البزري: التلقيح ضدّ “كورونا” أكبر مبادرة صحّية في تاريخ الجمهورية
بين محطات مترابطة، ينطلق الاسبوع الثاني من عملية التلقيح الوطني ضدّ “كورونا” في مستشفى صيدا الحكومي بوتيرة أسرع وأكثر تنظيماً، بعدما انتهى الاسبوع الاول باعطاء 852 جرعة بنجاح ومعالجة العقبات الظرفية التي ظهرت، فيما تبدأ المرحلة الثانية من فتح البلاد تدريجياً ليتنفّس الصيداويون الصعداء، رغم تفاقم أزمتهم المعيشية والاقتصادية على ضوء ارتفاع الدولار واستفحال الخلاف السياسي حول تشكيل الحكومة.
ودقّت غرفة عمليات إدارة مخاطر الكوارث والأزمات في إتحاد بلديات صيدا- الزهراني ناقوس الخطر من استمرار ارتفاع اعداد المصابين بالفيروس والوفيات ودخول المستشفيات، حيث أحصت 1294 حالة نشطة، توزّعت على 497 إصابة جديدة و6 وفيات و151 دخول مستشفيات، في وقت نبّه فيه مدير الغرفة مصطفى حجازي من أنّ حالات الإستشفاء ما زالت مرتفعة، ولا أسرّة متوفرة لا عادية ولا في العناية الفائقة للمرضى.
في المقابل، أكّد الاجتماع التنسيقي الدوري حول مستجدّات “كورونا” في صيدا والجوار الذي انعقد في مجدليون بدعوة من النائبة بهية الحريري أنّ الأعداد حتى الآن لا تتناقص، وهناك ضغط مستمرّ بعدد الاصابات والطلب المتزايد على الحصول على ابر “الرمديسيفير” التي يجري تأمينها لمن يحتاجها من مختلف المناطق، بهبة من وزيرة الصحة المصرية وِفق النائبة الحريري التي اعتبرت أنّ “صيدا وضعت على السكة الصحيحة لعملية التلقيح، والهدف أن يحصل الجميع على اللقاح لأنّه حق لكل مواطن ومقيم لنحمي مجتمعنا”.
البزري واللقاح
ووصف رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح “كورونا” الدكتور عبد الرحمن البزري المبادرة الوطنية الصحّية بأنّها الاكبر في تاريخ الجمهورية اللبنانية منذ زمن طويل، وقال لـ”نداء الوطن” إنّ “لبنان قادر وفي أحلك الظروف على اطلاق المبادرات للنهوض من أزماته، فالمبادرة الوطنية لعملية التلقيح ضدّ “كورونا” التي نفخر بها بأنّها لبنانية مئة بالمئة، ولم نحضر خبراء من الخارج لوضع خطتها وعناوينها أو تفاصيلها، ونحن الذين قمنا بالتنفيذ والمراقبة والتقييم وحتى التمويل، إذ إنّ الدولة اللبنانية استدانت من البنك الدولي واشترت اللقاحات والشركة تبرّعت بكمّيات منه”.
وعدّد العقبات التي تحول دون التمييع بوقت أسرع وهي اولاً: ان كمية اللقاحات محدودة، وهذه المشكلة موجودة في كل دول العالم وليس في لبنان فقط، وسنتجاوزها قريباً من خلال قبول انواع اخرى من اللقاحات، صحيح اننا إستوردنا لقاح “فايزر” وهو الأحدث تقنياً والافعل في العالم، ولكن هناك لقاحات أخرى اكثر مرونة وتسمح لنا بالوصول الى كافة المناطق اللبنانية. ثانياً: انطلقنا بالعملية تدريجياً، ففي اليوم الاول الاحد بدأ التلقيح في ثلاثة مراكز في بيروت، واليوم الثاني الثلثاء في عشرة مراكز واليوم الرابع الخميس في 25 مركزاً. ثالثاً: واجهنا بعض المشاكل في نظام المعلوماتية (المنصة الالكترونية) وهو صنع لبناني ونفتخر به، وكان بحاجة الى بعض التعديل ليتناسب مع الضغط عليه وتفادي سوء التواصل مع المراكز، حيث جرى ايقاف عملية التلقيح في بعض المراكز اثر عمليات تلقيح من دون تسجيل، لكن هذا الامر تمّ ضبطه ومعالجته وهذه المشكلة لن تتكرّر”.
واعتبر البزري انه “اذا كان شباط شهر البدء بالتلقيح والتحسين في التنفيذ، فإنّ آذار سيكون شهر الانفلاش على مختلف المناطق مع وصول لقاحات اخرى اكثر مرونة، ونيسان شهر طمأنة الناس الى قدرتنا على الوصول الى مختلف شرائح المجتمع وفي كافة المناطق. نريد أن نصل الى نسبة مناعة عالية قبل نهاية العام، ونأمل أن نحقّق اهدافنا في حماية قسم كبير من اللبنانيين سريعاً، وحماية المجتمع والعودة الى الحياة الطبيعية وربّما تنشيط الحركة الاقتصادية في فصل الصيف”.
وأكّد البزري أنّ “فايزر” آمن وفعال، ولم تسجّل أي عوارض كبيرة، ولم نشهد حالات شديدة استدعت الدخول الى المستشفيات بصورة مستعجلة، بعض الذين تلقّوا اللقاح والمرضى وهم لا يتعدّون اصابع اليدين اختاروا الدخول الى المستشفى للمراقبة، بقوا يوماً ثم غادروا، وغالبية الحالات الاخرى بقيت طبيعية في العوارض العادية واستمروا في اعمالهم ولم يتغيّبوا عنها. ونحن بصدد اطلاق مبادرة التآخي أو التضامن بهدف حث المجتمع اللبناني بمختلف عناصره على المساهمة في التمييع، لاننا اذا تمكنا من الحصول على اللقاحات بكميات اكبر وبوقت اقصر سنتفادى الكثير من الاصابات والوفيات، ربما نتمكن من فتح البلاد بطريقة اسرع وعودة الحياة الطبيعة، نحن بحاجة الى 10-11 مليون جرعة من اللقاحات، وجرى تأمين 6.3 منها وسنحاول الحصول على الكميات الاخرى عن طريق مساهمات المجتمع الاهلي، والقطاعات الصناعية والمصرفية والمهنية التي تريد بدورها المساهمة من اجل استعادة نشاطها ودورتها الاقتصادية.
وأضاف البزري: “نحن ضد التمييع الفردي وهو حق لكل مواطن عبر شراء اللقاح، ولكن نفضل التضامن المجتمعي لعدة اسباب ومنها ان الشركات العالمية تريد ان تبيع اللقاحات للدولة اللبنانية وليس لشركات خاصة، ومنها ان هذه اللقاحات تحتاج الى طريقة تعامل تفوق قدرة الافراد او الصيدليات على التعامل معها”، منوّهاً ببدء اطلاق المبادرات وأكد: “اننا لن نميز باعطاء اللقاح لأي مقيم” و”لبنان مسؤول عن كل المقيمين على اراضيه لان هذا امر سيادي”، مشيراً الى تشكيل لجنة من اطباء وعسكريين وامنيين وقضاة ومحامين لتأمين اللقاح للمساجين وخلال شهر سيتم تمييعهم بطريقة حديثة.
محمد دهشة – نداء الوطن