قارب الموت” شمالي لبنان.. قصص مفقودين في البحر ومطالبات بالعدالة للضحايا
قارب الموت” شمالي لبنان.. قصص مفقودين في البحر ومطالبات بالعدالة للضحايا
بيروت- تتوالى قصص ضحايا “قارب الموت” في طرابلس شمالي لبنان، بعد أن تبين وجود جثامين عدد كبير من المفقودين في عمق البحر، وفي حين تواجه السلطات عقبات لوجستية بانتشال الضحايا، عقدت الحكومة اللبنانية جلسة استثنائية بحضور قائد الجيش ومدير المخابرات وقائد البحرية اللبنانية، للبحث بقضية غرق القارب وملابسات الحادث المفجع.
أرقام حول المفقودين
غرق القارب مساء السبت 23 أبريل/نيسان، وعلى متنه عشرات المهاجرين غير النظاميين نحو إيطاليا، معظمهم من اللبنانيين، وبينهم فلسطينيون وسوريون وأغلبهم من النساء والأطفال، تمكن الجيش من إنقاذ 45 منهم، وانتشل جثامين 6 آخرين.
وبعد تضارب الروايات بشكل كبير خلال الأيام الماضية حول الأعداد الدقيقة لركاب القارب المنكوب، بدأت قصص مفقودين تظهر للعيان، وترجح تقديرات رسمية أن عددهم لا يقل عن 23 شخصًا.
وذكر مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر للجزيرة نت، أن إدارته تبلغت حتى الآن إفادات حول 23 مفقودًا جميعهم من النساء والأطفال، بينهم 14 لبنانيًا، و7 سوريين وفلسطينيين اثنين، مرجحًا وجود مفقودين آخرين.
ويوضح مدير المرفأ أن المركب غرق بعمق يبلغ 400 متر، ولا يوجد إمكانيات لوجستية لدى لبنان لانتشاله، مشيرًا إلى أن الضحايا بمثل هكذا حادثة لا يمكن أن تطفو جثامينهم على سطح البحر إذا غرقت بعمق يتجاوز 40 مترًا، ويرجح وجودهم داخل المركب، وبعضهم كان في غرفته السفلية.
وقال إن فرقة يونانية شاركت يوم أمس الثلاثاء في عملية البحث منذ الثالثة فجرًا وحتى السابعة صباحًا، لكنها لم تتمكن من العثور على أحد من المفقودين، كما لم تتمكن الوصول إلى المركب.
وأضاف “علينا انتظار التحقيقات لكشف ملابسات الفاجعة وكل ما يتعلق بوضعية القارب وحمولته”.
قصص المفقودين
ومن بين هؤلاء المفقودين، 8 من عائلة الدندشي اللبنانية، إضافة إلى 7 آخرين من عائلتي مرعب والجمل.
يروي مظهر مرعب للجزيرة نت مأساة عائلته بحرقة، ويقول إن لديهم 7 مفقودين وهم شقيقته مها وهي حامل ومعها ابنتها الصغيرة ليا، وشقيقته حنان ومعها طفلها يوسف وطفلتها ريماس، إضافة إلى والدة صهره وشقيقته من آل الجمل. في حين، نجا من الغرق كل من صهره محمد الضناوي ووالد صهره مع شقيقه من آل الجمل.
ويتحدث مظهر عن صدمتهم مما جرى “كنا نعلم برغبتهم بالهجرة غير النظامية، لكن لم يخبروننا بموعد سفرهم، واتخذوا هذا الخيار نتيجة تدهور أوضاعهم الاقتصادية، وباعوا معظمهم ممتلكاتهم، لتوفير مبلغ بآلاف الدولارات مقابل هذه الهجرة، وكانوا يحلمون دائمًا بلحظة الخروج من لبنان والوصول إلى إيطاليا”.
وقال مظهر إن العائلة لا تطالب حاليا إلا بانتشال جثامين ذويهم، إذ “نريد وداعهم ودفنهم ونخشى من تحلل جثامينهم في البحر”، مضيفا “نطالب السلطات بتحقيق منصف يشفي غليلنا ويكشف حقيقة ما حصل ويحقق العدالة لضحايانا المظلومين، لأن المركب غرق بعد اعتراضه من قبل خفر السواحل اللبنانية”.
الناجون والأهالي ينتظرون مصير ذويهم (الجزيرة نت)
قرارات الحكومة
مع بدء تكشف ملابسات الحادث المأساوي وتقاذف الاتهامات حول المسؤول عن تلك الفاجعة، خاصة بعد شهادات ناجين من الحادث باعتراض المركب من قبل خفر السواحل اللبناني، وما تبعه الاثنين من مؤتمر صحفي للجيش تحدث فيه عن مناورة نفذها مركبه لوقف رحلة الهروب.
عقدت الحكومة اللبنانية أمس الثلاثاء جلسة استثنائية بحضور قائد الجيش ومدير المخابرات وقائد البحرية اللبنانية، للبحث بقضية غرق القارب وملابسات الحادث.
وخلال الجلسة، قال رئيس الجمهورية ميشال عون إن “ما حصل آلمنا جميعا ولا بد من معالجته من مختلف النواحي”، داعيًا لتولي القضاء العسكري التحقيق في ملابسات الحادث بهدف جلاء الحقيقة ووضع حد لأي اجتهادات . في حين أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه “من غير الجائز حرف الأنظار بهذه القضية عن سياقها القانوني والقضائي الذي يجب أن يأخذ مجراه إلى النهاية”.
كما أعلنت الحكومة أن قائد الجيش وضع نفسه والضباط والعسكريين بتصرف القضاء.
ورشح عن جلسة الحكومة 4 قرارات بشأن قضية غرق المركب:
أولًا، تكليف الهيئة العليا للإغاثة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والضرورية المتعلقة بالموضوع لمواكبة ذوي الضحايا.
ثانيًا، تكليف وزارة الشؤون الاجتماعية بالتواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية للبحث في إمكانية تقديم المساعدة في المجالات الصحية والإنسانية والنفسية للضحايا وذويهم.
ثالثًا، الطلب من قيادة الجيش إجراء تحقيق شفاف حول ظروف وملابسات الحادث وذلك تحت إشراف القضاء المختص، والطلب من الجيش تكثيف جهود البحث والإنقاذ عن المفقودين بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل).
رابعا، الطلب من وزارتي الخارجية والمغتربين والدفاع الوطني التواصل مع الجهات الدولية للمساعدة في تأمين المعدات والآليات اللازمة لتعويم المركب الغارق.
وشهدت مدينة طرابلس الاثنين تشييعا شعبيا لعدد من ضحايا المركب، وينتظر آخرون تسلم جثامين أبنائهم، وانتشال جثث المفقودين، في حين أثارت هذه المأساة حجم المعاناة التي يعيشها اللبنانيون وتزايد نسبة الفقر التي بلغت 80%، لتصبح الهجرة غير النظامية، رغم كل مخاطرها، خيارًا تلجأ إليه وتفكر به مئات الأسر.
المصدر : الجزيرة