ما هي أسباب العقم لدى النساء؟
ما هي أسباب العقم لدى النساء؟
العقم لدى النساء من أبرز المشاكل الطبية التي تؤرق الزوجين بعد مرور عام على الزواج. وفي بحث عن الأسباب، فإن ثلث حالات العقم سببها المرأة والثلث الآخر يعود الى الرجل، ويبقى ثلث الأسباب لا تزال مجهولة بحيث لا يجد الاطباء تفسيرا طبيا يعيق حدوث الحمل.
أسباب العقم عند النساء كثيرة ومتنوعة ولكن المهم في الامر هو ان الطب الحديث في مجال الطب النسائي شهد تطورات جذرية أسهمت في إيجاد سبل علاج للكثير من الحالات؛ وعلى صعيد آخر، فإن امكانية الحمل باتت ممكنة عن طريق تقنية “طفل الأنبوب” او التلقيح الصناعي وهي تقنيات متطورة أسهمت في حل مشكلة الإنجاب لدى الكثير من الأزواج. إذن، وبعد مرور عام على الزواج من دون حدوث حمل، ينتقل الزوجان الى عيادة الطبيب النسائي للبحث عن السبب والعمل على إيجاد العلاج المناسب.
خلل في المبيض
قصور المبيض وتكيس المبايض أبرز الحالات المسببة للعقم
قصور المبيض المبكر أو فشل المبيض المبكر يحدث بسبب فقدان المبيض للبويضة مبكرا ويقلل ذلك من إنتاج هرمون الاستروجين لدى النساء تحت سن الـ 40 مما يتسبب في زيادة احتمال حدوث العقم. تتشابه علامات قصور المبيض المبكر وأعراضه مع تلك التي تصاحب انقطاع الطمث، وهي أعراض مميزة لنقص هرمون الإستروجين. وتشمل عدم انتظام الدورة الشهرية وغيابها لفترة ثم عودتها، صعوبة في الحمل، هبات ساخنة، تعرق أثناء الليل، جفاف المهبل، انخفاض الرغبة الجنسية. تكيس المبايض يندرج ضمن أسباب العقم لدى النساء لما تسببه هذه الحالة من اختلال هرموني يؤثر على عملية التبويض. يطلق عليها الأطباء اسم “متلازمة” لأنها عبارة عن مجموعة من العوارض التي تسبب مشاكل صحية وليست مرضا بحد ذاتها؛ ومن العوارض التي تسببها متلازمة تكيس المبايض ظهور شعر غير طبيعي في الوجه والجسم وظهور حب الشباب كما تكون المرأة عرضة أكتر لزيادة الوزن ومقاومة الجسم للأنسولين. هذا الخلل الشديد في مستوى الهرمونات يؤدي إلى حالة إرباك في عمل المبيضين وعدم الانتظام في تكوين البويضات، وفي بعض الحالات فإنه قد تمضي عدة أشهر بدون تكوين بويضات وعندها تكون الدورة منقطعة طوال تلك الفترة؛ وحتى في حالة تكون بويضات، فان خلل الهرمونات يؤدي إلى عدم نضج البويضات بطريقة صحيحة، وكذلك يكون من الصعب أن تتحرر البويضات من الحويصلات ما يؤدي إلى تضخمها وتكوّن الأكياس. عند حصول تكيّسات على المبيض فإن بطانة الرحم تكون سميكة نظرا عدم وجود التبويض، ما يؤدي بالتالي الى عدم إفراز هرمون البروجيستيرون في النصف الثاني للدورة الشهرية، وعندما تكون بطانة الرحم سميكة فهذا دليل على وجود أكياس على المبيض.
تترك هذه الحالة بعض الآثار السلبية على المرأة صحيا ونفسيا؛ أولى التأثيرات الصحية هي تأخر الدورة الشهرية حيث أن البويضات تتجمع حول المبيض ولا تنزل إلى الرحم حتى تُخرج دم الدورة الشهرية. وقد تؤثر هذه الحالة على مسار عملية الحمل والإنجاب لأن البويضة تكون أصغر حجما مما هو مطلوب لإتمام عملية الإخصاب؛ وحتى إن حصل الحمل فقد يكون ضعيفا في الشهرين الأولين. في الحالات المتقدمة قد تكون حالة تكيس المبايض سببا للعقم ولكن من الممكن اللجوء إلى عمليات أطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي والحقن المجهري.
وجود تكيّسات على المبايض تترافق مع زيادة كبيرة في نسبة هرمون الذكورة التستوستيرون ما يؤدي إلى كثرة نمو الشعر على جسم المرأة في أماكن غير مألوفة مثل الوجه والذقن والبطن. كما يزداد وزن المرأة بشكل أسرع من غيرها رغم اتّباعها نظام غذائي، ولا يمكن تجنُّب هذه الزيادة في الوزن لأن سببها خلل هرموني حيث يقوم الجسم بتخزين الدهون بكميات إضافية بسبب اختلال استهلاك الجسم لهرمون الأنسولين. من ناحية أخرى، إن لتكيّسات المبايض تأثيرات على الجانب النفسي للمرأة حيث تفقد ثقتها بنفسها نتيجة ظهور الشعر في الوجه وأماكن أخرى ما يجعلها تشعر انها أقرب إلى الرجولة منها للأنوثة، كما أن لزيادة الوزن أثر نفسي كبير لاسيما وأنها تعجز عن التخلص من الكيلوغرامات الزائدة بالطرق الطبيعية المألوفة مثل الرياضة والحمية الغذائية. ولعل أكثر التأثيرات النفسية التي تصيب المرأة بالإحباط عدم قدرتها على الإنجاب ما يجعلها تشعر بالنقص الشديد لأنه ليس بمقدورها أن تصبح أمّا.
السيدات المتزوجات اللاتي يرغبن في الحمل، يصف لهن الطبيب أدوية تساعد الغدة النخامية على إفراز هرموناتها التي تعمل على تنشيط المبايض. الحالات المتقدمة قد يتطلب علاجها التدخل الجراحي، ويكون بحسب الحالة؛ فمن الممكن ان يتم استئصال جزء من المبيضين بما يعادل ثلث المبيض، وتساعد هذه العملية على استعادة التبويض مرة أخرى، ولكن من الآثار السلبية لها أنها من الممكن أن تسبب التصاقات في قنوات فالوب مما يمنع حدوث الحمل. كما يمكن ان يلجأ الطبيب الى كي المبايض باستخدام المنظار الجراحي.
الإلتهابات النسائية والحمل
تكرارها يدمر الجهاز التناسلي
من الممكن لبعض حالات الإلتهابات النسائية أن تؤثر على الصحة الإنجابية للمرأة على المدى البعيد. بحسب الأطباء، ليس كل أنواع الالتهاب تمنع حدوث الحمل؛ ولكن حدوث الالتهابات أثناء أشهر الحمل قد يؤدي الى ولادة مبكرة ما يستدعي المتابعة الدورية عند الطبيب طوال فترة الحمل وفور الشعور بأي عارض من أعراض الالتهاب كالحكة أو الإفرازات غير الطبيعية أو الرائحة الكريهة. في حالات تكرار الإصابة بالالتهابات البولية فمن الضروري أن يتم إجراء تحليل زرع للبول لمعرفة نوع البكتيريا او الجراثيم المسببة لتلك المشكلة، مع ضرورة إجراء فحص تصويري للجهاز التناسلي للمرأة والجهاز البولي لمعرفة السبب الخفي لتلك الإصابة المتكررة بالالتهابات. بكتيريا الكلاميديا هي من أكثر الأمراض التي تنتقل عن طريق الإتصال الجنسي، وتكون العدوى غالبا بدون أعراض. انها واحدة من أكثر الأمراض التناسلية انتشارا وهي عبارة عن بكتيريا لديها القدرة على تدمير الجهاز التناسلي من غير أعراض واضحة وظاهرة، وفي كثير من الأحيان لا يمكن أن تعود الأعضاء المصابة إلى وظيفتها الطبيعية ما قد يؤدي إلى العقم وخصوصا لدى النساء قبل أن تدرك أنها قد أصيبت بالمرض؛ وهي معروفة بالمرض المستتر حيث أن ثلاثة أرباع المصابين من النساء لا تظهر عليهم أعراض المرض أما بالنسبة للرجال فنصفهم لا يظهر عليهم أعراض الإصابة وفي معظم الأحيان لا يأتي المصاب للعلاج الا بعد حدوث المضاعفات المرضية.
تصيب هذه البكتيريا عنق الرحم والقناة البولية وفي قليل من النساء قد يشكون من إفرازات مهبلية أو حرقة عند التبول ولكن في كثير من الأحيان تصل الكلاميديا إلى قناة فالوب قبل أن تشعر المصابة بأية أعراض وآخرين قد يعانون من آلام في البطن وأسفل الظهر مع حرارة وشعور بالغثيان وآلام عند الجماع ونزيف خفيف في غير وقت الدورة وبوصول البكتيريا إلى أعلى من مستوى عنق الرحم فنتوقع حصول تلف غير قابل للعلاج على مستوى الجهاز التناسلي لدى المرأة وينتهي بها المطاف إلى العقم . يمكن علاج الكلاميديا بسهولة عن طريق المضادات الحيوية بعد استشارة الطبيب المعالج لتحديد الأنسب والأفضل للعلاج؛ إذا لم تعالج في الوقت المناسب، فالكلاميديا لها القدرة على إحداث تلف شديد في الجهاز التناسلي وذلك من دون أعراض مرضية ظاهرة. التهابات المسالك البولية هي بدورها تؤثر على قدرة المرأة على الحمل، بما في ذلك التهاب عنق الرحم والمهبل والمبايض، وتمثّل العدوى الميكروبية السبب الرئيس في التهاب المسالك التناسلية، وأبرزها الفطريات والهربس الزهري.
تبيّن الدراسات الحديثة أن حوالي 47% من السيدات في فترة الخصوبة ومنتصف العمر قد يعانين من التهاب المهبل سنوياً، ومن ظهور أعراض تتمثّل في إفرازات ذات رائحة كريهة، يصاحبها وجود حكة وحرقة في فتحة المهبل.
من جهة أخرى، التهاب مجرى عنق الرحم والذي يصيب أكثر من 50% من السيدات سنوياً يعدّ السبب الرئيس في ضعف الخصوبة عند المرأة، وذلك بسبب الطفيليات والبكتيريا الموجودة في المجرى والتي تقتل الحيوانات المنوية. أولى خطوات العلاج تكمن في التشخيص الدقيق لنوع الالتهاب الموجود وذلك من خلال معرفة الأعراض مثل لون الإفرازات المهبلية ووجود حكة ورائحة كريهة بالإضافة الى فحص الزرع الذي يجريه الطبيب لتحديد نوع البكتيريا؛ يبني على هذه الأمور من أجل إعطاء المريضة العلاج المناسب من أدوية مضادة للالتهاب او حقن او تحاميل نسائية. إلا ان المفتاح الأساس لتجنب حصول الالتهابات او على الأقل تجنب تكرارها هو الوقاية من خلال اتباع إرشادات الطبيب في هذا المجال؛ فهناك بعض الخطوات اليومية التي وإن واظبت عليها المرأة فسوف تجنبها الإصابة بأي نوع من أنواع الالتهابات البكتيرية.
قناتي فالوب
أي خلل في وظيفتها يسبب العقم
تقوم قناتي فالوب وظيفة ناقلة للبويضة أولاً يتلقف الأنبوب البويضة من المبيض ويسهل انزلاقها داخلة، ثم لتلتقي بالنطفة ويتم التلقيح وتتابع البويضة الملقّحة طريقها إلى الرحم. وجود خلل ما في هذه العملية يؤدي الى عدم حدوث حمل والاصابة بالعقم ما لم يتم معالجة المشكلة.
ويكون الخلل إما بسبب تشوه خلقي أو بسبب وجود التهاب حوضي سابق أدى إلى انسداد في الأنبوب كليا أو جزئيا في طرف واحد أو طرفين، داخل أو خارج الأنبوب لتعيق سير البويضة الطبيعي ومن ثم وصولها في الوقت المناسب إلى الرحم للتعشيش والتطور والنمو. ومن أسباب انسداد قناتي فالوب حدوث التهابات نتيجة لأحد الأمراض الجنسية حيث تنتقل الميكروبات المسببة للمرض سواء كانت بكتيريا او فطريات او جرثومات لولبية او فيروسات او طفيليات او كائنات اولية، مثل السيلان والكلاميديا. كما يحدث الانسداد بسبب وجود التهاب حوضي مزمن، عند حدوث التهاب فإن كريات الدم البيضاء والسوائل الاخرى تمتليء في انبوب فالوب، فإذا كانت مقاومة الجسم جيدة ستتغلب على الالتهاب، لكن يحدث لجدار الانبوب ندب أي أن عملية الالتهاب والشفاء تؤدي ايضآ إلى التندب وبالتالي تضيق وإنسداد الأنبوب وهذا يؤدي إلى انسداد جزئي او كلي في نهاية الانبوب عند الجهة المقابلة للمبيض وتكوّن انسجة متندبة على خارج الانبوب، لكن إذا عولج في المرحلة الاولية فإن الضرر لن يحدث .
بطانة الرحم المهاجرة هي احدى الاسباب ايضا، حيث يتوضع النسيج البطاني الرحمي في اماكن غير طبيعية مثل في انبوب فالوب ويؤدي في النهاية إلى تضيق وانسداد في انابيب فالوب.
تتعرض قناتي فالوب للالتهابات التي تمثل عشرين بالمائة من أسباب تأخر الإنجاب عند المرأة، وقد أثبتت الإحصاءات إن إصابة المرأة بالتهاب قناتي فالوب مرة واحدة فقط يؤدي إلى فقدان خصوبتها بنسبة 15٪ وترتفع النسبة إلى 50٪ إذا تكرر إصابتها مرة ثانية وتصل النسبة إلى 75٪ بعد العدوى الثالثة. كما ان وصول الجراثيم إلى قناتي فالوب يؤدي إلى التهابات شديدة ومن مضاعفات هذه الالتهابات خشونة الغشاء المبطن للقناتين والأهداب ما يؤثر بالتالي في الإفرازات الداخلية لقناتي فالوب. قد يؤدي إلى انسداد في الطرف الخارجي للقناة وامتلائها بالصديد فتنتفخ وتصبح غير قادرة على تأدية وظيفتها. بعض هذه الميكروبات لا تؤدي إلى انسداد قناة فالوب وإنما تحيطها بالتصاقات وتغير من وضعها ومكانها وقدرتها على الحركة فيحول دون التقاطها للبويضات.
عنق الرحم وامراضه
أورام ليفية وسرطانية
يشكل عنق الرحم الحاجز الأول لاجتياز الحيوانات المنوية والوصول إلى الرحم وأي تغير في طبيعة هذه الإفرازات العنقية أو المخاط العنقي قد يعيق دخول الحيوانات المنوية أو يمنعها أو حتى يقتلها ويعود ذلك (لوجود التهابات) أو جراحات سابقة على عنق الرحم أو بتأثير اضطرابات هرمونية أو حتى تشوهات خلقية وهي قليلة ونادرة.
اسباب العقم المتعلقة بالرحم وتشمل وجود أورام ليفية او سرطان أو زوائد لحمية أو التصاقات نتيجة التهابات أو مداخلات جراحية سابقة أو تشوهات خلقية وهذا كله يعيق تعشيش البويضة الملقحة في غشاء باطن الرحم لتنمو وتكبر.
التصاقات الرحم هي أكثر الأمراض شيوعا ضمن اسباب العقم المتعلقة بمشاكل الرحم، حيث تضعف قدرة المرأة على الانجاب لان تلك الالتصاقات تؤدي الى انسداد قناتي فالوب فتتوقف عملية الإخصاب ومن ثم لا يحدث انجاب.
السبب وراء إصابة المرأة بهذه الحالة هي تعرضها لالتهابات شديدة تسهم في تكون نسيج ليفي ومع الوقت يؤدي الى تكون تلك الالتصاقات؛ كما أن تعرض المرأة لعملية كحت وتنظيف شديدة كتلك التي تتم بعد الاجهاض او الحمل الهاجر أو عند إصابة المرأة بارتجاع في المشيمة بعد الولادة، فتقوم بإجراء عملية جراحية من أجل إزالة المشيمة المرتجعة أو عند إصابة المرأة بنزيف شديد.
يعد سرطان عنق الرحم من المشاكل الأساسية في الصحة الإنجابية والتي تتعلق بالنساء وخصوصاً في الدول النامية التي وعلى الرغم من محاولاتها لإنقاص الإصابة بسرطان الرحم إلا أنها لم تصل للوضع المثالي وذلك يعود لعدم الوعي لهذه المشكلة وعدم الاستفادة القصوى من الخدمات الصحية المتوفرة. يحدث سرطان عنق الرحم عندما تبدأ خلاياه في التغيير من طبيعتها ووظيفتها نتيجة تدمير الخلايا وهذه الحالة تؤدي إلى تعثر نمو هذه الخلايا بصورة طبيعية وحدوث السرطان الذي يمتد تأثيره إلى الأنسجة المجاورة.
وعندما تبدأ هذه التغيرات السرطانية في الحدوث تكون محدودة في الطبقة الخارجية من عنق الرحم لمدة تتراوح من 2 – 10 سنوات قبل أن تبدأ في مهاجمة الطبقة العميقة من عنق الرحم وبعد ذلك تبدأ في مهاجمة الأنسجة والأعضاء المجاورة للرحم والمثانة والمستقيم. وقد لا يسبب أو يحدث آلاما في المراحل المبكرة من المرض، أما في الحالات المتقدمة للمرض فتظهر إفرازات دموية ذات رائحة كريهة نتيجة للتعفن، كما تشكو المريضة من ألم في أسفل الحوض والظهر ويمتد الى أحد الساقين.