس إنما بمعنى مختلف تماما عن المعنى الشعبي. ففي سفر (التثنية 15: 9) هذا التعبير يعني مجرد نظرة عدائية وفي (تثنية 28: 45) و (متى 20: 15) يعني مجرد الحسد وفي (متى 6: 22 -23) و (لوقا 11: 34) فإنه يعني عيننا غير سليمة أو معطوبة وفي (مرقس 7: 22) يعني نزعة شريرة. أي لايوجد أي ذكر في الكتاب المدس لمعنى (العين الشريرة) كما يفهمه عوام الشعب.
وقد تحدى القديس يوحنا الذهبي الفم بشكل مباشر وجهة النظر الشائعة للعين الشريرة عندما قال في تعليقه على (غلاطية 3: 1) ما يلي:
(وعندما تسمعون عن غيرة في هذا المكان وفي الانجيل عن عين شريرة يجب أن لا تفترضوا أن لهذه العين قوة فائقة الطبيعة، المعاينة هي ببساطة وظيفة العين، لكن المعاينة بطريقة شريرة إنما تخص ذهنا فاسدا في الداخل )
وفي كل المواضع التي يذكر فيها الذهبي الفم الحسد في عظاته، فإنه يحذر منه لأنه يؤذي صاحبه، ولا يذكر أبدا أن الحسد يؤذي المحسود.
ومع ذلك ما زال الكثيرون من المسيحيين يؤمنون ويا للأسف بمقدرة العين على الحاق الأذى. والإعتقاد الشعبي يتوهم أن العين الزرقاء أكثر من غيرها معنية بالحسد والإيقاع بالضرر، لهذا يعتمد الناس إلى تعليق حلي على شكل عين زرقاء أو (خرزة زرقاء) على الطفل لترد أذى العين وحسد العين الشريرة!
لكن السؤال الذي لم يطرحه هؤلاء على أنفسهم هو: هل يعجز الصليب والأيقونة المعلقين على الطفل عن القيام بالمهمة أم أننا ندعي إيماننا بالكلام بينما أفعالنا على غير ما ندعي؟ ! كل من علق عينا أو خرزة زرقاء يعلن أنه لا يؤمن أن عناية الله كافية لرد الأذى عن أحبائه.
المشكلة الكبرى في موضوع العين الزرقاء هو عندما ترى الناس تشتري صليب الذهب و معه خرزة زرقاء. هنا المصيبة اذ كيف نضع رمزا وثنيا مع رمز الخلاص الحقيقي؟
“سراج الجسد العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله نير. وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما”. ما أراده الإنجيل بالعين ليس ذلك العضو الذي في الوجه ولكن الرؤية الداخلية، رؤية النفس. فالعالم جميل إن كنت جميل البصيرة. والدنيا سوداء إن كانت رؤيتك الداخلية سوداء.
يقول الاعتقاد الشعبي أن العين الحاسدة تؤذي. الكنيسة لا تقر بأن إنسانا له أن يؤذي إنسانا آخر بمجرد الحسد. الحاسد يضر نفسه فقط.
ولكن ملاحظة أن من ظن نفسه مصابا فيجب أن يتحرر من هذا الخوف ولذا تستشهد الصلاة بما جاء في المزامير: “الرب معيني فلا أخاف ماذا يصنع بي الإنسان”، وأيضا: “لا أخشى الشر لأنك معي”. الحاسد يفسد نفسه لأنه مبغض.
إن رأيت الخير فيك فاشكر الله، وإذا رأيته في الآخرين فاشكر أيضا لأن الإله الواحد هو الذي أشرق عليك وعليهم.
لا يمكن أن تحجب خصالك. إنها تضيء، وقد يزداد بسطوعها الحسود حسدا. ولكن لا تيأس من توبته. قد يرحمه ربه يوما ليرى جمالات الكون ويكتسب بساطة الرؤية ويتعلم الحمد. لعل الحسد قائم على الخوف، على عدم الاطمئنان. إنه بالتأكيد نوع من ضعف الإيمان. كثيرا ما ترى نفسك عاجزا عن بعث الحاسد إلى النور. لا حيلة لك أن تستمر في الصلاة من أجل من كرهك. هو لربه وربه إليه. في أوان الرضاء يشفيه. أما أنت فتعلم أن كل الناس أفضل منك واشكر.
الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور، والذي تسمعونه في الأذن نادوا به على السطوح، ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لايقدرون أن يقتلوها، بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم. أليس عصفوران يباعان بفلس؟ وواحد منهما لا يسقط على الأرض بدون أبيكم. وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة. فلا تخافوا! أنتم أفضل من عصافير كثيرة! (متى 10: 27 – 31)
† “تعرفون ألحق والحق يحرركم” †