التحدي الأبرز أمام الوساطة العُمانية
ما هو البعد الخاص لدى وساطة مسقط الجديدة بعد أن ضاعفت حماقة الأزمة الخليجية الخسائر في جائحة كورونا، وانهيار أسعار النفط؟ ولا تزال هذه الأزمة تضرب المصالح الاستراتيجية وتعرض حدود الخليج العربي وجوهر استقراره لمواجهات حروب أو فوضى أمنية لا تبقي ولا تذر.
يدرك المراقب لسياسة عُمان أن مسقط تتعامل وفق مسارين استراتيجيتين في برنامج وساطاتها؛ الأول ضمان ألا يتأثر الحياد العُماني والعمق الداخلي والمسالمة الحدودية بأي تجاذب ليست مسقط مضطرة إليه، فهذا التوازن لعُمان ضرورة كبرى كرّستها سياسة السلطان الراحل قابوس، ومن المؤكد أن السلطان هيثم يعمل على الحفاظ عليها.
أما المسار الثاني فهو اطمئنان مسقط بأن أطراف الأزمة الذين تسير بينهم رسائل الوساطة يرحبون بالقدر الكافي لمواصلتها، وبالطبع هذا كله ينسق مع الجهد الكويتي المثابر لهذا الهدف، لكن دخول مسقط جاء أيضاً بعد إنهاك مستمر للكويت واستهدافها من محور أبوظبي، وتشجيع القاهرة للضغط عليها.
الترحيب من قبل الدوحة كبير وعميق، لكن المشكلة في الجانب السعودي، الذي أبدى مرونة مختلفة مع مسقط في العام الأخير للأزمة، رغم فوضى خطابه الإعلامي الذي لا يزال يتعرض لعمان، وعادة لا تلتفت مسقط لمثل هذه المضايقات، لكن المشكلة هو كيف يُثبّت التعامل مع الرياض في ظل الأحداث الكبرى التي تعيشها داخلياً في علاقات الأسرة الحاكمة، والتوتر الداخلي، ثم ارتداد فشل حرب اليمن، والصراع حول أسعار النفط.
ولكن هناك رأي يقول إن هذه الأحداث هي أيضاً -في ظل مآلاتها الصعبة- تفتح باباً قوياً لمسقط لإبرام وساطتها؛ من خلال قناعة اضطرارية يستيقظ عليها ولي العهد السعودي، ومن ثم يسعى لفتح بوابة خروج من الأزمة الخليجية تضمن له فيها وساطة عمان بروتوكولاً ومسلكاً دبلوماسياً للتسوية.
لكن التحدي الآخر هو في تدخل أبوظبي صاحبة القرار الأقوى في السعودية، وقلب كل المساعي، وقد لا نعرف كيف ستحيد مسقط أبوظبي بإرضاء اضطراري لظروف الإمارات، أو لتغير في ميزان القرار السعودي، وهي رحلة صعبة جداً، لكن مُضي خبرة عمان المخضرمة فيها يفتح بوابة أملٍ لإنقاذ ما تبقى من الخليج العربي.