CNN تشكك في دقة رواية بايدن لاجتماعه مع غولدا مائير عام 1973
نشرت شبكة CNN مقالا مطولا شكك في صحة بعض التفاصيل التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرا حول اجتماعه قبل حرب أكتوبر عام 1973 مع رئيسة الحكومة الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير.
يدور الحديث عن “قصة مفضلة” لبايدن عن علاقته الطويلة مع إسرائيل، كان يرويها علنا على مدى عقود وتتعلق باجتماعه مع مائير والذي وصفه عام 2015 بأنه “أحد أكثر الاجتماعات أهمية في حياتي على الإطلاق”.
وحسب CNN، فإن أجزاء من القصة التي رواها بايدن الأربعاء، في البيت الأبيض عند إضاءة الشمعدان بمناسبة عيد حانوكا اليهودي، لم تكن دقيقة.
وبدأ بايدن حديثه الأربعاء على النحو التالي: “وخلال حرب الأيام الستة، أتيحت لي الفرصة – لقد دعتني للحضور لأنني كنت سأكون حلقة الوصل بينها وبين المصريين حول السويس، وهكذا دواليك”. وأشار لاحقا في معرض حديثه إلى أن مائير خاطبته أثناء الاجتماع بـ”السيد السفير”.
ولفتت CNN إلى أن بايدن أخطأ في التحدث عن موعد اجتماعه مع مائير، فقد عقد الاجتماع قبل حوالي خمسة أسابيع من حرب أكتوبر، وليس خلال حرب الأيام الستة عام 1967. في وقت حرب الأيام الستة كان بايدن لا يزال طالبا في القانون ولم تكن مائير رئيسة للوزراء بعد.
والأهم من ذلك، حسب CNN، تضخيم بايدن أهميته لإسرائيل في ذلك الوقت. وبينما زار بايدن مصر عام 1973 قبل زيارته لإسرائيل مباشرة، وأخبر مائير بما قاله له المسؤولون المصريون، فليس ثمة ما يشير إلى أن مائير أرادت استخدام مواطن أمريكي يبلغ من العمر 30 عاما لم يسبق له أن زار إسرائيل من قبل، وأن يصبح وسيطا في نزاع معقد وخطير بعد مرور 9 شهور فقط على عضويته في مجلس الشيوخ.
وافترض مسؤول في البيت الأبيض لشبكة CNN أن تأكيد بايدن “أنها دعتني للحضور لأنني سأكون حلقة الوصل بينها وبين المصريين حول السويس”، كان مجرد إشارة إلى حقيقة أنه التقى مع مسؤولين مصريين وإسرائيليين في رحلة عام 1973 لبحث العلاقات بين البلدين.
لكن كلمات بايدن، التي وصفتها اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري بأنها خاطئة، نقلت الانطباع بأن مائير سعت لاستخدامه في دور دبلوماسي مهم، في حين يقول الخبراء إن هذا في الواقع لا أساس له من الصحة.
وقال أوري بار جوزيف، وهو أستاذ علوم سياسية بجامعة حيفا: “لا يوجد شيء” في الملخص الإسرائيلي للاجتماع في 31 أغسطس 1973، حتى “للتلميح” إلى أن مائير قد دعت بايدن ليكون منسقا.
وقال آساف سينيفر، الأستاذ المشارك في الأمن الدولي بجامعة برمنغهام ومحرر كتاب عن حرب “يوم الغفران”: “على حد علمي، لا يوجد أساس للادعاء بأنه ‘سيكون (حلقة) الاتصال بين الجانبين”.
في سرد بايدن للقصة الأربعاء قال عن مائير: “نظرت إلي وقالت “السيد السفير، هل ترغب في الحصول على صورة؟”، ولكن في بعض الروايات الأخرى للقصة، قال بايدن إن مائير خاطبته قبل أو أثناء فرصة التقاط الصور على أنه “ابن” أو “سيناتور”، وليس “السيد السفير”.
ملخص إسرائيلي عن الاجتماع
وجاء في الملخص الإسرائيلي للاجتماع الذي استمر 100 دقيقة، أن بايدن أقر بأنه لم يكن خبيرا في مصر، وأن بايدن تم الترحيب به بحرارة في رحلته إلى مصر، لكنه التقى مع “الصف الثاني (من المسؤولين) فقط”.
وقال مسؤولون إن مائير أدلت بملاحظات موسعة جادلت فيها ضد اقتراح بايدن لإسرائيل بالسعي لتحقيق السلام من خلال الانسحاب من منطقة معينة لا يعتقد أن لها قيمة استراتيجية. لم يحدد الملخص المنطقة التي يتحدث عنها بايدن لكنه قال إنها ليست قطاع غزة أو مرتفعات الجولان أو شرم الشيخ.
وانتهى المسؤول الإسرائيلي الذي كتب الملخص، جدعون ياردن، بتقديم تقييمه الشخصي لبايدن. وكتب أن بايدن كان مليئا بالإعجاب والتقدير تجاه مائير، وظل يقول إنه جاء ليتعلم “ولكن من ناحية أخرى” تحدث بطريقة تعكس “عمره والخبرة الدبلوماسية”. ووضع ياردن هذه الكلمة في علامات الاقتباس، على نحو مثير للسخرية.
ويختلف جزء آخر من الرواية الإسرائيلية للاجتماع عن الرواية التي قدمها بايدن في عام 2015.
في خطاب بمناسبة عيد الاستقلال الإسرائيلي، قال بايدن، نائب الرئيس الأمريكي آنذاك، إنه أبلغ مائير ورابين خلال الاجتماع: “اعتقدت أنهم (مصر) يستعدون للهجوم مرة أخرى”. وأضاف: “والجميع بمن فيهم الجيش والعسكريون الإسرائيليون اعتقدوا أنني مجنون”.
ولا يشير الملخص الإسرائيلي إلى أي تعليق من بايدن. بدلا من ذلك، أفاد الملخص أن بايدن نقل أنه، من بين جميع المسؤولين الذين التقى بهم في مصر، لم ينكر أي منهم التفوق العسكري الإسرائيلي المطلق، وأن المسؤولين قالوا إنه سيكون من المستحيل على مصر خوض الحرب الآن ضد إسرائيل.
وفي الواقع، انتهى الأمر بمصر وسوريا بمهاجمة إسرائيل في أوائل أكتوبر 1973، في تحرك فاجأ إسرائيل.
المصدر: “سي إن إن + RT”