لبنان في معركتين كاسرتين.. حزب الله مستهدف….  ماذا عن الفرص.

ميخائيل عوض
الانتخابات النيابية ان حصلت ستكون اختبارا للحزب ولصحة تقديره للظرف ولمدى قدرته للاستثمار بالفرص.. فان خسرها فسيخسر لبنان…
تمتاز الجولة الانتخابية عن سوابقها بان شيا والادارة الامريكية قررت خوضها ووضع حزب الله امام معركة وجود؛ حياة او موت اي تتبدى كمعركة كاسرة والمفترض ان الحزب سيخوضها على ذات المنوال ويحسمها كما عاداته في المعارك الفاصلة، ومنها ٧ ايار ٢٠٠٨، بينما  المفارقة على ما يبدو ان حزب الله مازال في قراراته وتصرفاته يعتبرها معركة عادية رأسمالها تامين توازن معطل؛ النصف زائد ناقص واحد كما كشف الوزير السابق وهاب من حوار بينه وبين السيد نصرالله في انتخابات ال٢٠٠٥ وجواب السيد ان الحزب لن يخوض الانتخابات لتحصيل اغلبية حاكمه، وهو يستطيع انما سيهدي ١٤ اذار نواب لحفظ التوازن تلافيا لحرب اهلية، ولكف بلاء المنظومة عنه. وفعلها ثانية وثالثه وقبل بالتمديد للبرلمان خدمة للحريري والحلفاء، وقبل قانون انتخابي الاكثر تخلفا في تاريخ الديمقراطية بدوائره المفصلة على قياسات البعض، وخاض انتخابات ٢٠١٨ ومنح اركان المنظومة عدد من النواب لغاية في مشروعه” قال الوزير السابق قماطي خلافات الحلفاء ادت لخسارة ٥ مقاعد” ذات القرار  اسر به السيد صفي الدين في لقائه مع الاعلامين الوطنيين؛ الحزب لا يراها معركة كاسرة ولن يسعى لجعل اكثرية المجلس من غير المؤتمرين بأوامر شيا، فالحزب مطمئن لنتيجتها وهدفه النصف زائد او ناقص واحد فالأكثرية البسيطة هدفه ليس الا، ولا يرى الحزب في الانتخابات معركة توفر شروط تعديل في بنية النظام واصلاحه او وضع التحذير الذي سبق ان اعلنه السيد صفي الدين مهددا بخوض معركة تصفية النفوذ الامريكي في الدولة.  فلبنان بحسب كلامه لا يحتمل معركة تصفية النفوذ الامريكي في الدولة، وان ما قاله كان اشارة تحذيرية.
كلام السيد صفي الدين  قد يفسر مقاصد  كلام للسيد حسن نصرالله باتهامه السفيرة الامريكية بقيادة الحرب ووصفها بالشمطاء، وحملة اعلام الحزب على  عوكر ووصفها بوكر الارهاب والتجسس والتخريب قد لا يتعدى التحذير.
فليس لدى الحزب قرار بخوض معركة تصفية النفوذ الامريكي في الدولة والمجتمع وتحرير لبنان  منه لتصنع المقاومة وثلاثيتها الذهبية التحرير الثالث” فالنفوذ الامريكي يرتكز الى منظومة الفساد والنهب اللصوصية” وللنظام المفلس .
فهمت كلام السيد صفي الدين الواضح من ان الحزب يتعامل مع الانتخابات النيابية على انها استحقاق دستوري عادي وكأنها تجري في ظرف عادي، وما يسعى اليه من نتائج تطابق ما كان سابقا.
اخطأت واخطأ من ظن ان حزب الله وبعد عقود على تأسيسه قرر الاهتمام بالساحة اللبنانية والانخراط في معارك اعادة هيكلة الدولة والنظام لتطويره وعصرنته للخروج من الكارثة وليستطيع الحفاظ على لبنان الكيان المهدد بالزوال بحسب اطروحة ماكرون.
عود على بدء؛
هل اراد السيد صفي الدين ارسال رسالة للمنظومة والامريكي بما قاله عن الانتخابات وعدم تحمل لبنان لمعركة كاسرة يتم بموجبها تصفية النفوذ الامريكي ..؟ ربما وقد تذكر قبل ختام اللقاء بلحظات ليخبرنا ان الأمريكيين ارسلوا طلبا لحزب الله للتفاوض مباشرة ورفض الطلب كسوابقه…
اذا حصلت الانتخابات ونرجح الا تجري وبدائلها التمديد المزدوج او المؤتمر التأسيسي ويبقى احتمال الفراغ والفوضى راجحا، فبحسب استطلاعات الراي للشركات التي يعتد بها ومعطيات الواقع سيفرض الواقع حاجاته عنوة، وفي تقاليد الحياة السياسية غالبا ان تخطئ القوى التقدير ويفوتها فهم الواقع وحاجاته، فيلزمها الظرف باستحقاقاته، وقد فعلها مع حزب الله مرات؛ بعد خروج السورين اضطره للمشاركة بالحكومات على غير رغبته، وكان قد رفض سابقا لأسباب عقيدية ولأسباب سياسية المشاركة بالدولة وسلطاتها واجهزتها، فمنذ تأسيسه شغلته في بنيته نقاشات بخصوص الشراكة في حكومات دول غير اسلامية وفاجأه الظرف في انتخابات ١٩٩٢ وتفاجا الجميع بحجم ما للحزب من نفوذ وقدرات انتخابية عندما اضطر لخوضها بلائحته في وجه لائحة رئيس مجلس النواب حينها السيد حسين الحسيني الذي رفض بعنجهية يومها اعطاء الحزب نائبان ليقدم له الظرف اللائحة كاملة وينسحب الحسيني من الحياة النيابية والسياسية. وفعلها الظرف مع الحزب  عندما اسر جنديين إسرائيليين فكانت حرب تموز وما انتجته من تحولات تاريخية في توازنات القوى وتصعيد محور المقاومة، ويومها قال السيد حسن نصرالله؛  لو كنا نعرف انها ستؤدي لحرب لما فعلناها. هكذا تجري الامور فتفرض حاجات واستحقاقات الأزمنة نفسها على الجميع وهذا ما نتوقعه ايضا اذا حصلت الانتخابات، فاستطلاعات الراي تؤكد ان بين٤٠ الى ٦٠% من المستطلعين قرروا الا يعطوا اصواتهم للطبقة ورموزها واحزابها واذا فشلت جماعات حراك ١٧ تشرين في توحيد لوائحها وجهدها والمرجح فشلها، فغالبا ستنحسر المشاركة في الانتخابات، وبانسحاب سعد الحريري وتشظي تيار المستقبل ستذهب كتله واسعة الى ممثلي العائلات والمتمولين ولمرشحين من خارج السياق والكتل والزعامات التقليدية او تلوذ بالإحباط.
هذه فرصة ذهبية لحزب الله ليستثمر بها ويسهم في انتاج اكثرية الثلثين زائدا من غير المعادين له وللمقاومة، ومن غير المسيطر عليهم او المنظمين بكتل كبيرة، وستغيب الكتل الكبيرة وتسقط مقولة الاقوياء في طوائفهم،  وستكون كتلة الثنائي المتوقع ان تحصد الحصة الشيعية في المجلس النيابي كأكبر كتلة  والاكثر انسجاما  ما يوفر اسباب اضافية لاتهام الحزب والشيعة بالمسؤولية الكاملة عن النظام وتحمل اعباء ممارسات المنظومة والانهيار.
اما اذا خاضها بهدف تحصيل الثلثين واكثر مع حليفه عون وجبران باسيل وحلفائه التقليدين وممثلي العائلات والمناطق والمتمولين  لأحداث تعديلات جوهرية في النظام والدستور ووضع الطائف وفقراته التي لم تنفذ قيد التنفيذ والعبور بسلاسة من نظام الطوائف والمحاصات التي حمت المنظومة وامنتها في نهب البلاد والعباد الى دولة المواطنة العصرية حيث اللبنانيين مواطنين متساوين احرار في دولة تحترمهم وتحترم التعددية وتحميها من خلال مجلس شيوخ تنتخب كل طائفه شيوخها وتناط به قضايا العيش المشترك وتامين الجميع بحقوق متساوية وبلا غلبة عددية لاحد.
فتطبيق الدستور يستلزم اكثرية نيابية تفرضه وتكسر اغتصاب المنظومة وتوازناتها التي تخبئها تحت عباءة العيش المشترك والديمقراطية التوافقية التدميرية التي ابتلت لبنان فيها.
ان احجام حزب الله عن الاستثمار بالفرصة، لأسبابه او لخطأ في التقدير ولعدم معرفة الواقع، لن يغير في معطيات الواقع واستحقاقاته، انما سينعكس على الحزب ليخسر ثاني المعارك الكاسرة التي تستهدفه في لبنان لا لسبب وليس لنقص في قدراته او في الظرف الموضوعي انما للانشغال بالخارج ومعاركة وللخوف من استيلاد عقد وطني جديد يرث النظام الذي افلس وشبع موتا وانتنت جثته، ولم يجد من له عزيمه ليدفنه. ولهذا قد يأخذ معه الكيان الى الزوال، وهذه ايضا من الامور التي يرتهب منها حزب الله فتراه متمسكا بالنظام والمحاصة الطائفية بوهم وبافتراض انه افضل النظم للوضع اللبناني وتعدديته وغياب الهوية الدولتية والوطنية الجامعة، ولا يرى الحزب كما جاء على لسان السيد صفي الدين في رده على سؤال حول الهوية؛ ان العربية ليست هوية جامعة في لبنان واعلن تمسك حزب الله باللبنانية كهوية للامة اللبنانية يجب ان يجتمع حولها اللبنانيون.
رهاب حزب الله من الفتنه الشيعية الشيعية مفهومة ومفهومة هواجسه من الفتنه السنية الشيعية ومخاوفه التي يكررها من خطر الحرب الاهلية التي يرفضها.
اما حذره ورهابه من تغيير النظام وتطويره عبر تامين اكثرية نيابية مقررة فهذه تحسب عليه لا له، لاسيما وان النتائج الملموسة لخديعة المنظومة التي انطلت عليه بعد احداث ٧ ايار ٢٠٠٨ بتفاهم الدوحة بإغراء الثنائي الشيعي بتبني النظام وحمايته بمقابل اعطائه وزارة المالية والتوقيع الثالث، فباتت تحسب كمسؤول اول عن الازمة، والتوقيع الثالث ووزارة المالية لم تطعم الكتلة الشيعية خبزا  ولا امنتها في وجه غدرات الزمن  بالقدر الذي ازهقت ودائع المغتربين الشيعية دون ان يقدم النظام  وبرغم حضانته من الثنائي الشيعي للشيعة ومناطقهم انجازا واحدا يذكر ويغني عن جوع.
ما دام حزب الله متخوفا من تطوير النظام وعصرنة العقد الوطني ومتمسك بنظام المحاصات الطائفية والمذهبية على علاته، وبرغم النتائج المدمرة التي وصلت اليها البلاد سيبدو التغير السلس الذي توفره الانتخابات لمرة نادرة عبر صناديق الاقتراع ومن خلال اكثرية نيابية فاذا لم يستثمرها الحزب ستندفع البلاد في مسارات الفوضى والتوحش ومن غير المستبعد تحقيق تحذيرات ماكرون بخطر زوال الكيان وانهيار النظام المفلس وغير القابل للترميم والترقيع باعتماد صيغة المحاصة الثلاثية وهذه كالفيدرالية والتقسيم اختبرت وافلست وباتت من الماضي فتطبيق الطائف المجتزأ كرس المثالثه واقعيا في ادارة البلاد منذ الطائف” ترويكا الرؤساء” وكرسها عقدا اتفاق الدوحة واحتكار الشيعة للتوقيع الثالث بوزارة المالية، فانتفت اهميتها العملية..
هل سيخسر حزب الله الانتخابات النيابية ويخسر شرعية المقاومة الشعبية ؟؟
الجواب القاطع لن يخسر الشرعية الشعبية والدستورية وان خسر لبنان….!!
كيفما جرت الانتخابات اذا جرت، فالثنائي الشيعي سيحصد حصة الشيعة من النواب، وقد يحقق اعلى عدد اصوات ويتفوق على الجميع، وينال مع حلفائه الخلص الثلث زائد، ومع حلفاءه  وغير المعادين له النصف زائد ناقص واحد  وهذه تؤكد شرعية المقاومة ودستوريتها بل وقدرتها على التحكم بمسارات البلاد. فستكون الكتلة الاكبر والاكثر صلابه والقادرة على التحكم بتشكيل الحكومات ووقفها  على الميثاقية، وانتزاع وزارة المالية والتوقيع الثالث، والتحكم بالسلطة التشريعية وبشخص دولة رئيس مجلس النواب يضمن الحزب الا يمر قانون او اجراء يلحق ضررا بالمقاومة وهذه قدرة تميز بها بري ومارسها بإقفال ابواب المجلس قدر ما يشاء، واختيار مشاريع القوا نيبن وتمريرها او وضعها في الجوارير ما شاء، فبكتلة نواب الشيعة الكاملة او بدونها، الامكانيات موفورة لإقفال ابواب المجلس النيابي. اما الفرق فهو الظرف السياسي وعنف الازمة والكارثة التي ستجعل الكتلة الشيعية وحدها المسؤولة عما بلغته البلاد من انهيار كارثي. فانسحاب الحريري وتياره من الانتخابات والحياة السياسية بما يمثله من انهيار السنية السياسية وانكسار اهم واخطر اعمدة المنظومة اللصوصية ونظامها المحاصص، وبضعف وارتباك المارونية- المسيحية السياسية وفقدانها للوزن العددي والنوعي سيؤول النظام ومسؤوليته وهو في حال انهيار شامل على كاهل الشيعية السياسية، وهذه ستحمل المقاومة وحزب الله اكلاف ومسؤوليات جسام حتى في قاعدته وبيئته، وبإزاء دوره وانجازاته الاعجازية  اخطر بكثير من لو انه قاد الانتخابات وسعى لتحصيل الثلثين لفرض حكومات وسياسات وتحولات، وتعديل في التوازنات توفر اسباب وشروط اخراج البلاد من خطر الهلاك والعبور الى المستقبل باقل الخسائر والمخاطر.
فالجديد انه في الظرف القائم وبانهيار وخروج اعمدة المنظومة بعد قرار عزوف الحريري تتوفر فرصة نادرة ولأول مرة منذ تأسيس لبنان ليكون التغير السلس والدستوري عبر  المجلس النيابي بتعديل التوازنات في الدولة والمنظومة والسعي لتقليم اظافرها وانتزاع انيابها واحدا بعد الاخر وصولا لإضعافها وتصفية النفوذ الامريكي فيها وعبرها في الدولة والمؤسسات.
فمن النتائج المتوقعة للانتخابات ابراز الفارق الجوهري؛ ان لعبة المحاصة والتوافقات والصفقات بين اقوياء الطوائف قد ثلمت بغياب ممثلي الاكثرية السنية والمسيحية، وستحسب كل خطوة او اجراء على ممثلي الاكثرية الشيعية  التي لن تستطيع اجتراح معجزات في نظام المحاصة الطائفية وستصير وحدها المسؤولة عما تستقر عليه البلاد.
في واقع الحال وانسداد الافق وعجز النظام عن تجديد او تطوير نفسه بعد ان استنفذ الممكن في ثلاث تعديلات تحققت الاولى بعد ازمة ال ٥٨ عندما الت حماية النظام من الكتلة المارونية الى المارونية- السنية ثم في الطائف الذي جعل حماية النظام من مسؤولية الكتلة السنية مسنودة من الشيعية ولم يجري ذلك الا بعد حرب اهلية مديدة ومدمرة جرت الثالثة في الدوحة بعد جولة ٧ ايار ٢٠٠٨ حيث تحولت الكتلة الشيعية لحماية النظام وتأمينه وعلى مسؤوليتها فحاولت الاحتماء بشراكة شكلية مع ممثلي الكتلة المارونية” تفاهم مار مخايل”  والكتلة السنية” بتبني سعد الحريري وتأمينه” ولم تنجح. وباستنفاذ قدرات الكتلة الشيعية على تامين النظام وقد انتنت جثته، ولم يعد من كتلة طائفية قادرة على تأمينه وتحمل وزره، ومن غير المفيد اعادة توزيع الحماية على الكتل الثلاث بتعديل المحاصة من ثنائية اسلامية – مسيحية الى ثلاثية؛ شيعية- سنية- مسيحية سبق ان استنفذت خلال العقود المنصرمة وبغياب قدرة النظام على ترميم نفسه تتوفر فرصة للتغير عبر البرلمان والوسائل والمؤسسات الدستورية، واذا فاتت الفرصة فالفوضى تصبح المخرج الوحيد وسيتحمل الثنائي الشيعي ويحمل الكتلة الشيعية مسؤولية الانهيار والفوضى.
ماذا يربح حزب الله من الفوضى….؟
المنطق يقول انه سيخسر قضيته وينشغل بتفاصيل تامين القاعدة الاجتماعية وسيستنزف ويعجز عن مواجهة قوى الفوضى او ادارتها خاصة اذا وضعت داعش والارهاب الاسود يدها على امارات ومناطق ذات غالبية سنية لوراثة زعاماتها المنسحبة من الحياة السياسية. والفوضى توفر فرصها وستحاول اسرائيل وامريكا وبعض المنظومة الاستثمار فيها، ولن تتوفر لحزب الله والمقاومة فرصة في تحرير الامارات والحاق الهزيمة بها، ولن يكون الجيش والمؤسسة العسكرية اللبنانية قادرة على التعامل معها واو تشكيل غطاء للحزب على ما جرى مع مسألة الاسير وخلدة وكما في سورية. ما قد يستوجب استدعاء القوة الجو فضائية الروسية والدبابة السورية وبتفويض امريكي اوروبي. واذا حصل هذا فلن يبقى لبنان الكيان والنظام ولن تقوم للامه اللبنانية قائمة التي مازال حزب الله يأمل بتعويمها او العمل على صياغتها …
خاتمة؛ على الرجاء والامل …
حزب الله لم يفت زمن الفرص ومازال الوقت متاح..
حزب الله بما مثلته من تجربة مفتاحية واسهمت محوريا بإعادة صياغة قواعد ارتكاز توازنات القوى والصراع العربي الصهيوني بما هو جوهر صراع الغرب والشرق وبما حققته من انتصارات اعجازية في زمن اللا معجزات، وبما تتمتع به من ذكاء حاد وقدرة على ادارة صراع معقد ومديد وبمسارح واسعة جدا، وبروحيتك وقيمك العقيدية التي تجلت بخدمة الناس بأشفار العيون وبانتصار شفاف نظيف غير مسبوق في تاريخ البشرية عام ٢٠٠٠ وبرفضك المطلق للفتن والحرب الاهلية، وبنظافة مقاومتك المشهود لها، وبكونك لم يكن لك يد في نهب الشعب والدولة اللبنانية. وجل تمويلك وتسليحك ودورتك المالية والاقتصادية من خارج الدورة الاقتصادية اللبنانية، مازالت محط الرهان والامل الباقي للغالبية، والفرصة متاحة  للمساهمة بإنتاج مشروع انقاذي خلاصي وايضا في الانتخابات النيابية ان جرت..
فلتكن معركتك -معركة الشعب اللبناني ظافرة لإنتاج اكثرية قادرة على فرض تطبيق الدستور ومقدمته واصدار المراسيم التطبيقية للفقرات الدستورية التطويرية للنظام ولفقرات الطائف المعلقة، والعبور بلبنان من دولة الفساد والتحاصص ونهب الثروات والشعب واغتيال الكيان الى دولة عصرية يتساوى فيها اللبنانيون كمواطنين احرار وليعاد انتاج وظائف للكيان تتناسب مع ما حققته المقاومة من انتصارات اعجازية بعقول واجساد وتضحيات لبنانية  ويصبح لبنان شريكا محوريا رائدا في اعادة هيكلة وتأسيس الشرق والاقليم الجارية.
المسؤولية كبيرة والفرصة سانحة لتعظيم التضحيات العظيمة والنهوض بلبنان وتجديد شبابه وكيانه عبر انتاج نظام ودولة عصرية ترث المتهاوية والمنهارة بعجاله، فكل شروط التغير والنهوض الموضوعية متوفرة والحاجة للدولة العصرية القابلية للحياة والاشعاع ماسة وراهنه.
وليس ما يعيب حزب الله على لعب الدور المحوري في الانقاذ؛ فعقائديته ثروة وكنز ثمين وقد اختبرت وكشفت عن انسانيتها وحقيقتها الايمانية في لبنان، وبشهادة تجربة الثورة الاسلامية الايرانية وجوهرها وشعاراتها الاستقلالية السيادية؛ لا شرقية ولا غربية … والشعار الاجتماعي؛
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ)
وما حققته والتزمته الجمهورية في تجربتها المنيرة، وفي اسلامها العقيدي المختلف جوهريا عن اسلام الوهابية والاخوانية والسلفية الجهادية العالمية التي خالفت تجاربها التجربة الايرانية وفصائل الجهادية الشيعية، فأنتجت تسيس الدين والطائفة السنية نماذج التوحش والارهاب الاسود واللا وطنية واللا قومية واللا سيادية واللا اجتماعية  في تجاربها الممارسة مما وفر وامن شروط هزيمتها وتسارع انحسارها واندثارها، وتصفية الحقبة الاسلامية بأسوء ما يكون.
لحزب الله بعقيديته وبعلاقته مع ايران وولاية الفقيه والقائد الخامنئي حوافز دينية ومحرضات من التجربة ومن آيات القران الكريم ومنها دعوة الله المؤمنين للقتال في سبيل المستضعفين وقد ساوى في الآية بين القتال في سبيل الله والقتال في سبيل المستضعفين ولم يخص الله المؤمنين ولا المسلمين ولا الشيعة او السنة او اتباع اي من المذاهب بل قالها صريحة؛  في سبيل المستضعفين ولم يصنفهم جماعات وشيع فخاطبهم دون تفرقة او تميز او تحيز لدين او عقيدة او ولاء، فجاء نص الآية الكريمة صريحا واضحا لا يقبل التأويل: وَمَا لَكُمْ لَا تُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا وَٱجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَٱجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا.
رسالة حزب الله والمقاومة لم تنتهي بعد، فالقتال في سبيل الله والاوطان والاعراض ولتحقيق السيادة والاستقلال والكرامة وتحرير القدس وحماية المراقد ودور العبادة يتكامل ويسير جنبا مع القتال في سبيل المستضعفين  وشعب لبنان في واقعه وحالته الجارية مع المنظومة يستصرخ من يقاتل معه ولأجله وقد استضعف بشدة وعسف، والقرية الظالم اهلها مجسدة بالمنظومة ونظامها الجائر والعنصري بمحاصته وقد افلس ويسوق الكيان الى الزوال والعباد الى الجوع والذل.
قد تكون الانتخابات النيابية ان جرت اخر فرص التغير السلس والسلمي قبل فوات الاوان، والظفر فيها وتصفية النفوذ الامريكي في الدولة والمنظومة قد تكون بين المعارك التي تستعجل فرض الهزيمة على الامريكي في سورية والعراق وتيسر تحرير القدس وتستعجله، وقد قالت العرب؛ عصفور باليد….
وقالت؛ صديقك من صدقك
على الامل والرجاء؛ اللهم اشهد اني قد بلغت.
انتهى

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى