“كوفيد-19” قد يصيب خلايا الدماغ الرئيسية وربما يقتل الخلايا العصبية القريبة
كشفت دراسة جديدة أن فيروس كورونا يمكن أن يتسلل إلى الخلايا على شكل نجمة في الدماغ، ما يؤدي إلى حدوث تفاعل قد يسبب تعطيل الخلايا العصبية القريبة وحتى قتلها.
وتؤدي الخلايا النجمية، المسماة الخلايا النجمية، العديد من الأدوار في الجهاز العصبي وتوفر الوقود للخلايا العصبية التي تنقل الإشارات في جميع أنحاء الجسم والدماغ.
وفي طبق مختبري، وجدت الدراسة أن الخلايا النجمية المصابة توقفت عن إنتاج الوقود الحيوي للخلايا العصبية وأفرزت مادة “غير معروفة” تسمم الخلايا العصبية المجاورة.
وإذا فعلت الخلايا النجمية المصابة نفس الشيء في الدماغ، فقد يفسر ذلك بعض التغييرات الهيكلية التي لوحظت في أدمغة المرضى، بالإضافة إلى بعض “ضباب الدماغ” والمشكلات النفسية التي يبدو أنها تصاحب بعض حالات “كوفيد-19”.
ومع ذلك، فإن الدراسة الجديدة، التي تم نشرها في 7 فبراير على medRxiv، لم تتم مراجعتها من قِبل النظراء حتى الآن، ووفقا لأحد الخبراء، ما تزال “بيانات أولية للغاية” وما تزال بحاجة إلى التحقق من خلال إجراء بحث إضافي، خاصة فيما يتعلق بموت الخلايا العصبية الذي يظهر في أطباق المختبر.
وقال المؤلفون إن الدراسة الجديدة قد تضيف الخلايا النجمية إلى القائمة الطويلة من الخلايا التي يهاجمها فيروس SARS-CoV-2، لكن العديد من الأسئلة حول “كوفيد-19” والدماغ ما تزال دون أجوبة.
وسحبت الدراسة الجديدة البيانات من ثلاثة مصادر: الخلايا في أطباق المختبر، وأنسجة المخ من المرضى المتوفين، ومسح الدماغ من المرضى الأحياء الذين تعافوا من عدوى خفيفة من “كوفيد-19”.
ووجد الفريق أن مناطق معينة من القشرة الدماغية، السطح المتجعد للدماغ المسؤول عن العمليات المعقدة مثل الذاكرة والإدراك، أظهرت اختلافات كبيرة في السماكة بين مجموعتين: 81 مريضا يعانون من التهابات خفيفة، و 145 متطوعا ليس لديهم تاريخ من “كوفيد-19”.
وقالت مؤلفة الدراسة الدكتورة كلاريسا لين ياسودا، الأستاذة المساعدة في قسم جراحة الأعصاب وطب الأعصاب في جامعة كامبيناس: “لقد كان الأمر مفاجئا”.
وأوضحت لين ياسودا أن مناطق القشرة الموجودة فوق الأنف أظهرت ترققا كبيرا في مرضى “كوفيد-19″، ما يشير إلى أن الأنف والأعصاب الحسية المرتبطة بها قد تكون طريقا مهما للفيروس في الدماغ. ومع ذلك، من المحتمل ألا يغزو الفيروس دماغ الجميع.
ولا يمكن لهذه الدراسة تحديد ما إذا كانت العدوى المباشرة أو الالتهاب هو الذي تسبب في الاختلافات. وأشارت الدكتورة ناجل إلى أن الدراسة تظهر فقط ارتباطا بين “كوفيد-19” وسماكة القشرة.
ولفهم عدد المرات التي يغزو فيها SARS-CoV-2 الدماغ بشكل أفضل ومدى انتشاره، جمع الفريق عينات دماغية من 26 متوفين بسبب “كوفيد-19″، ووجدوا تلفا في الدماغ في خمسة منهم.
وشمل الضرر بقعا من أنسجة المخ الميتة وعلامات الالتهاب. والجدير بالذكر أن الفريق اكتشف أيضا مادة جينية لـ SARS-CoV-2 وبروتين spike الفيروسي، الذي يلتصق بسطح الفيروس، في جميع أدمغة المرضى الخمسة. وتشير هذه النتائج إلى أن خلايا الدماغ أصيبت مباشرة بالفيروس.
وكانت غالبية الخلايا المصابة من الخلايا النجمية، تليها الخلايا العصبية. وقال الدكتور مارتينز دي سوزا إن هذا يشير إلى أنه بمجرد وصول الفيروس إلى الدماغ، قد تكون الخلايا النجمية أكثر عرضة للإصابة بالعدوى من الخلايا العصبية.
وتوجه الفريق إلى المختبر لإجراء تجارب على الخلايا النجمية البشرية المشتقة من الخلايا الجذعية، واختبار كيفية اختراق الفيروس التاجي لهذه الخلايا وكيفية تفاعلها مع العدوى.
ووجد الباحثون أن الخلايا النجمية لا تحمل مستقبلات ACE2، وهي المدخل الرئيسي الذي يستخدمه فيروس كورونا لدخول الخلايا. وأكد هذا العديد من الدراسات السابقة التي أظهرت نقص ACE2 في الخلايا على شكل نجمة. وبدلا من ذلك، وجدوا أن الخلايا النجمية لديها مستقبل يسمى NRP1، وهو مدخل آخر يمكن أن يخترقه بروتين spike لتحفيز العدوى.
وقالت ماريا ناجل، أستاذة طب الأعصاب وطب العيون في كلية الطب بجامعة كولورادو: “من المعروف بين باحثي فيروس كورونا أن الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (ACE2) ليس مطلوبا فقط لدخول الفيروس إلى الخلايا، وأن NRP1 يعمل أحيانا كبوابة أخرى”.
وعندما منع الباحثون NRP1 في تجارب الأطباق المعملية، لم يصب SARS-CoV-2 الخلايا النجمية. ووجد الباحثون أنه بمجرد أن ينزلق الفيروس داخل خلية نجمية، تبدأ الخلية على شكل نجمة في العمل بشكل مختلف. وعلى وجه الخصوص، تبدأ الخلية في حرق الجلوكوز بمعدل أعلى، ولكن بشكل غريب، ينخفض عدد المنتجات الثانوية الطبيعية لهذه العملية. تشمل هذه المنتجات الثانوية البيروفات واللاكتات، والتي تستخدمها الخلايا العصبية للوقود وبناء الناقلات العصبية، الرسل الكيميائي للدماغ.
وتوصل الباحثون أيضا إلى أن الخلايا النجمية المصابة تفرز “عاملا غير معروف” يقتل الخلايا العصبية. واكتشفوا ذلك عن طريق وضع الخلايا العصبية في وسط تم فيه إصابة الخلايا النجمية سابقا بفيروس SARS-CoV-2. ولاحظ الفريق أن الخلايا العصبية المحتضرة يمكن أن تشرح، جزئيا على الأقل، كيف أصبحت القشرة الدماغية رقيقة جدا لدى مرضى “كوفيد-19” المصابين بعدوى خفيفة.
وأوضحت ناجل: “ما زلنا لا نعرف ما إذا كان مرضى كوفيد-19 المعتدل لديهم عدوى فيروسية في الدماغ أم لا، لذلك من التخمين ربط التغيرات في سماكة القشرة بموت الخلايا العصبية المرتبط بالخلايا النجمية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون النتائج في الطبق المختبري مختلفة عن الموجودة في الدماغ في الجسم الحي”، لذلك يجب فحص النتائج في أدمغة البشر.