تعريف آخر للإلحاد

أ. ماجد الحداد
باحث في الانثروبولوجي ومقارنة الأديان وعلم المصريات

الفهم المغلوط للمصطلح وتحريك الدلالة والإرتباط الشرطي جعل كثيرين يعتقدون أن اللادينية كلها تعني الإلحاد .
ولكن الإلحاد نوع اعتقادي أيدلوجي ازاء الله ، يعني هناك من يخالفه كاللاأدري والربوبي والغير مكترث ، أما الملحد يشبه السلفي في الإسلام أو الأرثوذوكسي في المسيحية مثلا ، دائما تجد السلفي يتحول لملحد لأنه ردة فعل عنيفة نفسية من القسوة . لكن الباحث العالم المثقف كما نرى في أغلب علماء و العباقرة على مدار التاريخ يتحول للاأدرية أو الربوبية لأنه يريد ان يعرف الحقيقة بصدق .
عموما قد يكون ان السلفيين وهم ينتقدون التفكير لدى المعتزلة اسموهم جميعا ملحدين ، تجدهم مثلا يقولون عن الطوسي شيخ الملحدين وابن سينا امام الملحدين كمثال .
طبعا هذا سفه وغباء في إطلاق الحكم لأنه لم يكن احدا منهم جميعا ملحد . اي منكر لمقام ربوبية الكون ..
الالحاد يحطم الحضارة من جذورها ويؤصل للاإنسانية ، مثله مثل المتدين وحيد الرؤية الذي يريد تحطيم التنوع الثقافي الحضاري .
لأنه يقضي على المرتكز الذي يقوم عليه المنطق الإنساني الذي يجمع الكل …
الا وهي ((( البديهة الأولى )))
العقل البشري مصنع أو متطور على آلية عمل معينة يعمل من خلالها ، ولا يستطيع الخروج عنها . لأن Hardware الخاص به لا يمكن أن يعمل خارج ما تم تصميمه عليه . ومن اساسيات عمل هذا الجهاز هو الارتكاز للبديهة أو المسَلَّمة الاولى التي يبني عليها باقي استدلالاته واستنتاجه ، وتلك البديهة لا يمكن أن تفسر حتى لا يقع في معضلة المنطق الدائري اللانهائية ، فيتوقف عمل تطبيقات كثيرة بناء على هذا الدوار .
علم المنطق ينفي القدرة على تفسير البديهة وقد شرحنا هذا سابقا وقلنا لماذا لا نستطيع تفسير البديهة ؟
المرتكز العقلي على البديهة الأولى يجعلنا نتفق على مبادئ أساسية للعيش المشترك  واحدة منهم ، بعكس الشخصيتين المتطرفتين ، فواحدة منهم ببيدهيتها ليست إنسانية عامة ، فالدين بالنسبة المتدين هو البديهة الأولى ، لأنه وضعها مكان البديهة الحقيقية وهي الخالق الذي خلق الجميع وقَبِلهم على كل مشاربهم وتنوعاتهم … اما
الآخر فهو عدمي ، مما يجعل الحياة مائعة معدومة الهدف والمصدر ، وهذا ينزع الامان العاطفي للإنساني اللازم لبناء الحضارة والالتفاف حول هدف مشترك انساني نعمل من خلاله على عقل يعمل بطريقة منطقية صحيحة تقوم على البديهة الأولى اللازمة للبناء المنطقي الاجتماع الانساني.

الملحد مؤمن … أكرر مؤمن سلبي ، ولا يمكنه الجزم أنه دار لأرجاء الكون كله وعلم كل علوم الإنسانية ليخرج علينا من معمله او عزلته ورحلته : ” أيها الناس أحب أن ابشركم انه لا يوجد رب ” أي حمق علمي ومنطقي وبحثي هذا ؟؟؟؟؟
عندما تتحول لإله يا صديقي أعلن هذا الأمر
نحن من خلال نقدنا لا نعني أن نقول للملحد أنه عليك بالإيمان بالغيب ، أو أن نحجر عليه اعتقاده . لكن المعنى هنا هو إلقاء الضوء على أهمية ((( الاعتراف ))) بتلك  البديهة التي لا فكاك عقلي منها حتى لو كانت غير مجربة علميا ، فهو أمر منطقي أو بمعنى أدق عقلي تقوم عليه باقي عمليات التفكير .
فقط في حالة واحدة ممكن الاستغناء عن ذلك ، لو تطور العقل البشري لمحاولة إثبات البديهة بسبب أو آلية أعلى منه ومنها .
قد يركن الملحد الى أن الإنسانية المشتركة  هي البديهة ال

تي يرتكز إليها . لكن هذا المنطق يعود بنا إلى نفس
النقطة . أنه قرر الارتكاز على معنى مجرد أعلى من الوجود المادي _ الظاهر _ ليصنع مشتركا إنسانيا واحدا ، ولا ارى هذا إلى شكل من أشكال الاعتراف بربوبية توجد أو تصنع معنى للشعور بأننا جميعا موجودون ولسنا فرادى بل اجزاء من نثر وفيض من فكرة أو اصل واحد اوجدنا

أظن أني اوضحت جيدا الفرق بين الطوائف والأيدلوجيات اللادينية لكي نغلق هذا الموضوع
.. الملحد غير اللاأدري والربوبي …
وسأظل على رأيي في الإلحاد الا أن يظهر دليل جديد يجعلني اغير رايي في آليات عمليات التفكير في العقل البشري ،
. إلا أن الملحد أخف شرا كثيرا من المؤمن السلفي ، فهو على المستوى الفردي لن يقتل . لكن فكرته قد تؤدي إلى القتل لنزع أحد مصادر الضمير الذي تأخذ به كثير من الشعوب ، أو تؤدي عدميته لنشر اللامبالاة بالحياة فينهي حياته بالانتحار .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى