زمن الطائرات من دون طيار.. محاولة اغتيال الكاظمي لن تكون الأخيرة
نجا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من محاولة اغتيال يوم الأحد الفائت عندما استهدفت طائرات مسيّرة منزله في بغداد. تم إسقاط طائرتين بدون طيار تم نشرهما في الهجوم، لكن الثالثة تمكنت من قصف منزل الكاظمي، مما أدى إلى إصابة اثنين من حراسه الشخصيين. أصبحت الطائرات بدون طيار سلاحًا فعالًا للعنف السياسي للمعارضين والجهات الفاعلة غير الحكومية في القرن الحادي والعشرين، وهي سابقة وضعها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال معركة الموصل بين عامي 2016 و 2017. ونجا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من محاولة اغتيال مماثلة بطائرة بدون طيار في آب 2018. وفي كانون الثاني 2019، أسفر هجوم بطائرة مسيرة شنه الحوثيون على عرض عسكري للحكومة اليمنية عن مقتل سبعة، بينهم ضباط كبار.
وبحسب موقع “ميدل إيس أي” البريطاني، “لأكثر من عقد من الزمان بعد إعلان الولايات المتحدة “حربها على الإرهاب”، احتكرت الأخيرة الطائرات بدون طيار، مثل بريداتور وريبر. واستخدمت الجماعات الإرهابية مثل داعش نسخًا تجارية أصغر للرد في العام 2017، مما أدى إلى المرحلة الثانية من “حروب الطائرات بدون طيار”. وأهم عملية اغتيال بطائرة مسيّرة كانت بأمر من الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب ضد قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، الذي قُتل إلى جانب أبو مهدي المهندس، نائب قائد قوات الحشد الشعبي شبه العسكرية العراقية، في مطار بغداد في كانون الثاني 2020. تنذر هذه الاغتيالات بالاتجاه المستقبلي لتسليح الطائرات بدون طيار من قبل الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية. إذا كانت بندقية القنص أو السيارة المفخخة هي أداة العنف السياسي الحديث في القرن العشرين، فقد ظهرت الطائرة بدون طيار كبديل رقمي لها في القرن الحادي والعشرين”.
محاولة اغتيال الكاظمي تسلط الضوء عليها.. هذه أسرار “الطائرات المسيرة”
وتابع الموقع، “في آب 2014، استخدم داعش لأول مرة طائرات بدون طيار تم شراؤها تجاريًا لجمع المعلومات الاستخبارية عن ساحة المعركة أو توثيق فعالية تفجيراته الانتحارية. بعد ذلك، قام تنظيم الدولة الإسلامية بإلحاق قذائف هاون بهذه الطائرات بدون طيار، مما أدى إلى صنع عبوة ناسفة طائرة (IED) يتم إسقاطها ضد تشكيلات قوات العدو. كانت هذه الأسلحة مهمة جدًا لتنظيم الدولة الإسلامية لدرجة أنه أعلن في كانون الثاني من العام 2017 عن وحدة “طائرة بدون طيار تابعة للمجاهدين”. في أيلول من ذلك العام، استهدف الجيش الأميركي جنيد الرحمن، مدرب طيار ومهندس طائرة بدون طيار، بالقرب من الميادين شرقي سوريا. على الرغم من أن طائرات داعش بدون طيار كان لها تأثير استراتيجي أو عملي ضئيل على ساحة المعركة، إلا أنها كانت بمثابة وسيلة لإرهاب القوات التي سعت إلى طرده من الموصل، وكان الهدف من اللقطات إلهام مؤيديها. وفيما فشلت محاولات الاغتيال في فنزويلا والعراق، إلا أنها ما زالت تحمل رسالة إلى أهدافها المقصودة، مما يدل على ضعفهم”.
ولفت الموقع إلى أنه “وإن فشل الهجوم في فنزويلا، فقد نجح في اليمن وأصاب أهدافه المقصودة ما أدى إلى مقتلهم. ومن المفارقات أن الاغتيال وقع في قاعدة العند الجوية، التي كانت في يوم من الأيام مقرًا للقوات الأميركية التي تشن حرب الطائرات بدون طيار ضد القاعدة. إن الموقع الذي بدأت فيه حرب الطائرات بدون طيار في
ad
اليمن هو نفسه تعرض لهجوم بطائرة بدون طيار. كما استخدم الحوثيون صواريخ باليستية ضد أعدائهم. وتتضمن استراتيجية الحوثيين الآن طائرات بدون طيار منخفضة التقنية إلى جانب صواريخ متطورة، وكلاهما استخدم لضرب أهداف في عمق المملكة العربية السعودية، وكلاهما أسلحة فعالة للغاية للحرب غير المتكافئة في زرع انعدام الأمن. إذاً، إن محاولة الاغتيال العراقية الأخيرة هي جزء من هذا الاتجاه وتشير إلى عدم استقرار مقلق لمستقبل العراق. دفاعًا عن طائرات الهواية التجارية، قالت شركة “سكايوالكر تكنولوجيز” ومقرها الصين لصحيفة “فايننشل تايمز”: “بصفتنا شركة مصنعة، لا يمكننا التحكم في ما يفعله الناس بهم، على غرار الشركات المصنعة لشاحنات البيك أب أو السيارات أو العناصر الأخرى التي تم تسليحها في مناطق النزاع”.”
وأضاف الموقع، “في القرن الحادي والعشرين، تمثل الطائرات بدون طيار تطور هذا المنحى. في القرن العشرين، كان المشهد يتلخص بوجود قناص مختبئ في مبنى قريب لنفذ عملية اغتيال. أما في القرن الحادي والعشرين، فيمكن لأي شخص يتحكم عن بعد في طائرة بدون طيار أن يتسبب في زعزعة استقرار كبيرة. إذا تم تنفيذ المحاولة الأخيرة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، الذي ابتكر استخدام الطائرات بدون طيار كوسيلة للعنف السياسي، فهذا يعني أن الجماعة الإرهابية نفذت أفظع هجوم لها على واحدة من أكثر المناطق تحصينا في بغداد. لن تكون هذه أنباء كارثية على استقرار العراق. فحتى لو كان ذلك يمثل خرقًا كبيرًا للأمن، فإن فكرة أن تنظيم الدولة الإسلامية يمثل تهديدًا للدولة ليست بجديدة. ومع ذلك، إذا كانت إحدى المليشيات العراقية الموالية لإيران هي المسؤولة عن الهجوم، فإن ضربة الطائرة بدون طيار ستمثل محاولة انقلاب. إذا كانت هذه الضربة بطائرة بدون طيار انتقامية، فقد تنذر بواحد من أخطر التحديات التي تواجهها الميليشيات للدولة العراقية. ربما كان الهجوم بمثابة استفزاز لرئيس الوزراء للهجوم أو ليكون بمثابة رسالة تخويف. بغض النظر، فإن قرار تحميل اللوم على الهجوم لأي جهة سيكون مهمة حساسة للكاظمي”.