الأخبار : تفاصيل الملاحقة القضائيّة السويسريّة لرياض سلامة

كتبت صحيفة ” الأخبار ”  ان ” القضاء السويسري يواصل  التحقيق في قضية حاكم مصرف لبنان رياض ‏سلامة، المُشتبه به مع شقيقه، في اختلاس وتبييض أموال تصل قيمتها إلى ‏‏300 مليون دولار. شركات عدّة أسّسها سلامة، وحسابات فتحها في ‏سويسرا، وعقود “مشبوهة” موقّعة بين شقيقه ومصرف لبنان، كلّها ‏تفاصيل كشفتها النيابة العامة السويسرية للسلطات اللبنانية، طالبةً تعاونها ‏بسبب خطر تأثير ذلك على “الجمهورية” والبنك المركزي
|
‎في كانون الثاني الماضي، وُضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تحت مقصلة القضاء السويسري. هو مُشتبه ‏به، بالإضافة إلى شقيقه رجا سلامة، بجرم اختلاس أموال مصرف لبنان وتبييضها في سويسرا. ليس أمراً عابراً فتح ‏ملفات “فساد” لها علاقة بحاكم بنك مركزي، فهي حُكماً تعني ضرب صورة المصرف ومركزه وعلاقاته مع بقية ‏المؤسسات المالية العالمية. وترافق ذلك مع كشف الحاكم لمسؤولين رقابيين ومُقرّبين منه عن اقتناعه بأنّ “الغطاء ‏الأميركي” قد رُفع عنه. ثمّ، خفت فجأة الحديث عن القضية، إلى درجة أُوحي بأنّ الملفّ قد يُقفل بتسوية. إلا أنّ ‏التوقّف عن التداول بتفاصيل القضية ضدّ سلامة لا يعني طمسها. على العكس من ذلك، تؤكّد مصادر قضائية ‏ودبلوماسية سويسرية “استمرار التحقيقات بجدّية”. وتُضيف في حديث مع “الأخبار” إنّ التحقيقات الأولية تكشف ‏وجود عمليات “غسل أموال تعود أقلّه إلى عام 2002، وتُقدّر بأكثر من 300 مليون دولار”. الخيط الذي أسقط الستارة ‏هو عقد موقّع بين مصرف لبنان بشخص الحاكم وشركة‎ “Forry Associates LTD” ‎بشخص رجا سلامة، وهي ‏مُسجلة في الجزر العذراء البريطانية. العقد ينصّ على أنّ “الشركة وكيل لأدوات يُقدّمها مصرف لبنان، كسندات ‏خزينة وسندات الدين بالعملات الأجنبية وشهادات الإيداع…”. هنا بدأت المخالفة: يعقد سلامة، بصفته حاكماً لمصرف ‏لبنان، صفقة تمتد لسنوات مع شركة يرأسها شقيقه، تؤمّن للأخير أرباحاً من أموال مصرف لبنان العامة. مصاريف ‏‏”المركزي” مع الشركة المذكورة كانت تُحوّل إلى حساب مصرفي “في مصرف‎ HSBC ‎السويسري، عائد إلى رجا ‏سلامة”. ما بين 2002 و2015، وصلت إلى حساب‎ “Forry Associated LTD” ‎مبالغ بحوالى 334 مليون دولار ‏أميركي، مُرسلة من حساب واحد في مصرف لبنان، تُضيف المصادر. وقد حُوّلت مبالغ مالية إلى حساب رجا سلامة ‏أيضاً في مصرف‎ “HSBC ‎سويسرا”، الذي أرسل منه إلى “خمسة مصارف داخل لبنان مبلغ 207 ملايين دولار‎”.‎

سنة 2008 ظهر “أرنب” جديد. حساب مصرفي فُتح لدى مصرف “يوليوس بار” السويسري باسم شركة‎ ‎‎”Westlake Commercial Inc” ‎المُسجلة في بنما. الحساب مُسجّل باسم رياض سلامة. “المستندات التي ‏حصلنا عليها من المصارف المعنية، تُفيد بأنّ الحساب الجديد لدى يوليوس بار تلقّى بين 2008 و2012 أكثر من ‏‏7 ملايين دولار، حُوّلت من حساب شركة‎ Forry Associated”. ‎تلك السنة شهدت أيضاً “فتح سلامة لحساب ‏مصرفي باسم مصرف لبنان لدى يوليوس بار يحتكر التصرّف به رياض سلامة، وقد أمر الأخير المصرف ‏بتحويل سندات مالية سنة 2012 إلى بنك عوده سويسرا‎”.

في سنة 2011، ظهرت شركة جديدة مُسجلة باسم رياض سلامة هي‎ “SI 2 SA”‎، فتحت حساباً مصرفياً لدى ‏بنك‎ “EFG” ‎في سويسرا، حوّلت إليه شركة‎ Westlake Commercial Inc ‎مليون و600 ألف فرنك ‏سويسري”. وبين 2011 و2013، حُوّل إلى شركة‎ “SI 2 SA” ‎نحو 3 ملايين فرنك سويسري، قبل أن تدفع ‏الشركة عام 2019 7 ملايين و300 ألف فرنك سويسري لشركة‎ “Red Street 10 sa”. ‎الحساب المصرفي ‏يملكه رياض سلامة. إضافةً إلى حسابات شركات سلامة الثلاث‎: “RED STREET 10 SA” ‎و‎”SI 2 ‎SA” ‎و‎”Westlake Commercial Inc”‎، تملّك الحاكم حساباً لدى مصرف‎ “UBS AG” ‎تلقّى بين 2012 ‏و2018 ما مجموعه 7.5 ملايين دولار أميركي، حُوّلت جميعها من حساب في مصرف لبنان. تُضيف المصادر ‏السويسرية أنّ سلامة “فتح سنة 2016 حساباً باسمه لدى “كريديه سويس” حُوّل إليه بين 2016 و2019 أكثر ‏من 4 ملايين دولار من حساب يملكه هو في البنك المركزي”. ثمّ حوّل من حسابه لدى مصرف لبنان “أكثر من 5 ‏ملايين دولار إلى حساب لدى مصرف‎ Pictet CIE SA”. ‎كلّ هذه المبالغ “استُثمرت في شراء عقارات ‏وسندات”. يُذكر أنّ سلامة موظف رسمي يقبض راتبه بالليرة، وتحويله مبالغ إلى الخارج بالدولار تمّت إمّا ‏بشرائه الدولار من “السوق” أو من ودائع المصارف لديه، أي أموال المودعين‎.‎

ولكن ما هو دور ماريان حويك؟ تُجيب المصادر بأنّ مُساعدة الحاكم “تملك حسابين مصرفيين، أجرت تحويلات ‏مالية إليهما بين عامَي 2008 و2013”. الحسابان اللذان تملكهما حويك، وحسابات سلامة، “حُجز عليها بعد فتح ‏القضية. وقد حُجز على أصول سلامة في سويسرا، المقدّرة بعشرات ملايين الدولارات”. لكن السلطات ‏السويسرية لم تُثبّت “الشُبهة” على حويك، وهي تطلب الاستماع إليها كفردٍ صاحب موقع يُخوّله تقديم معلومات ‏‏”مُفيدة للتحقيق، وعلى أساسها إما تكون مُجرّد شاهدة أو مُشتبها بها”. في حين أنّ الاستماع إلى الأخوين سلامة ‏‏”سيتم بصفتهما مُشتبهاً بهما”. من الأساسي في هذه القضية التدقيق في كيفية اتخاذ القرارات داخل مصرف لبنان، ‏وصلاحيات الحاكم، وتفرّده باتخاذ قرارات مُعينة، واستغلاله منصبه لإجراء عمليات خاصة، وتحويل المبالغ، ‏وغيره… هل يتمّ الاستجواب في سويسرا؟ رياض سلامة أبدى رغبة في ذلك، “ولكن ليس بالضرورة، مُمكن أن ‏تتم التحقيقات في سويسرا، ويُمكن إجراؤها في لبنان وفق القانون السويسري أو اللبناني‎”.
ما المطلوب الآن؟ تعتبر المصادر السويسرية أنّ تعاون السلطات اللبنانية خطوة رئيسية، “ولا سيّما للتأكد ممّا إذا ‏كانت الجرائم تُسيء إلى لبنان ومصرف لبنان ككيان، كما أنّه مطلوب من لبنان تحديد ما إذا كان يريد مُصادرة ‏الأموال المُحتجزة في سويسرا أم لا‎”.

الوكالة الوطنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى