أحمد قبلان: يجب كفّ يد الطبقة الفاسدة التي شاركت بالفساد
وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة إلى اللبنانيين بمناسبة حلول شهر رمضان، معتبرًا أنه “لا أدري ماذا أقول، أأقول كل عام وأنتم بخير، أم أقول أعظم الله لكم الأجر، لأننا أمام كارثة مدوّية، كارثة شعب مظلوم وبلد منهوب، وسلطات سياسية مالية متعاقبة نهبت البلد وناسه حتّى الإفلاس والفقر الشامل والمدقع”.
ولفت قبلان الى ان “اللبناني اليوم مذلول بشكل لا سابق له، مذلول أمام مافيات النفط، والغاز، والمصارف، والأفران، وتماسيح السلع والأسواق والدولار، وسط عتمة ونفايات وسيطرات مالية وانهيارات شاملة، وجرائم اجتماعية نفسية، وجوع وبطالة وقلق وخوف وتسوّل لا سابق له بتاريخ هذا الشعب المظلوم”.
وتابع :”بلد دخل عليه أكثر من ألف مليار دولار، لينكشف عن أكبر وأخطر سرقة في التاريخ، واليوم المسلم والمسيحي جائع منهوب مكروب، في بلد تمّ نهبه بالسياسة والمال، فيما مشروع الدولة يلفظ أنفاسه, ووزارات اجتماعية ومعيشية أشبه بمقابر، وقرار سياسي عاجز للغاية، وقيادات وزعامات قدّمت نفسها على أنها فرصة التاريخ، فإذا بها تتحوّل عبئاً على التاريخ والشعب والدولة”.
واضاف :”لا صيام لطاغي سياسة، أو مال، كذلك لا صيام لتابعِ فاسد، أو محبّ لفاسد أو ساكت عن فاسد، أو مجيِّر لفاسد أو بوق لفاسد أو ساكت عن حق، أو مخالف لحق، أو منتفع على حساب الحق، أو هارب من ساحات إحقاق الحق، ولا صيام لمن لا يجنّد نفسه في سبيل حق هذا البلد وإنسانه، ليستعيد أمانة الله بالبلد والدولة والناس، والساكت عن الحق شيطان أخرس”.
وشدد على ان “الكارثة الكبرى التي يعاني منها لبنان تحتاج إلى تغيير انتظام سياسي كبير، تغيير جذري تاريخي لأن التجربة السياسية الفاسدة كشفت البلد عن ضعف ونهب ومزرعة وعن شركات احتكارية طالت كل شيء وسط بلد يحتضر، وشعب يأكله الفقر والبطالة والقهر والبؤس بشكل كبير،ولذلك، يجب البدء بالتغيير وكفّ يد الفاسد عبر خيار سياسي كبير، والانتخابات على الأبواب”.
وتابع :”نعم، للشعب أقول: لا تخافوا، إكسرواحواجز الوهم والخوف، غيّروا، بدّلوا، لا تقبلوا عذراً من فاسد، أو تبريراً من مستبد، وتذكروا التجربة الفاسدة للطواقم التي كشفت البلد عن إفلاس تاريخي طال الشعبوالدولة والسلطة. وهذا يلزم منه إرادة شعب حرّ بعيداً عن أوكار السفارات والوكالات وأقنعتها، وكلنا نعرف تفاصيل أقنعة الأمم ووكالاتها، لأن لبنان لا يعيش إلا بناسه ومكوّناته وشراكته التاريخية وقادته ومشروع دولته الضامن، ما يفترض التمييز بشدة بين قادة الفساد وقادة العطاء والعدل والتضحية والعيش المشترك والسلم الأهلي، الذين يعيشون بين الناس وأحزمتهم البائسة، ويتحسسوا جوعهم ووجعهم وهمومهم وقلقهم وتعاسة أيامهم، وانهيار دولتهم، قادة لم يتغيّروا ولن يتغيّروا، فقدموا وضحوا وما زالوا يقدمون ويضحون. وكشعار رئيسي في شهر رمضان، وكخيار حاسم لله سبحانه وتعالى، نقول: يجب كفّ يد الطبقة الفاسدة التي شاركت بالفساد، يجب الخلاص من الفاسد والمستبد والإقطاعي، ولا رب لمن زعيمه فاسد، ولا دين لمن دينه إقطاعي مبتز، ولا صلاة لمن لا يشارك بعملية التغيير الكبيرة لإنقاذ البلد من الكارثة الكبيرة، ولا صيام لمن لا يعلن براءته من الزعيم الفاسد والطبقات الفاسدة، وهو نفسه شعار الإمام السيد موسى الصدر الذي أكّد أن الأوطان أمانة الرب والناس، والزعيم زعيم ما عاش هموم الفقراء، وتقلّب بين أحزمتهم وأكواخهم، فإذا تنكّر لشعبه وناسه يجب التنكّر له والوقوف بوجهه وإعلان البراءة منه، والمعيار رفاهية الشعب لا رفاهية الحكام، والعدالة شبع الناس، لا شبع كارتيلات المصارف وحيتان الأسواق والمال وجماعة المزارع السياسية، والنهوض يمرّ بتعليم طلاب لبنان خاصة طلاب الخارج لا تعليم أولاد جماعة المزارع والمصارف وحاكم المركزي وسلالات الزعامة التي تعيش على الأنا والعائلة والوثنية الشخصية. والميزان، أكواخ الفقراء التي ملأت لبنان لا القصور التي تمّ بناؤها من صفقات البلد ودموع الناس المقهورة”.
وراى ان “الأساس اليوم وغداً حكومة إنقاذ وطني بعيداً عن أنياب المزارع والاقطاعيات، حكومة شعب وبلد وعيش مشترك وسلم أهلي، ومشروع دولة جامع وضامن وعادل، وضمن هذا الإطار يجب إنقاذ البلد سريعاً عن طريق حكومة طوارئ إنقاذية، ولا يجوز أن يكون مفتاح الحل بيد من لم يكتو بنار الجوع والذل والمهانة أمام جمهوريات المصارف والأفران والتعاونيات ومحطات المحروقات ومولدات الكهرباء وأوكار الدولار والاحتكار وباقي ذئاب المحميات السياسية، والمطلوب بشدة أن تجوع الطبقة السياسية حتى تعرف معنى الجوع علّها تفتش عن حل إنقاذي عبر حكومة إنقاذية تشبه الشعب الجائع لا الطبقات التي نهبت البلد والمؤسسات، وموارد الناس.
المعادلة الآن لمن يريد الإنقاذ، حكومة إنقاذ أو شعب منقذ، بعيداً عن لعبة السفارات والغرف المدفوعة، لأن تاريخ أجهزة العالم في هذا البلد دموي أسود للغاية”.