الشامي لـ لبنان24: نسعى إلى تقليص أي خسارة على المودع من دون قتل القطاع المصرفي
أصبح بحكم المؤكد أن لا مجال لإنقاذ لبنان سوى عبر مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتجنيب لبنان الارتطام المالي والاقتصادي الكبير، علماً أن الكثير من الاقتصاديين يقولون إن نجاح المفاوضات بالنسبة اليهم ليس مضمونا، رغم ما يقوم به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واللجنة الوزارية المنوطة التفاوض مع وفد الصندوق والتي يرأسها نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي. وينطلق هؤلاء من أن نجاح التفاوض يفترض أن يكون مقرونا برؤى موحدة واتفاق مع المصارف على إعادة هيكلة الديون ووضع استراتيجية مالية من شأنها أن تعزز النمو.
أما وانطلقت المفاوضات التمهيدية مع صندوق النقد الدولي، فإن العمل جار من قبل الحكومة من أجل نزع الألغام من أمام توحيد الأرقام المالية التي سيتم التفاوض على أساسها مع الصندوق والتي يفترض أن يتم الإعلان عنها قبل نهاية الشهر الجاري، خاصة وأن عملية التفاوض تسير بوتيرة جيدة وطبيعية، على أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية العام 2021، إذا لم تطرأ تطورات غير متوقعة قد تؤخر هذا الاتفاق.
الخطّة الحكوميّة للتفاوض مع صندوق النقد قبل نهاية العام
دعم حكومة ميقاتي ضرورة مُلحة للوصول إلى نتيجة سريعًا مع صندوق النقد
يقول نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي لـ”لبنان24″ إن” المحادثات التقنية بدأت ومستمرة بين اللجنة المكلفة وخبراء الصندوق الذين حصلوا على البيانات والتقارير المطلوبة من لبنان. وفي الوقت نفسه، فإن اللجنة المكلفة بإعداد خارطة طريق لخطة التعافي الاقتصادية والتي سيتم التفاوض على أساسها مع صندوق النقد، قد أحرزت تقدما كبيرا في عملها. وستعرض الخطة على الصندوق لمناقشة السياسات والإجراءات التي تتضمنها حتى يتم التوصل إلى اتفاق. من المتوقع أن يتم الاتفاق المبدئي مع بعثة الصندوق على برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي يمتد لمدة ثلاث أو أربع سنوات بحلول نهاية العام 2021. ومن ثم يعرض التقرير على مجلس إدارة الصندوق الذي يوافق عليه كما هو ويصرف الدفعة الأولى من المبلغ الذي خصصه الصندوق للبنان”.
وفي الشق المتعلق بالقطاع المصرفي، علق الشامي على “أن العبء الناتج عن سد الفجوة المالية في القطاع يقع على أربع جهات هي: الدولة، البنك المركزي، المصارف، والمودعون، قائلا: حجم الخسائر التي ستتكبدها المصارف لم يحدد بعد بشكل دقيق، إذ أنه يتعلق بإعادة هيكلة سندات اليوروبوند وسعر الصرف،… وبالتالي فإن الحديث عن كيفية سد الفجوة ينتظر اكتمال النقاشات والبحث”، مع إشارته إلى “أن المودع لا يجب أن يخسر أكثر من المساهم، ونحن سنسعى إلى تقليص أي خسارة للمودعين من دون قتل القطاع المصرفي الذي هو ضروري لتمويل الاقتصاد وتحفيز النمو”.
يقول الخبراء الاقتصاديون إن لبنان في حاجة إلى السيولة ويفترض بالحكومة التركيز على خفض العجز الأولي وبالتالي خفض تكاليف قطاع الطاقة وإعادة هيكلة القطاع العام على وجه التحديد.
في ضوء ذلك، يشدد الشامي على” أنه إذا تم التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد، فإن الكل في لبنان سيكون رابحا، خاصة وأن أي برنامج للتصحيح الاقتصادي سيكون موافقا عليه من الحكومة اللبنانية ويُعمل به تحت اشراف صندوق النقد”.
في هذا الاطار، ترتكز سياسة صندوق النقد المالية وفق الشامي على ما يلي:
– وضع موازنة عامة تخفض عجز المالية العامة وتحقق فائض أولي عبر خطة قد تمتد على خمس سنوات.
– خفض الدين العام الى مستوى مستدام والذي يستند الى ثلاثة عوامل: الفائض الاولي، نسبة النمو، ونسبة الفائدة. فالدين المستدام يتمثل في القدرة على الوفاء بالتزامات خدمة الدين المستقبلية وتوفير التمويل اللازم لمتطلبات النمو، من دون أن تتخذ الدولة إجراءات جد قاسية بحق المواطنين وعلى سبيل المثال، إلغاء الخدمات الأساسيّة ورفع معدلات الضرائب إلى مستويات غير طبيعية.
– سياسة الدين العام والمفاوضات مع الدائنين حيث تسعى الحكومة إلى الوصول إلى تفاهم مع حملة سندات اليوروبوند لإيجاد صيغة تأخذ بعين الاعتبار الأزمة التي يمر بها لبنان خاصة وأن رقابة الصندوق قد تكون الضمانة لقدرة الدولة على سداد التزاماتها للدائنين.
في خضم كل ذلك، يمكن القول وفق الشامي،”إن ترشيق القطاع العام مطلوب دائما لكن لا يمكن تحقيق ذلك في الأمد القريب وفي ظل الظروف الراهنة والمطروح اليوم هو تحسين الايرادات وتقليص النفقات في المدى المتوسط. والتخمة في القطاع العام يمكن معالجتها بتقديم حوافز لا سيما للذين سوف يحالون الى التقاعد في المستقبل القريب، لكن كلفة هكذا إجراء تتطلب تمويلا غير متوفر حاليا. والإجراء الأسهل المطروح هو إيقاف التوظيف بشكل نهائي وعدم استبدال الموظفين المحالين على التقاعد”.
أضاف: “أما في ما خص توحيد سعر الصرف، فهو ضرورة لا بد منها لكن المسألة لا تزال قيد البحث إن لجهة الذهاب إلى توحيد تدريجي أو دفعة واحدة لا سيما وأن المسائل المالية مترابطة ومتلازمة، وبالتالي لا يمكن الذهاب إلى توحيد سعر الصرف من دون دراسة مدى تأثير ذلك على القطاعات الأخرى”.
يبقى ملف إصلاح قطاع الكهرباء الملف الأساس المطلوب من صندوق النقد، وهنا يقول الشامي، “العمل جار على إصلاح هذا القطاع. كما أن استجرار الغاز من مصر(وهو أوفر بحوالي 40%) والكهرباء من الأردن ينتظر إزالة العقبات التقنية التي سوف يتم تخطيها قبل نهاية العام”.
المصدر: خاص “لبنان 24”