دياب لحزب الله ومعطلي التشكيل: “أبعدوا عني هذه الكأس”
باغت رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب جميع الوسطاء المعهودين، فدخل على الخط الحكومي، في محاولة لتحريك المياه المجمدة تماما بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، خصوصا بعد واقعة الفيديو المسرب الشهير الذي لا تزال تداعياته تخيم على الوضع المحلي بشكل عام.
وفي وقت سعت أوساط السراي الحكومي إلى تعميم أجواء تفيد بأن دياب بادر إلى التحرك من باب تحسسه حاجة لبنان إلى حكومة في أسرع وقت، شددت مصادر سياسية مطلعة عبر “المركزية” على أن أحدا لا يمكن أن يشك في أن وراء تحرك دياب بعض ما يمكن وصفها بالاعتبارات الشخصية والسياسية. ذلك أن استمرار إطالة أمد تناتش الحصص وتأليف الحكومة، يعني إبقاء حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها دياب في “بوز المدفع”، على اعتبار أنها المؤسسة الوحيدة التي تتولى زمام أمور البلاد في خلال الفترة الانتقالية.
ولفتت المصادر إلى أن الدستور في مادته الـ 64 يحدد لتصريف الأعمال صلاحيات ضيقة جدا. غير أن هذا لا ينفي أن البلاد تمر في أخطر أزماتها الوجودية والسياسية والصحية والاقتصادية، ما يجعل مشروعا الخوف الذي قد ينتاب دياب من أن تذهب كل هذه الأزمات إلى مرحلة جديدة من الانفجار، في غياب حكومة كاملة الأوصاف تأخذ على عاتقها هذه المسؤولية المحفوفة بالمخاطر. وذكرت المصادر في السياق أن التجربة قد تكون علّمت الرئيس دياب، خصوصا أنه بدأ يدفع وحيدا ثمن الاهمال المتمادي الذي قاد إلى انفجار مرفأ بيروت بدليل أن الصورة العامة لم تتغير، ما خلا استقالة حكومة دياب على وقع الغضب الشعبي العارم.
كل هذا يعني، بحسب المصادر نفسها، أن مبادرة دياب الأخيرة تحمل رسائل كثيرة أولها في اتجاه الرئيس المكلف، الذي قد يكون مده بجرعة من المعنويات، بدليل أن السراي الحكومي استبق قرار المجلس الأعلى للدفاع في ما يخص الاقفال العام، في سهم سياسي موجه إلى رئيس الجمهورية أولا، وهو ما يمكن اعتباره ردا ولو متأخرا على التعرض لموقع الرئاسة الثالثة من جانب رئيس الجمهورية.
أما في اتجاه حزب الله وحلفائه، فالرسالة لا تقل وضوحا، بدليل أن مبادرة دياب قادته إلى لقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الغائب الأكبر عن حركة الوساطات، في وقت يستمر الفريق العوني في فرض الشروط على الرئيس المكلف مع العلم أن الأخير أدى قسطه للعلى، بتقديم تشكيلة متكاملة لم يعط الرئيس عون ردا واضحا في شأنها حتى الساعة. وتفيد المصادر بأن دياب ضاق ذرعا بالانتحار السياسي الذي يمارسه المعطلون، وهو يريد منهم الاسراع في نزع الألغام من أمام الرئيس الحريري، أو مده بالصلاحيات المناسبة ليتخذ القرارات المناسبة، كما حصل مع حكومة الرئيس تمام سلام في زمن الفراغ الرئاسي الطويل.