العلماء: موطن الأتروسكان سهول منطقة البحر الأسود وبحر قزوين
كانت سهول منطقة البحر الأسود الموطن الأول لشعب الأتروسكان القديم.
توصل إلى هذا الاستنتاج العلماء من خلال مقارنتهم لبنية الحمض النووي للأتروسكان القدماء وجيرانهم.
وقال الأستاذ في جامعة فلورنسا وأحد أصحاب الدراسة دافيل كاراميلي: “وفقا لنتائج دراستنا، فإن شعب ألتروسكان كان من نسل قبائل الهندو أوروبية التي غادرت أسلافها منطقة سهول البحر الأسود في مطلع العصر البرونزي، ثم فقدت لغتها بعد وصول شمال إيطاليا، الأمر الذي يلقي بظلال الشك على الاعتقادات الراسخة المفيدة بأن جينات الشعوب ولغاتها متقاربة.
يذكر أن الأتروسكان هم شعب قديم عاش في شمال إيطاليا المعاصرة في الألفية الأولى قبل الميلاد. وقد عرف العلماء بوجودهم ودينهم وتقاليدهم من روايات الرومان القدماء، الذين كانوا حتى عام 509 قبل الميلاد تحت حكم الملوك الأترورية. وبعد الإطاحة بهذه السلطة، استوعبت روما تدريجيا الأتروسكان.
ولا يستطيع العلماء إلى حد الآن فك رموز كتابة هذا الشعب القديم ومعرفة جوهر آثار حضارتهم لعدم وجود معلومات متكاملة حول كيفية نشوء الأتروسكان ومَن كانوا أقرب أقربائهم في الماضي.
وحصل كاراميلي وزملاؤه على أول معلومة من هذا القبيل من خلال إعادة بناء جينومات 86 شخصا من سكان إيطاليا القدامى. واكتشفت رفاتهم في إقليم إتروريا والعديد من المناطق في جنوب شبه جزيرة أبينين. وينتمي نصفهم تقريبا إلى الفترة الأترورية من التاريخ الروماني القديم، والباقي إلى عصور تاريخية سابقة أو لاحقة.
ومن أجل معرفة التاريخ الجيني للأتروسكان، قارن العلماء بنية الحمض النووي الخاص بهم بجينومات جيرانهم الإيطاليين، وكذلك الشعوب القديمة الأخرى، بما في ذلك الشعوب الهندية الأوروبية الأولى في أوراسيا، وآخر الصيادين وجامعي الثمار في أوروبا، وسكان بحر إيجة.
يذكر أن المؤرخين القدماء طرحوا فرضيتيتن رئيسيتين لأصل الأتروسكان. واعتقد هيرودوت، شأنه شأن غالبية الباحثين المعاصرين، أن منطقة إتروريا كان يقطنها مهاجرون من الأناضول أو شواطئ بحر إيجه. فيما اعتقد ديونيسوس من هاليكارناسوس والعديد من العلماء المعاصرين أن الأتروسكان كانوا من الشعوب الأصلية لشمال إيطاليا.
ومع ذلك، فإن البيانات الجينية أظهرت أن التاريخ الحقيقي لأصل الأتروسكان أكثر تعقيدا مما افترض المؤرخون. ووفقا لاستنتاجاتهم، كان جيران الرومان القدامى قريبين جدا من الإيطاليين من وجهة نظر وراثية، على الرغم من اختلاف الكتابة واللغة والثقافة تماما. وفي الوقت نفسه، لم يجد العلماء أية أدلة على ارتباط الأتروسكان بالمهاجرين من الأناضول أو سكان شواطئ بحر إيجه.
وفي المقابل، تبيّن أن الأتروسكان هم الأقرب في هذا الصدد من شعبيْن مختلفين تماما، وهم السكان الأصليون لجزيرة سردينيا، وكذلك من أحفاد السكان الأصليين في البحر الأسود وسهوب بحر قزوين، وممثلي ما يسمى حضارة (اليمنايا)،أسلاف جميع شعوب الهندو أوروبية على الأرض.
وتؤكد هذه الميزة في جينوماتهم، حسب كاراميلي وزملائه ، الحقيقة التي تفيد بأن الأتروسكان كانوا شعبا هنديا أوروبيا غريبا توغل في شمال إيطاليا في الألفية الثانية قبل الميلاد واستوعب حضارة ولغة القبائل المحلية. وكيف ولماذا حدث ذلك؟ لا يستطيع العلماء القول حتى الآن.
ويأمل الباحثون أن تقدم الحفريات اللاحقة واكتشافات الآثار الحضارية الأترورية إجابة عن هذا السؤال.