أزمة جديدة تلوح في الأفق في الصين.. ستؤثر على الاقتصاد العالمي
في الوقت الذي تتابع فيه الأسواق من كثب الوضع المحيط بالإفلاس المحتمل للعملاق العقاري “إيفرغراند” تلوح في الأفق في الصين أزمة في قطاع آخر من مجال الطاقة.
ويحذر خبراء من أزمة نقص الطاقة الكهربائية في الصين، كذلك يحذرون من تداعيات تعرض الصين، ثاني اقتصاد في العام، لصدمة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.
ووفقا لتقرير نشرته وكالة “بلومبرغ”، نقلا عن بيانات مؤسسة “نومورا هولدنغز”، فإن ما يقرب من نصف المقاطعات الصينية لم تتمكن من تلبية أهداف الحكومة لاستهلاك الكهرباء وتتعرض لضغوط بسبب الحاجة إلى تقليص استهلاك الكهرباء.
وكمثال على القيود المفروضة في الصين، أشارت وسائل إعلام إلى أن 20 مقاطعة صينية فرضت بالفعل قيودا على استهلاك الكهرباء للمؤسسات الصناعية والمباني السكنية.
وطالت القيود 3 مقاطعات مهمة من الناحية الاقتصادية، وهي جيانغسو وتشيجيان وقوانغدونغ، والتي تمثل ما يصل إلى ثلث الناتج المحلي الإجمالي للصين.
وعن خطورة الوضع، تشير تقارير إعلامية إلى أنه تم إيقاف 143 شركة تماما في مقاطعة جيانغسو، وهي مقاطعة بالقرب من شنغهاي، فيما اضطر أكثر من ألف مصنع للعمل في نظام “اثنان – اثنان”.
أما في مقاطعة غوانغدونغ، فقد أمرت السلطات الصينية بإبقاء استهلاك الكهرباء للشركات أقل من مستوى الحمل الكامل بنسبة 15%، فيما تم إغلاق حوالي 160 شركة ومصنعا.
ومن المصانع التي توقفت، معامل تنتج قطعا للشركتين الأمريكيتين “أبل” و”تسلا”. ويتخوف خبراء من أن يؤثر انقطاع التيار الكهربائي على إمدادات أشباه الموصلات العالمية، إذا امتد انقطاع التيار الكهربائي إلى فصل الشتاء.
وكمؤشر على مدى حساسية المسألة فإن نقص الكهرباء لم يؤثر على قطاع الأعمال فحسب بل أثر أيضا على السكان، إذ ظهرت في وسائل الإعلام دعوات من السلطات لتقنين استهلاك الكهرباء.
وقد دفع نقص الطاقة فى الصين إلى خفض تقديرات نمو الاقتصاد الصيني هذا العام، وخفضت مؤسسة “نومورا” توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني في الشهور الثلاثة الأخيرة من هذا العام إلى 3% بدلا 4.4%.
يحدد خبراء سببين رئيسيين للأزمة في الصين في مجال استهلاك الطاقة، الأول الأسعار المرتفعة بل القياسية للغاز والفحم، فعلى سبيل المثال ترتفع أسعار الغاز بشكل كبير في أوروبا، وتسجل كل يوم مستويات تاريخية فاليوم الثلاثاء وصلت إلى مستوى 1427 دولارا لكل ألف متر مكعب.
ومع الغاز، ارتفعت أسعار الفحم في أوروبا، وسجلت مؤخرا أيضا مستويات قياسية حيث بلغت أعلى مستوى منذ العام 2008، كذلك شهدت بورصة تشنغتشو صعودا في أسعار الفحم، والتي صعدت بنسبة 40% في شهر واحد فقط.
أما السبب الثاني، فهو يعود للأهداف البيئية التي وضعتها الحكومة الصينية، ويقول المحلل ألكسندر كوفاليف، إن مشكلة الصين الرئيسية الآن هي عدم رغبتها في زيادة إنتاج الفحم.
ويضيف المحلل أن إجراء تقنين لاستهلاك الكهرباء، الذي تم إطلاقه هذا العام، كان يهدف إلى أن يكون أداة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على المدى القصير، وفي ظل ذلك تواجه الصين ارتفاعا هائلا في أسعار معظم ناقلات الطاقة.
قد تؤدي مشاكل الإنتاج في الصين الناجمة عن نقص الكهرباء وكذلك الصعوبات في مجال الطاقة في البلدان الأخرى إلى ارتفاع التضخم في جميع أنحاء العالم.
ويعتقد المصرفي الاستثماري يفغيني كوغان أن ارتفاع الأسعار قد يؤثر على جميع السلع، ولا يستبعد أن تؤدي مشاكل الطاقة، التي هي موجودة في مختلف أنحاء العالم وليس فقط في الصين، إلى جولة جديدة من النمو في أسعار المنتجات النهائية.
لذلك يتساءل المحلل عن ردة فعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) على ذلك، هل سيقوم برفع أسعار الفائدة قبل الموعد المخطط له؟.
ولم يحدد الخبراء الفترة الزمنية التي ستستمر فيها أزمة الطاقة، وأشاروا إلى أن الصين من الممكن أن توجه الكهرباء بعيدا عن صناعات ثقيلة مثل لصلب والإسمنت والألومنيوم، في إشارة إلى أن ذلك قد يحل الأزمة.
المصدر: بلومبرغ