الكهرباء رهينة… مصرف لبنان يضغط على الحكومة

يوم الخميس عقد مجلس إدارة «كهرباء لبنان» اجتماعاً لحسم الأمر. وتم التوافق على مضمون الكتاب الذي أرسل إلى حاكم مصرف لبنان، صباح أمس، متضمّناً تفاصيل تتعلق بالأموال التي تحتاج إليها بالعملة الأجنبية، علماً بأن الكتاب نفسه عاد وزير الطاقة وأرسله إلى المصرف المركزي. عند هذا الحد، كانت تتوقع الوزارة أن يعمد المصرف إلى التواصل معها أو مع كهرباء لبنان لمناقشة مضمون الكتاب أو تسجيل ملاحظات على المبالغ المطلوبة. كل ذلك لم يحصل. تجاهل المصرف كل ما اتفق عليه، وبدلاً من أن يعمد، على سبيل المثال، إلى إبلاغ المعنيين أنه لا يمكنه أن يلتزم بكل المبالغ المطلوبة وأن يطلب من المؤسسة حصر نفقاتها، ذهب إلى قلب الطاولة في وجه «الطاقة» و«كهرباء لبنان» وضم إليهما وزارة المالية والحكومة. اكتفى بطرح مسألة الكهرباء كجزء من ملف الدعم بشكل عام، متغاضياً حتى عن إعلام وزارة الطاقة بموقفه المستجد بشكل رسمي، ومتجاهلاً إشارة مؤسسة «كهرباء لبنان» (وصفها بالشركة في بيانه)، إلى أن العقد مع الشركة المشغلة لمعملَي دير عمار والزهراني، إضافة إلى عقود التأمين على المعملين، ينتهي في 15 شباط الحالي، ما يتطلب الحصول على إجابة لتتمكن من الاستمرار في تشغيل وصيانة المعملين لمدة سنة إضافية.

هذا التطور بدا صادماً لمختلف الأطراف. وعلمت «الأخبار» أن وزير الطاقة تواصل مع رئيسَي الجمهورية والحكومة ومع نائبة رئيس الحكومة، إضافة إلى وزير المالية، للتباحث في تصرّف المصرف المركزي، الذي انقلب فيه على كل ما اتفق عليه في الاجتماعات التي عقدت، مهدداً «الأمن الطاقوي»، بقرار يشكل عملياً إعلاناً بضرب قطاع الكهرباء ونشر العتمة.

المصرف كان قد اقترح على وزير المالية، بالتعاون مع وزير الطاقة و«كهرباء لبنان» لوضع دراسة شاملة لكل العقود الموقّعة من قبل «الشركة» تشرح فيها طريقة اختيار الشركات المتعاقدة والتأكد من عدم وجود وسائل بديلة لتخفيض التكاليف. وقد تجاهل المصرف أن المؤسسة لم توقّع أي عقد منذ ما بعد 17 تشرين الأول 2019، وبالتالي فإن العقود التي تطلب الأموال لها هي عقود سابقة ومرّت عليها سنوات. أضف إلى أن المصرف نفسه كان قد رفض اقتراح المؤسسة إجراء مناقصة جديدة لتشغيل المعامل، بحجة عدم القدرة على القيام بأي التزام طويل الأمد (مدة العقد خمس سنوات).

الفصام الذي يعيشه مصرف لبنان تجلّى في تشديده على عبارة «على أن تكون الدراسة علنية متوفرة للعموم لفسح مجال للمشاركة في هذه المسؤولية الوطنية». فالمصرف نفسه يرفض نشر أي معلومات، أو حتى تسليمها إلى الحكومة، تتعلق بأمواله وموجوداته، وهو نفسه رفض تنفيذ قرار مجلس الوزراء التعاون مع شركة التدقيق الجنائي.
الموقف الجذري الذي اتخذه المصرف بشأن قطاع الكهرباء لم يكن مفهوماً بالنسبة إلى مصادر في وزارة الطاقة، وخاصة أن المصرف لم يتعامل بالطريقة نفسها مع مسارات دعم أخرى، لا يختلف اثنان على أنها تشكّل هدراً كبيراً لأموال مصرف لبنان، فالبنزين والمازوت يذهب جزء من دعمهما إلى غير مستحقين، ودعم المواد الغذائية يذهب في معظمه إلى التجار.
في البيان ــــ الكتاب، لم يكتف المصرف بالتملّص من التزامه تأمين حاجة الكهرباء من الدولارات، فسعى إلى حشر الحكومة، التي تخشى اتخاذ القرار وتحاول إبعاد الكأس المُرّة عنها، في زاوية وجوب حسم أمرها لناحية ترشيد الدعم. وهو لذلك، دعا وزير المالية إلى اعتماد خطة فورية لترشيد الدعم مع تحديد الأولويات ومصادر تمويلها، مشيراً إلى أن هذا الأمر يدخل في صلب مهمات الحكومة. وقد أشار إلى أن أيّ تأخير في ذلك له تداعيات سلبية على الوضعين الاقتصادي والأمني. كما دعا إلى ضرورة تحديد الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لتأمين العملات الأجنبية اللازمة للمصاريف والمستوردات الأساسية.

إيلي الفرزلي – الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى