قرارات ليّنة للمفاوضات تُقابَل بتصلب ايراني..هل يكرر بايدن اخطاء اوباما؟
بعد ان أعلن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو في 19 كانون الثاني، قبل يوم واحد من تولي الرئيس الاميركي جو بايدن منصبه، إدراج جماعة الحوثي في القائمة السوداء – رغم تحذيرات أطلقتها الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة آنها، من أن القرار سيدفع الملايين في اليمن إلى مجاعة واسعة النطاق، بدأت ادارة بايدن في الساعات الماضية، في إجراءات إلغاء قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بتصنيف الحوثيين “جماعة إرهابية”، مؤكدة في الوقت عينه بأن “هذا القرار لا علاقة له بنظرتها للحوثيين “وسلوكهم المستهجن”. في التفاصيل، أوضحت الولايات المتحدة امس إنها تعتزم إلغاء التصنيف، ردا على الأزمة الإنسانية في اليمن. وبدأ وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن رسميا الجمعة إجراءات إلغاء القرار السابق. وقال متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية “أبلغنا الكونغرس رسميا بنيّة وزير الخارجية إلغاء هذه التصنيفات”، مضيفا “بعد مراجعة شاملة بوسعنا أن نؤكد أن وزير الخارجية يعتزم إلغاء تصنيفي أنصار الله على أنها منظمة إرهابية أجنبية وعلى أنها منظمة إرهابية عالمية” مستخدما اسماً آخر لجماعة الحوثي، مستطردا “تحركنا يرجع بالكامل إلى العواقب الإنسانية لهذا التصنيف الذي اتخذته الإدارة السابقة في اللحظة الأخيرة، والذي أوضحت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية منذ ذلك الحين أنه سيعجل بأسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
بحسب ما تقول اوساط دبلوماسية لـ”المركزية”، فإن الادارة الجديدة تصرّ على الربط بين هذا القرار والوضع الانساني في اليمن، محاولة بذلك قطع الطريق امام اي تفسيرات او تأويلات سياسية – استراتيجية لهذا الموقف. غير ان هذا الفصل، يبدو صعبا جدا لا بل مستحيلا.
فالخطوة هذه، لا يمكن الا ان تكون متعلّقة بمسار المفاوضات الاميركية – الايرانية، الجاري الإعداد لأرضيتها حاليا، بين الدولتين، بهدوء وتروّ. على اي حال، يعزز هذا المنطق، توقيتُ الالغاء الذي يأتي ساعات بعيد اعلان بايدن وقف الدعم الأميركي للحملة العسكرية التي تقودها السعودية “وللعمليات الهجومية في الحرب في اليمن بما في ذلك مبيعات الأسلحة”، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها صراع بالواسطة بين السعودية وإيران، حيث قال الخميس في خطاب كان الأول له حول السياسة الدولية لإدارته، إن الاخيرة “تعزز جهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن” التي “تسببت بكارثة إنسانية واستراتيجية” مشددا على ان “هذه الحرب يجب أن تنتهي”، علما ان الخارجية الاميركية كانت حرصت على تأكيد “التزامنا مساعدة السعودية في الدفاع عن أراضيها ضد هجمات جديدة”.
بعد بادرة حسن النية هذه تجاه الحوثيين، وتاليا تجاه ايران (الممول الابرز لهذا التنظيم واكبر داعميه لوجستيا وسلاحا ومعدات)، يفترض ترقّب رد فعل طهران. فهل ستقابل مدّ اليد الاميركية بالمثل؟ ام لن تفعل؟ حتى الساعة، لم تقدم الجمهورية الاسلامية اي مؤشر يدل على نيتها التجاوب او التعاون، بل على العكس، تمضي قدما في تخصيب اليورانيوم وتعتبر ان واشنطن هي مَن يفترض بها العودة الى قواعد الاتفاق النووي- لانها هي (اي ايران) لم تخرقه، كما تستمر في تصدير الثورة والمسلحين الى الميادين العربية وابرزها سوريا، على مرمى حجر من الكيان العبري، فيما لا يفوّت مسؤولوها ودبلوماسيوها اي فرصة للقنص على الوسطاء بينهم وبين البيت الابيض، وقد صوّب وزير خارجيتها محمد جواد ظريف بشدة على نظيره الفرنسي جان ايف لودريان منذ يومين. فهل ستقع ادارة بايدن في الفخ الذي وقعت فيه ادارة باراك اوباما، فتكون ليّنة مرنة مع طهران وتعطيها الهدايا، مجانا، من دون ان تقدّم الاخيرة اي تنازلات عسكرية او سياسية او استراتيجية؟
المركزية