تفاصيل رحلة العبور بين وادي خالد وحمص وآخر نقطة للفرقة الرابعة
منذ اندلاع الازمة السورية في العام 2011 نشطت المعابر غير الشرعية في تهريب البضائع والافراد بين لبنان وسوريا، بعض هذه المعابر لم يكن غائباً من قبل ولكن نشاطها كان عادياً، حيث يتنقل الافراد عبرها في القرى المتداخلة بين البلدين بصورة طبيعية، كما يجري تبادل البضائع بين الأهالي من الجانبين من دون معاملات او أي إجراءات رسمية، أما الحديث عن ضبطها حالياً فهو ضرب من المستحيل في ظل تعدد مساربها وتشابك الأراضي الزراعية في بعض المساحات الحدودية، واستغلالها من قبل عصابات التهريب لنقل الافراد بصورة غير شرعية.
الحديث عن تهريب البشر بين البلدين يعود الى الواجهة مجدداً، وبعد معبر “كفير يابوس- الصويري” المقابل لمنطقة الزبداني السورية الذي حفل بالمآسي شتاءً، حيث تضل الكثير من العائلات طريقها وتمنعها الثلوج من التقدم او العودة، اندلعت مواجهات في 26 الشهر الفائت بين قوة من الجيش اللبناني وعدد من المهربين في وادي خالد بعد ان داهم الجيش منازل مطلوبين في جريمة تهريب اشخاص في بلدة المقيبلة في وادي خالد، ولقي مهرِّبان مصرعهما.
ماذا يجري في تلك البقعة الحدودية التابعة لعكار شمالاً، حيث تغيب الدولة بمؤسساتها، ويترك سكان 22 قرية في وادي خالد من دون رعاية او أي اهتمام رسمي من أي نوع، فلا مخفر للدرك او قلم نفوس بالرغم من امتلاكهم الهوية اللبنانية؟
“أبو مصطفى” السوري، اللاجئ في لبنان منذ اندلاع الازمة، وبعد تردّد طويل روى لـ “ليبانون فايلز” تفاصيل رحلته من وادي خالد الى داخل
الأراضي السورية، وتحديداً محافظة حمص، متحفظاً على أسماء المهربين وألقابهم كما على اسمه كاملاً لدواع أمنية.
وبحسب أبو مصطفى، فإن “التواصل مع أحد المهربين ليس بالأمر السهل او اليسير ولا يتم بشكل مباشر، بل من خلال اشخاص بألقاب واسماء وهمية، وشيفرة خاصة للتواصل فيما بينهم حرصاً على السرية”.
يقول ابو مصطفى: “بعد اخذ ورد مع الوسيط المكلف بالتفاوض في تفاصيل العملية كما السعر والتكاليف، وهي تحدّد وفق الاوراق الثبوتية التي يملكها الفرد، فكلما نقصت تزداد التسعيرة، تم الاتفاق على مبلغ 100 دولار او ما يعادل مليوني ليرة لبنانية”.
أمّا حركة عبور السوريين خلسة بين البلدين فأسبابها متعددة، ولها دوافع كثيرة بحسب ابو مصطفى، منها “الفرار من الخدمة الالزامية في الجيش، والرسوم التي فرضتها مؤخراً الدولة السورية على رعاياها العائدين والزامهم تصريف مبلغ 100 دولار اميركي على المعابر الحدودية الشرعية في ظل ازمة شح وغلاء الدولار، إضافة الى تكاليف اجراء فحوص كورونا “pcr” لدى عبورهم ذهاباً وإياباً، كل ذلك يشكل عبئاً على الكثيرين منهم ما يدفعهم الى التنقل بين لبنان وسوريا بواسطة التهريب لزيارة اقاربهم والعودة الى الداخل اللبناني”.
وتبدأ الرحلة…
يتحدث ابو مصطفى عن المسافة التي قطعها “وتبلغ حوالي 160 كلم، من مكان التلاقي مع شوفير الفان في منطقة الكولا وحتى المعبر في وادي خالد، في نقطة تسمى الكنيسة، كنا حوالي عشرة ركاب”، يقول أبو مصطفى “ولدى وصولنا توزعنا على أكثر من مهرّب، بحسب الاتفاق المبرم مسبقاً، وهنا انتهت مهمة شوفير الفان الذي قفل عائداً بعد ان تقاضى أجره، ليكمل كل منا طريقه على متن دراجة نارية عبر أراضٍ زراعية مع مرافق وصولاً الى
الساتر الترابي حيث يقبع حاجز للفرقة الرابعة، فيه ما لا يقل عن خمسة عناصر من الجيش السوري، وبعد تحية متبادلة سريعة واشارات متعارف عليها، يمر عشرة اشخاص، ليقفل بعده الطريق في حين تنتظر جماعات اخرى اشارة العبور”.
ماذا عن الحاجز اللبناني؟
يجيب ابو مصطفى: “عبرنا آخر حاجز للجيش اللبناني داخل الوادي، واشار شوفير الفان للحاجز اننا عابرون الى وادي خالد”.
وأضاف: “اجتزنا مسافة ما يقارب كيلومتر واحد ركوباً على دراجة نارية ومن ثم سيراً على الاقدام حتى وصلنا الى شاحنة صغيرة أقلّتنا من أحد البيوت إلى أوتوستراد حمص الدولي”.