آثار «قيصر» تكذّب «الاستثناءات» الأميركية
عملياً، لا تستثني عقوبات قانون «قيصر» أيّ منطقة في سوريا. تصريحات المسؤولين في «الإدارة الذاتية» الكردية تثبت أن الاستثناءات إعلامية فقط، فيما تُظهر الاحتجاجات في مناطق عملية «نبع السلام» أن العقوبات ألحقت ضرراً بالغاً بالسكان هناك
الحسكة | لم تمضِ بعد عشرة أيّام على تطبيق قانون «قيصر» الأميركي ضدّ سوريا، حتى بدأت الاحتجاجات الشعبية في مناطق عملية «نبع السلام» التي تسيطر عليها تركيا، نتيجة تأثر سكانها بالعقوبات الجديدة، شأنها شأن مناطق سيطرة «قسد». الأخيرة، وعلى رغم تأكيد ممثل وزارة الخارجية الأميركية في سوريا، وليام روباك، أنها «مستثناة من الإجراءات الخاصة بتطبيق قيصر»، إلا أن السكان هناك لا يلمسون أيّ انعكاسات لذلك الاستثناء، إذ سرعان ما سُجّل انخفاض في قيمة الليرة أمام الدولار، أدّى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وتراجع حادّ في القوة الشرائية لدى الأهالي. ويُعدّ استثناء مناطق محدّدة من تطبيق القانون شبه مستحيل، في ظلّ وحدة الأسواق والمنتجات، وبقاء الليرة الوطنية أساس التعامل الاقتصادي الداخلي بشكل عام، باستثناء دخول الليرة التركية أخيراً على الخطّ، في مناطق سيطرة الفصائل المدعومة من أنقرة، ومنطقة إدلب.
في مدينة الحسكة، التي تعدّ عاصمة « الإدارة الذاتية»، يتجوّل أبو أحمد في سوق لبيع المواد الغذائية بحثاً عن أرخص الأسعار الممكنة. يقول أبو أحمد، الذي عاد منذ أيام من رحلة علاجية من دمشق، في حديث إلى «الأخبار»، إن «هناك فروقات واضحة في الأسعار بين دمشق والحسكة، بسبب تكاليف النقل التي تؤدي إلى زيادة في سعر السلعة في الحسكة». ويلفت الرجل إلى أن «معاناة الحسكة مضاعفة في تأمين المواد الغذائية والخضر والأدوية بسبب بعدها الجغرافي عن مناطق الإنتاج»، واصفاً التصريحات الأميركية حول استثناء الحسكة، كواحدة من مناطق شمال وشرق سوريا، من العقوبات، بـ«الكاذبة».
توصيف مشابه يذهب إليه أيضاً الرئيس المشترك لـلمجلس التنفيذي لـ«الإدارة الذاتية»، عبد حامد المهباش. إذ يؤكد، في تصريح إلى «الأخبار»، أن الحديث الأميركي عن الاستثناءات «مجرد تصريحات إعلامية لا وجود لها على أرض الواقع»، مضيفاً إن «التداعيات واقعة وسلبية على المنطقة وسكانها». ويلفت إلى أن «الإدارة الذاتية كانت تأمل أن لا يُطبّق هذا القانون لتداعياته السلبية على كامل البلاد»، مشيراً إلى أن «تطبيقه أدى إلى تداعيات سلبية على عموم الشعب السوري، بما فيه شعب مناطق شمال وشرق سوريا، لكونها تتعامل بالعملة الوطنية السورية». ويكشف رئيس «الذاتية» أن «الإدارة تعمل على اتخاذ إجراءات تخفف من تداعيات القانون على السكان في شمال وشرق سوريا، مع محاولة مساعدة بقية الشعب السوري».
ولا يبدو الواقع مغايراً في المناطق التي يحتلّها الجيش التركي والفصائل الموالية له، والممتدة من أرياف حلب، مروراً بريف الرقة وحتى مدينة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي. وتتجلّى تداعيات العقوبات في تلك المناطق في غلاء المعيشة، والذي أدى إلى تزايد وتيرة التظاهرات الرافضة لاستبدال العملة التركية بالعملة السورية. وشهدت مدينتا رأس العين وتل أبيض وبلدتا سلوك وأبو حمام في أرياف الرقة والحسكة، على مدار الأسبوع الفائت، احتجاجات على ارتفاع سعر الخبز وسلع استهلاكية أخرى. وتؤكّد إحدى قاطنات رأس العين، في اتصال مع «الأخبار»، أن «المنطقة تشهد احتجاجات يومية، بعد رفع سعر ربطة الخبز (8 أرغفة) من 200 ل. س إلى 400 ل. س». وتُبيّن أن «اعتماد الليرة التركية بدلاً من الليرة السورية في بيع الخبز سبب رئيس في الغلاء، ما جعل السكان يرفضون شراءه بالليرة التركية». بدوره، يقول أحد سكان تل أبيض إن «المدينة تعيش أياماً سوداء في ظلّ تحكّم المسلحين بكل مناحي الحياة»، مؤكداً أن «الأمان شبه مفقود، مع انتشار الخطف والسلب والنهب، وفرض إتاوات على المحاصيل الزراعية». ويضيف الرجل إن «المدينة شهدت عدة احتجاجات أمام مقرّ المجلس المحلي، احتجاجاً على ممارسات الفصائل، وسوء الوضع المعيشي»، لافتاً إلى أن «السكان يرفضون فكرة اعتماد الليرة التركية كبديل للتعامل التجاري من الليرة السورية».