خطاب جعجع تحت المجهر!
رسائل علنية.. ما بين سطورها رسائل ضمنية
عاد خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في مناسبة قداس شهداء المقاومة اللبنانية إلى تحت مجهر القوى السياسية لتفكيك رموزه ورسائله بعد موجة الضجيج في ردود الفعل العشوائية التي أثارها على مواقع التواصل الإجتماعي.
خطاب جعجع في هذه المناسبة يحمل عادة دلالات استثنائية ويشكّل بانوراما شاملة تتطرق إلى سائر شؤون وشجون الوطن والمواطن كما يُعتبَر خارطة طريق حزبية، وخطاب هذا العام تطرّق إلى استحقاقات إضافية تنتظرها القوات منذ ثورة “١٧ تشرين” لناحية إعادة تكوين السلطة بعد فشل محاولات إسقاط المجلس النيابي بالإستقالات القاتلة لفرض انتخابات نيابية مبكرة.
المراقبون الذين اعتبروا خطاب جعجع العالي النبرة والشديد الوضوح في تحديد المسؤوليات جاء رداً على استهداف القوات ومحاولات توريطها بما لا علاقة لها به ليؤكد أن القوات ليست بوارد الرضوخ لحملات الترهيب كما أن زمن شيطنة القوات قد ولّى إلى غير رجعة.
المراقبون توقفوا بشكل خاص عند ما قاله جعجع في جزئية مخاطبة الجمهور السيادي والإصلاحي في ثورتَي “الأرز” و “١٧ تشرين” لاستشراف ما لم يقله جعجع في هذا الشأن والذي تؤكده أوساط مطلعة حول حوار جاد بدأ بين القوات اللبنانية ومجموعات من الثورة ووصل إلى مرحلة متقدمة وبعد الخطاب بلغ مرحلة متقدمة جداً من التوافق على مبدأ التحالف في الإنتخابات النيابية القادمة.
الأوساط أكدت أن مجموعات الثورة أدركت صعوبة مواجهة قوى المنظومة الحاكمة في الإنتخابات ما لم تتعاون وتستند إلى قوة فاعلة غير متورطة في ملفات فساد جدية، ولديها حيثيتها الشعبية في الشارع المسيحي وتملك خبرة كبيرة في إدارة المعركة الإنتخابية، كما أن القوات تحظى برضى شعبي في الشارعين السني والدرزي يمكن ترجمته سياسياً، كما أن مخاطبة البيئة الشيعية تدخل في هذا الإطار لطمأنة هذه الطائفة إلى دورها ومكانتها في النسيج اللبناني.
يشكّل الحوار القواتي-الثوروي اعترافاً بأن الشارع المسيحي منقسم بين قوتين أساسيتين هما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر مع كامل الإحترام والإعتراف بالقوى الأخرى، ولكن لا بد من التحالف مع إحدى القوتين لتحقيق نتائج تغييرية حقيقية.
رئيس القوات من جهته أطلق رسائل علنية أمكن قراءة ما بين سطورها رسائل ضمنية، حددها المراقبون بالمواقف التالية:
أولاً، إبداء الأسف على ما آلت إليه النوايا الإنقاذية في تأييد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وانعكس هذا الموقف ارتياحاً لدى مجموعات الثورة رغم عدم الإعلان عن اعتذار، ولكنه شكّل قاعدة يمكن البناء عليها.
ثانياً، التأكيد على عدم وجود غطاء قواتي سياسي لأي من المواقع الرئاسية لدحض اتهامها بتغطية رئاسة الجمهورية طائفياً.
ثالثاً، مخاطبة جمهور الثورة مؤكداً قرب القوات من جميع الأهداف والشعارات التي ترفعها وما المشاركة المكثفة والفاعلة للقواتيين في فعاليات ثورة “١٧ تشرين” إلا دليل على وحدة الحال التي تأثرت سلباً باختراق مجموعات يسارية صوّبت على القوات لأهداف سياسية لا علاقة للثورة بها.
وختمت الأوساط بالتأكيد على أن خطاب جعجع لم يكن سوى البداية وستتبعه جملة مواقف وتطورات بالتنسيق بين الطرفين بعد تعزيز أجواء الثقة بينهما وانتقال الحوار من الغرف المغلقة إلى التنسيق المباشر وسقوط الشروط والشروط المضادة والخطوط الحمر مع إمكانية استقالة نواب القوات اللبنانية إذا كان هذا الأمر من شأنه أن ينعكس إيجاباً في الشارع وليس لمجرد أن تكون الإستقالة خطوة شعبوية، ودعت الأوساط إلى انتظار مفاجآت ستربك المنظومة الحاكمة لا يُستبعَد أن تتضمن العودة إلى الشارع.