الإختلاف في توزيع الخسائر يقلب المعادلة
ليس تفصيلاً بسيطاً في الاقتصاد والسياسة هذا الاختلاف الكبير في كيفية توزيع الخسائر بين “المركزي” والمصارف من جهة والحكومة من جهة أخرى. فعلى هذا الاختلاف تتحدد الكلفة التي سيتحملها المودعون، والحاجة الفعلية الى التمويل الخارجي من صندوق النقد الدولي. نتحدث هنا عن فارق في التمويل بلغ 20 مليار دولار. فـ 8 مليارات دولار تمويلاً من “IMF” تكفي برأي “الجمعية”، فيما قدرت الحكومة الحاجة بين الاعوام 2020 – 2024 بـ 28 ملياراً. وفي الوقت الذي تقدر فيه الخطة الحكومية كلفة إعادة الهيكلة بـ 55 مليار دولار مع ضرورة فرض Haircut من المودعين بنسبة 50 في المئة، تشير ارقام جمعية المصارف إلى أنّ الكلفة لن تزيد عن 15 مليار دولار من دون الحاجة الى Haircut، أي الاقتطاع من حسابات المودعين.
هذا الاختلاف الكبير في الارقام لا يعود إلى تقدير جمعية المصارف الخسائر بأقل من القيمة التي حددتها الورقة الحكومية، انما إلى توزيعها بطريقة مختلفة. فخسائر الدولة بلغت برأي المصارف 51 في المئة، بينما سجلتها الحكومة صفراً في خطتها. أما خسائر مصرف لبنان والمصارف التجارية فقد اتت بحسب المصارف 24 و14 في المئة على التوالي، بينما سجلتها الحكومة 32 و34 في المئة. وفي الوقت الذي تحمّل فيه الحكومة المودعين نسبة 28 في المئة من الخسائر، لم تحمّل المصارف المودعين أي خسائر. واللافت تحميل ورقة المصارف الدائنين الخارجيين نسبة أعلى من الخسائر وصلت إلى 11 في المئة بينما لم تتعد في ورقة الحكومة 6 في المئة.
الفروقات الكبيرة في الارقام هي مسؤولية الحكومة، أولاً لانها استثنت المصارف منذ البدء من تحضير الخطة الاقتصادية وثانياً لانها حمّلتها مع مودعيها كل الخسائر، مفترضةً سكوتها وقبولها بالأمر الواقع، وثالثاً لانها كانت تعلم بأن المصارف ستجلس الى طاولة صندوق النقد والخلاف معها سيفجّر المفاوضات… اللهم ان لم يكن هذا هدفها منذ البدء!