هكذا نحافظ على الكرامة الوطنية
ليس بالضرورة أن مَنْ يطالب بأن تكون علاقة لبنان مع أشقائه العرب ممتازة، وبالأخص مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، هو ضد كرامة الوطن وسيادته.
في الآونة الأخيرة، وبعد الأزمة اللبنانية – السعودية، وما تلاها من تداعيات على مختلف المستويات، بتنا نسمع الكثير من التصريحات لمسؤولين وقياديين في “حزب الله” يتحدّثون عن كرامة الوطن؛ وآخرهم رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الحاج محمد رعد الذي قال “نحن لا نريد لهذه الأزمة أن تسقط بلدنا ولا أن تغيّر خيارات شعبنا ولا أن تنتهك كرامة أهلنا ولذلك نقف الى جانب شعبنا نتحدّى ونصمد ونُصبّر بعضنا البعض ، ونفعل الذي لا يُفعل في مواجهة هذه الأزمات” . تابع رعد” نحن لا نريد لهذه الأزمة أن تسقط بلدنا ولا أن تغيّر خيارات شعبنا ولا أن تنتهك كرامة أهلنا ولذلك نقف الى جانب شعبنا نتحدّى ونصمد ونُصبّر بعضنا البعض ، ونفعل الذي لا يُفعل في مواجهة هذه الأزمات” .
كذلك أكد عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق “إن كرامتنا الوطنية غالية لأننا صنعناها وحميناها بأطهر دم، ولن نقبل أن تكون محلا للإبتزاز والمتاجرة أمام من هانت عليهم كرامتهم فهذا شانهم”.
بالتأكيد لا أحد في لبنان لا يوافق، من حيث المبدأ، على هذا الكلام الذي يقوله مسؤولو “حزب الله”. ولكن الكرامة، على أهميتها، لا تعني أن يتخّلى لبنان عن صداقاته الخارجية وعن مصالحه، التي تكون أولًا وأخيرًا مع محيطه من خلال علاقات أخوية وطبيعية.
من كان من اللبنانيين يعمل في السعودية أو في أي دولة عربية خليجية، أو الذين لا يزالون يعملون فيها، لا يتحدّثون سوى عن الكرامة التي يُعاملون بها، خصوصًا أنهم لم يشعروا يومًا أنهم يعيشون في بلاد غريبة عن تقاليدهم اللبنانية، من حيث اللغة أولًا، أو من حيث حسن الضيافة ثانيًا، أو من حيث طريقة التعامل مع اللبنانيين تمامًا كما يتمّ التعامل مع أي مواطن من هذه الدول. فلهم الحقوق نفسها التي لأهل البلد، وعليهم الواجبات نفسها التي تفرضها القوانين المعمول بها، والتي تطّبق على جميع المقيمين على أراضيها من دون تمييز أو تمايز.
ليس صحيحًا أن ما يتمّ تصويره من قبل “حزب الله” بالنسبة إلى “الكرامة الوطنية” هو المعتمد كقاعدة لدى الذين يطالبون بأن تكون منطلقات علاقات لبنان بأشقائه العرب وأصدقائه الدوليين غير عدائية. فالذين يعملون اليوم على تصحيح العلاقات مع السعودية ومع دول الخليج حريصون على الكرامة الوطنية والسيادة وصونهما بالقدر نفسه لما لدى الكثيرين الذين يحصرون الحفاظ على هذه الكرامة وتلك السيادة بطريقة مختلفة. فالمزايدات في هذا المجال تضرّ ولا تنفع.
الحفاظ على كرامة الوطن وسيادته لا يكون بمعاداة من لنا معه مصلحة مشتركة، خصوصًا أنه يوم وقف الأشقاء إلى جانب لبنان في محنه الكثيرة والمتشعبة كان الآخرون غائبين عن مدّ يد المساعدة لهذا الوطن، الذي لا يزال يقاسي ويعاني ويتألم وينزف.
الكرامة الوطنية كلٌ متكامل، لا تتجزأ ولا تفصّل على قياسات معينة، بل هي حالة تكاملية مع كل ما من شأنه تأمين المصلحة الوطنية، سواء من خلال تقديم الدعم للجيش لكي يستطيع القيام بواجباته الدفاعية على الحدود، وبتقوية قدراته للحفاظ على الأمن الداخلي، أو من خلال تأمين مقومات الصمود للشعب اللبناني عبر ما يأتيه من مساعدات خارجية بواسطة مؤسسات الدولة الرسمية أو المؤسسات الإنسانية المعترف بها والموثوق بصدقيتها وشفافيتها.