نظام مالي جديد يلوح في الأفق اللبناني
يتساءل الكثيرون اليوم “ماذا بعد جهنم؟”. نعم، أكثر ما يواجهني من أسئلة في هذه الأيام هو السؤال التالي “إنه يا أخي ما نحنا صرنا في جهنم وبعدين شو رح يصير؟”. الجواب أسهل مما يتوقعه البعض، ولكن قبل ذلك، فليسمح لي المستعجلون على جهنم بأن أستعير عبارة الصديق الأستاذ ربيع الهبر “بعدنا باللوج”، لأزيد عليها اننا ما زلنا تحديداً في الثلث الأول من الطريق.
القسم الأول، سياسي – إقتصادي: وهو ينتظر دون أدنى شك الحلول الدولية والإقليمية التي ستصب في واحد من ثلاثة احتمالات:
– عدم توصل الدول الكبرى والقوى الاقليمية الى اتفاق حول لبنان = سيناريو فنزويلا أو الزيمبابوي، حيث لا أفق.
– سماح القوى الاقليمية للبنان بترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي = سيناريو الأرجنتين وحالها مع صندوق النقد، الذي يعود إلى دعم الاقتصاد الأرجنتيني مرحلياً كلما انهار بصورة دورية.
– سماح القوى الاقليمية للبنان بالدخول ضمن اتفاقيات السلام = سيناريو الاقتصاد الاردني، الذي يتماسك على الحافة دون السماح بانهياره.
القسم الثاني، نقدي بحت: وهو لا ينتظر أي من الجهات الدولية أو الاقليمية، حيث أننا متجهون إليه في جميع الأحوال
– مع تواصل انهيار الليرة سنصل في العام 2023 إلى مرحلة سيَشترط فيها التجار قبض مستحقاتهم بالدولار النقدي حصرياً، ومن يخالفني الرأي فليذهب منذ اليوم الى ميكانيكي سيارته ويقترح عليه دفع ثمن قطع الغيار بالليرة ولو على سعر السوق وحتى فوق سعر السوق. لقد فوجئت يوم أمس بإدارة المبنى حيث أقطن تجبرني على دفع قسم من مصاريف الصيانة بالدولار النقدي، وقد تفهمت ذلك بعد أن تبين لي أن بعض المشتريات لا يمكن دفعها إلا بالدولار النقدي ومسبق
– العديد من الشركات بدأت تدفع قسم من الرواتب بالدولار الطازج.
– من يراقب تطور النظام المصرفي يلاحظ بأن حسابات الدولار الطازج أخذت بالتوسع وحسابات الدولار اللبناني بدأت بالانحسار تدريجياً.
– أسعار صرف الليرة المعتمدة من مصرف لبنان، تتأقلم حالياً مع السوق الحقيقية للدولار، وليس العكس، وهذا ما حدث تماماً خلال أزمة الجنيه المصري ما بين 2016 و 2018.
– التعميم الأخير لمصرف لبنان رقم 158 حدَّد مصير الحسابات بالدولار اللبناني للسنوات القادمة (كي لا أقول حتى الانتخابات النيابية)، تاركاً التعليق لمن يُجيد القراءة بين السطور.
الخلاصة: بعد جهنم (وأكرر نحن في الثلث الأول من الطريق)، نظام مالي جديد مبني على الدولار الطازج، أما النظام المالي السابق فسينحسر عبر تحويل الدولار اللبناني الى ليرة تدريجياً. والخطر الأكبر يكمن في عدم قبول اللبنانيين مستقبلاً قبض الليرة ولو على سعر السوق الحقيقية (التي أسموها عن خطأ السوق السوداء).