كيف أثر كورونا على ثقافة الاستهلاك بالخليج في رمضان والعيد؟

غيّر وباء فيروس كورونا المستجد من المعالم الاقتصادية لدول خليجية مع توقف الأعمال وانخفاض أسعار النفط مصحوباً بقلة الطلب عليه جراء التدابير الاحترازية المفروضة للحد من تفشي الفيروس بدرجة أكبر.

وكان ذلك مؤثراً على الأسر والعائلات في دول الخليج العربي، كما في عموم العالم، وتسبب الجلوس الطويل في البيت بتغير ثقافة الاستهلاك الاعتيادية إلى نوع من التوفير أو حتى التقشف لآخرين.

وتزامنت ذروة تفشي كورونا في الخليج مع حلول شهر رمضان المبارك، أواخر أبريل الماضي، واستمر ذلك إلى مايو الجاري وحلول العيد، اللذين يلازمهما عادة مصروفات أكبر من الأيام الاعتيادية.

تراجع الإنفاق
هذا العام كان استثنائياً على جميع المقاييس؛ فمع حظر التجول أغلقت معظم المهن والمحال والمطاعم والمقاهي والعديد من الشركات، خصوصاً المتعلقة بالسياحة، بالإضافة لفقدان الكثير لوظائفهم بسبب توقف العمل أو عبر فرض إجازات من غير راتب عليهم.

كما أدى تخفيض الإنفاق الحكومي وسياسات التقشف إلى تقليل الدعم الذي كان يناله الموظفون ببعض دول الخليج؛ كإلغاء بدل المعيشة، أو رفع نسبة الضرائب، فتغر تفكير المستهلكين بخصوص الأولويات والكماليات، رغم الإقبال على الاستهلاك مع بداية أزمة كورونا.

وفي الكويت اعتاد السكان أن يسحبوا الأموال من البنوك قبل عيد الفطر، والتي كانت تتجاوز قيمتها 120 مليون دينار (388 مليون دولار) لتوفير احتياجات العيد، إلا أن هذا الرقم شهد تراجعاً ملحوظاً هذا العام نتيجة لعدم وجود المجالات التي كانت تصرف فيها هذه المبالغ، سواء بالخروج للتنزه أو التسوق، علاوة على التراجع العام الذي أصاب مستويات الإنفاق العام في النصف الأول من الشهر الجاري، ولا يقل عن 16 مليون دينار (51 مليون دولار)، وفق صحيفة “القبس” المحلية.

وذكرت بيانات رسمية صادرة عن بنك الكويت المركزي، في 9 مايو 2020، تراجع إنفاق الكويتيين خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو 5 مليارات دولار.

وفي السعودية يشعر الكثير من المواطنين بالحنين لما تسميه الخبيرة بالشؤون السعودية كارين يانغ “العقد السحري” بين عامي 2003 و2014، عندما راكمت المملكة ثروة نفطية مذهلة انعكست في زيادة رفاهية مواطنيها.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، بداية مايو الجاري، إن الشركات تتوقع انخفاض مبيعات كل شيء؛ من السيارات إلى مستحضرات التجميل والأجهزة المنزلية.

فيما أوضحت “يانغ”، الباحثة في معهد أميركان إنتربرايز، أن “تكلفة المعيشة ارتفعت أكثر بكثير بالنسبة للأسرة السعودية المتوسطة، كما أن الآثار غير المباشرة.. (ستلحق الضرر) بنمو أعمال القطاع الخاص”.
كما أن بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما”، لفتت في 1 مايو 2020، إلى تباطؤ نمو إنفاق المستهلكين بالمملكة في الربع الأول بضغط من إنفاق شهر مارس الماضي، الذي تراجع 7.9% بعد تأثر الاقتصاد من الإجراءات الاحترازية جراء تفشي فيروس كورونا.

البحرين لم تكن بعيدة عن انخفاض نسب الاستهلاك؛ فقد أجرت صحيفة “أخبار الخليج” المحلية استطلاعاً كشف أن 65% من السكان اضطروا إلى تغيير عاداتهم الشرائية وسلوكياتهم الاستهلاكية خلال رمضان.

ونوهت الصحيفة بأن الجائحة تسببت بتغيير في العادات الشرائية؛ حيث خزن البعض السلع لفترات طويلة، كما تراجع شراء الوجبات من المطاعم مقابل الاعتماد على طعام المنازل.

كما تراجعت مبيعات سلع محددة في الإمارات والبحرين؛ مثل مبيع الأسماك، حيث قلت نسب شراؤها من الأسواق المركزية ما أدى إلى انخفاض أسعارها.

وازدادت نسب السلع المخفضة في قطر برمضان مع تراجع الاستهلاك، ما دفع إلى استقرار الأسعار وحصول تنافسية بين المجمعات التجارية، وفق وزارة التجارة والصناعة القطرية.

ويُرجح أن وجود حظر التجول في معظم الدول الخليجية، وعدم وجود أي من الزيارات بين الأهل والأصدقاء، بالإضافة لتضرر جزء كبير من الأفراد في استثماراتهم وأعمالهم، وتراجع معدلات الدخل، يجعل من عجلة الإنفاق في رمضان ومن ثم العيد متراجعة مقارنة مع العام الماضي.

كما أنها أصبحت مقتصرة على الأساسيات من طعام يومي، كما أن عدم الخروج من المنزل قلل من الحاجة لشراء الملابس، ما قلل من التوجه لشرائها في الفترة الحالية.

كما أن قلة الزيارات ستقلل من معدلات دفع العيدية، لأن العيدية الإلكترونية ليست فعالة، حيث إن أكثر الأطفال لا يوجد لديهم حسابات بنكية أصلاً.

كما أن الفترة الماضية شهدت تراجعاً في مبيع العديد من السلع؛ كالأدوات المنزلية والأثاث والسيارات والتحف والورود، ما يعني أن أزمة كورونا أثرت على جميع القطاعات في الخليج تقريباً.
ارتفاع الأسعار
كما أن ارتفاع الأسعار يرتبط بلا شك بضعف القوة الشرائية للمستهلكين في عدة دول خليجية، خصوصاً مع الإغلاق الحاصل خلال الأشهر الماضية.

وفي نهاية أبريل الماضي، كشفت بيانات رسمية أن أسعار المستهلكين شهدت ارتفاعاً على أساس سنوي بنسبة 1.3%.

وقالت بيانات المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون، في بيان صحفي، إن أهم المجموعات التي شهدت ارتفاعاً كانت هي مجموعة الأغذية والمشروبات بنسبة 0.8%، ومجموعة الملابس والأحذية 0.6%، ومجموعة الاتصالات 0.3%، ومجموعة الأثاث والتجهيزات المنزلية 0.1%.

وأشارت إلى أنه في المقابل انخفضت الأسعار في مجموعة الثقافة والترفيه بنسبة 3.2%، والتبغ 0.7%، والسلع والخدمات المتنوعة 0.4%، والنقل 0.3%، والصحة 0.2%، وكل من التعليم والمطاعم والفنادق 0.1% لكل منهما.

وأوضح المركز الإحصائي أن مجموعة النقل شهدت ارتفاعاً بنسبة 3.1%، ومجموعة الثقافة والترفيه 2.7%، وكل من مجموعة الأغذية والمشروبات ومجموعة التبغ 2.4% لكل منهما، في حين أن مجموعة التعليم ارتفعت بنسبة 1.2%، ومجموعة المطاعم والفنادق 0.8%، ومجموعة الأثاث والتجهيزات المنزلية 0.1%.

وفيما يتعلق بمساهمات المجموعات الرئيسية في التضخم الخليجي العام، في شهر فبراير الماضي، فقد ساهمت مجموعة الأغذية والمشروبات بنسبة 0.6 نقطة مئوية، ومجموعة النقل بنسبة 0.5 نقطة مئوية، وكل من مجموعة الثقافة والترفيه ومجموعة التعليم ومجموعة المطاعم والفنادق بنسبة 0.1 نقطة مئوية لكل منها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى