واشنطن وباريس وموسكو وطهران والعرب… باسيل أقوى منهم كلّهم!

أسباب عرقلة تشكيل الحكومة ليست داخلية فقط، وهذا نعرفه، على عكس ما يحاول كثيرون قوله، وكأننا في دولة “مثالية”، وخالية ممّن لا يتأثّرون بالعوامل الخارجيّة، عن قصد أو من دونه. وما أشار إليه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في كلمته أمس، حول أن “ما يؤخر الحكومة هي أسباب خارجية نتركها لوقت لاحق إذا لزم الأمر”، قد يكون “البيت القصيد”، الذي لا بدّ من البدء به ربما، بدلاً من تركه لوقت لاحق.

أوسَع؟

فالحكومة اللبنانية “رجراجة”، ومضبوطة على ساعة، هي عملياً “الجَوْعَة” و”الشَّبْعَة” الأميركية – الإيرانية، كما على ساعة سوريا، والسّعي الروسي للوصول الى صيغة لبنانية مُريحة لمستقبل العُمق السوري.

فهل يتحوّل لبنان في القادم من الأيام والأسابيع، الى مادّة للتفاوُض الأميركي – الروسي حول أبعاد المستقبل السوري، بما يشعّب الأزمة اللبنانية أكثر، ويجعلها ضمن إطار أوسع من الأزمة الأميركية – الإيرانية؟ وماذا عن التحقيقات في كارثة انفجار مرفأ بيروت، التي يبدو أن أسباب عرقلاتها الخارجية تضيع في شكليات تقنية داخلية، لن تكون مُجدِيَة تماماً، بسبب فقدان النيّة الصّافية للوصول الى الحقيقة في هذا الملف، بحسب ملموسات كثيرة.

الى الفرنسيّين

شدّد مصدر مُطَّلِع على أن “الأسباب الخارجية المُعرقِلَة لتشكيل الحكومة ليست فعليّة بالمقارنة مع العقدة الداخلية المتمثّلة بما يريده باسيل، الذي أهمّ ما قد يكون تقصّد إيصاله من خلال كلامه أمس هو أنه مستعدّ لتسهيل المسار الحكومي مقابل حصوله على ضمانات حول رفع العقوبات الأميركية عنه. فهذا هو أبرز ما يرغب رئيس “التيار” بإسماعه الى الفرنسيين تحديداً، في مرحلة ما بعد خروج الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من “البيت الأبيض”.

ورأى في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أننا “ضمن مرحلة من اللّف والدّوران حول القضيّة الحكومية حالياً، على مستويات كثيرة. فالروس أوصلوا رسائل كثيرة الى “التيار”، والى باسيل، حول وجوب التوقُّف عن عرقلة تشكيل الحكومة. والفرنسيون يريدون تشكيل حكومة طبعاً، بالإضافة الى الإيرانيّين. وحتى إن الأميركيين ما عادت لديهم الممنوعات نفسها التي كانت متوفّرة أيام ترامب. فيما الإماراتيون والمصريون يعملون على خطّ التسهيلات الحكومية اللبنانية، بكلّ السُّبُل المُتاحَة أمامهم”.

لن يمنحه

وعن الموقف السعودي، قال المصدر:”السعودية داعمة لتشكيل حكومة لبنانية حالياً لكَوْنها ترغب بالحفاظ على الإستقرار في لبنان. وبالتالي، نجد أن لا موانع خارجيّة حقيقية تمنع تشكيل الحكومة، وأن المشكلة محصورة بأن باسيل يريد إما “الثّلث المعطّل” فيها، وإلغاء العقوبات الأميركية عنه، أو الحصول على وعد من “حزب الله” بأنه سيوصله الى رئاسة الجمهورية. وهذا ما لن يمنحه إياه “الحزب” حالياً، لأسباب كثيرة”.

وردّاً على سؤال حول أسباب عرقَلَة مسار الوصول الى الحقيقة في ملف انفجار مرفأ بيروت، أجاب:”بدأت التحقيقات المحلية في هذا الملف بطريقة خاطئة، وهنا لا نقصد المحقّق العدلي الذي لا يمكنه أن يفعل أكثر ممّا قام به، سواء كان هذا الشّخص أو ذاك”.

مشكلة أساسية

وأوضح المصدر:”انفجار مماثل لا يُحقَّق به هكذا، بل يجب تشكيل لجنة قضائية – أمنية – برلمانية – إدارية، تبحث عن أسباب حصوله، وما يتوجّب أن يحصل مستقبلاً. ففي الأمس القريب مثلاً، عُثِرَ على مواد خطيرة إضافية في مرفأ بيروت، كانت تسبّبت بمفعول قنبلة حقيقية لو انفجرت. وهذا ما يؤكد أن معالجة ما حصل في مرفأ بيروت لا تنحصر بالإنفجار فقط، ولا بخطوات بسيطة أو عاديّة”.

وختم:”لا جهات خارجية ستساعد لبنان على الوصول الى الحقيقة في هذه القضيّة، لأسباب كثيرة، منها لعبة المصالح. وبالتالي، نحن أمام مشكلة أساسية هي أن لا وجود لدولة لبنانية قادرة على التعامُل مع ملف مماثل”.

المصدر: “وكالة أخبار اليوم”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى