“نورس آسيا”.. كيف تفاعل الوسط الرياضي الخليجي مع رحيل أحمد راضي؟
رفجع الوسط الرياضي في العراق والخليج والوطن العربي بخبر وفاة أسطورة كرة القدم العراقية أحمد راضي، الذي وافته المنية صباح الأحد (21 يونيو)، متأثراً بالإصابة بفيروس كورونا المستجد.
ولم تكد الأسرة الرياضية العراقية تستفيق من وفاة اللاعب الدولي السابق والمدرب علي هادي الذي توفي من جراء الفيروس التاجي القاتل، حتى صُدم بشدة إثر الإعلان المفاجئ عن وفاة “راضي”، الذي كان يُلقب بـ”نورس آسيا”، حيث نزل الخبر كالصاعقة وترك حزناً ولوعة كبيرة على محبيه من المحيط إلى الخليج.
ومنذ اللحظات الأولى للإعلان عن وفاة أسطورة الكرة العراقية توشحت منصات التواصل الاجتماعي بالسواد، حيث نعت راضي، المعروف بدماثة خلقه وتواضعه الجم، في مشهد بدا إجماعاً كاملاً على “الرجل المحبوب”، الذي ترك مسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات فوق “المستطيل الأخضر”، علاوة على سيرة طيبة خارجه “شهد لها القاصي والداني”.
البيت الخليجي وقف وقفة رجل واحد بعد الإعلان عن وفاة راضي، وسارعت الاتحادات الكروية في مجلس التعاون، إلى جانب الإعلاميين والرياضيين لنعي صاحب هدف العراق الوحيد في نهائيات كأس العالم التي أقيمت في المكسيك عام 1986.
رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة، نعى راضي الذي توفي عن عمر ناهز 56 عاماً، وقال إن أسرة كرة القدم الآسيوية تشعر بحزن كبير لوفاة “أحد أهم رموز كرة القدم العراقية”.
وفي تصريح عبر موقع الاتحاد الآسيوي للعبة، وصف “آل خليفة” النجم الراحل بأنه “أيقونة للرياضة في بلده”، مؤكداً أن “مساهماته خالدة ستبقى في أذهان عشاق كرة القدم بقارة آسيا”، مجدداً التعبير عن حزنه الكبير لـ”فقدان شخصية رياضية ملهمة للأجيال المتعاقبة في الكرة العراقية”.
بدوره قدّم الاتحاد القطري لكرة القدم، بقيادة الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، “تعازيه لأسرة النجم العراقي وكل الجماهير العربية والعراقية بوفاة أحمد راضي”.
بدوره ترحم تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الرياضة السعودية ورئيس الاتحاد العربي لكرة القدم سابقاً، على أحمد راضي، وقال إنه “كان على خلق عالٍ وأدب كبير وشجاعة”.
ونقل الحساب الرسمي لاتحاد الكرة الإماراتي على لسان رئيسه راشد بن حميد النعيمي قوله: “خالص التعازي وصادق المواساة لأسرة كرة القدم العراقية والعربية في وفاة الأسطورة أحمد راضي”، سائلاً الله أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان.
كما نعاه الإعلامي الرياضي السعودي وليد الفراج، إذ قال: “لقد أحببته لاعباً موهوباً في منتخب العراق بالثمانينات والتسعينات”، ثم ناشد بالدعاء لـ”الرجل المؤدب ابن بغداد”.
وبعد ساعات قليلة، خرجت الأسرة الرياضية القطرية بمبادرة مشروع حفر بئر في ثواب الكابتن أحمد راضي، وأُعلن عنه عبر موقع جمعية “قطر الخيرية”، وفق ما أعلنه رئيس القسم الرياضي بصحيفة “العرب” القطرية، علي عيسى.
وبحسب اطلاع “الخليج أونلاين” فإن المشروع يهدف إلى توفير المياه الآمنة للشرب لتجمع سكاني في الهند يعاني من عدم توفر المياه الصالحة للشرب يضم بين 500 و5000 شخص، ومن المتوقع إنجازه خلال 12 شهراً، بقيمة 20 ألف ريال قطري (5493 دولاراً أمريكياً).
أما عن النتائج المتوقعة لهذا المشروع فإضافة إلى توفر الكمية الكافية من المياه الصالحة للشرب على مدار اليوم، فإنه من المؤمل انخفاض معدل الإصابة بالأمراض الناتجة عن عدم توفر المياه أو استخدام المياه الملوثة، علاوة على زيادة نسبة الوعي الصحي في مجال المياه.
وفي تعليقه على الحزن الخليجي العارم على رحيل “راضي”، أثنى الصحفي الرياضي العراقي إياد الصالحي على مشاطرة الاتحادات الكروية الخليجية أحزان الوسط الكروي العراقي.
وأضاف رئيس القسم الرياضي في صحيفة “المدى” العراقية، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن رحيل لاعب القرن العشرين في العراق أحمد راضي بسبب جائحة كورونا يؤكد أن نجوم اللعبة “يظلّون قناديل الأزمنة التي تضيء للأجيال دروب المنافسات بروحية الفرسان”.
وأشار إلى أن “تاريخ اللعبة في كأس الخليج وآسيا والمونديال شهد منجزات باهرة للأسطورة راضي مثله مثل السعودي ماجد عبد الله، والقطري منصور مفتاح، والإماراتي عدنان الطلياني، والكويتي جاسم يعقوب وغيرهم”.
ولفت النظر إلى أن كل ذلك يفسر “مساحة الحزن الكبيرة في قلوب محبي أحمد راضي أحد أفضل لاعبي آسيا؛ لكونه أمثولة في الخلق والمهارة”.
وبيّن عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية أن تلك الصفتين “تعمد الاتحادات الخليجية على تنميتها لدى اللاعبين الواعدين عملاً على نهج سلفهم صانعي الكرة الجميلة الثمانينية على صعيد الإدارة والتخطيط والاستراتيجية الفنية”، من أجل “استمرارها إلى مديات تصل بالمنتخبات نحو قمم كبرى البطولات.
ولد في 21 أبريل 1964، وبرزت مواهبه مبكراً، وتألق مع ناديي “الرشيد” و”الزوراء”، وقاد “أسود الرافدين” إلى مونديال المكسيك 1986، وهو الوحيد الذي شارك فيه المنتخب العراقي، وبصم على هدف بلاده الوحيد أيضاً في تلك البطولة، والذي جاء في شباك نظيره البلجيكي.
لقبته الصحافة المحلية بـ”النورس الساحر” و”نورس آسيا”، وقاد منتخب بلاده للتتويج ببطولتي كأس الخليج، عامي 1984 و198 عندما تُوّج بجائزة أفضل لاعب في القارة الآسيوية.
وبعد اعتزاله “الساحرة المستديرة” اتجه راضي إلى عالم التدريب، وعمل مدرباً لمنتخب الناشئين، كما أشرف على تدريب فريق الشرطة و”القوة الجوية”، بالإضافة إلى نادي الزوراء.
ثم اقتحم النجم العراقي الراحل العمل الإداري بشغله منصب رئيس نادي الزوراء بين عامي 2003 و2006، حيث غادر النادي بسبب تداعيات غزو العراق، وما تبعه من متغيرات على المشهد برمته.
وفي عام 2007 دخل أحمد راضي مجال السياسة، وأصبح عضواً في مجلس النواب العراقي عن كتلة التوافق، وشغل عضوية لجنة الشباب والرياضة في المجلس، كما ترشح لرئاسة الاتحاد العراقي لكرة القدم في يونيو 2011 قبل انسحابه.
بسبب القيود التي فرضتها أزمة كورونا هذا العام، اضطر راضي للبقاء في بغداد بعيداً عن عائلته التي تقيم في العاصمة الأردنية عمّان، وذلك بعد إغلاق الحدود البرية وتوقف رحلات الطيران الدولية.
تعرض “النورس الساحر” مؤخراً لارتفاع مفاجئ بدرجة الحرارة وضعف حاد في جسده، ما أدى إلى نقله للمستشفى في 13 يونيو 2020، لتثبت الفحوصات إصابته بالفيروس التاجي.
وبعد تحسن حالته نسبياً خرج اللاعب من المشفى لكنه تعرض لانتكاسة قوية دفعت الطبيب المشرف على علاجه لنقله مرة ثانية إلى مستشفى النعمان في بغداد، علماً أن الترتيبات اكتملت لإجلائه جواً إلى عمّان لاستكمال علاجه.
وكان “راضي” قد ناشد قبل أسابيع، العراقيين بضرورة البقاء في المنزل خشية الإصابة بفيروس كورونا وللحد من انتشاره، خاصة أن العراق لا يمتلك أجهزة تنفس كافية.