الجيش فوق كل إعتبار… إضرب بيد من حديد
في لبنان أكثر من “أبو سلة”. وهم موجودون في مختلف المناطق اللبنانية ومن مختلف الطوائف والمذاهب. فتجّار المخدرات يسرحون ويمرحون على هواهم، ويعيثون في الأرض فسادًا وإيذاءً، حتى أنهم باتوا عبئًا حتى على الذين يؤّمنون لهم “الغطاء الشرعي”، وبالأخصّ في المناطق التي كانت تُعتبر بمثابة “مربعات أمنية”، إذ لم يكن مسموحًا للجيش والقوى الأمنية فرض هيبة القانون فيها، حتى خّيّل لبعض المتنفّذين من تجّار المخدرات والممنوعات والمهربين أنهم فوق القانون، وأنهم لا يخضعون لأحكامه، فارضين في مناطق نفوذهم وهيمنهم وسيطرتهم “قانونهم” الخاص بهم، أو بالأحرى “اللاقانون”، تمامًا كما هي الحال في البلدان التي تسيطر فيها عصابات مهربي المخدرات على مقدرات البلاد.
وعلى رغم تملّمل الأحزاب والحركات والتيارات السياسية من تمادي هذه العصابات في غيّها في المناطق الخاضعة سياسيًا لنفوذ هذه الأحزاب، سمعنا مؤخرًا بعض الأصوات تنتقد إقدام الجيش على ضرب الخارجين عن القانون بيد من حديد.
فإذا لم يتحرّك الجيش لوضع حدّ للتصرّفات الشاذة يُتهم بالتقصير. وإذا دهم أوكار المهربين وتجّار المخدرات يُهاجم وتُكال له مختلف الإتهامات ويُرشق بشتى أنواع السهام السامّة، والتي تنمّ عن عمى طوائفي غير مبرر، وعن حقد ضد حامي الوطن من أي مؤامرة، سواء أكانت من الداخل أومن الخارج.
فعناصر الجيش الذين يقومون بواجبهم عندما يدهمون أوكار هؤلاء المهربين هم من جميع الطوائف، وينتمون إلى مختلف البيئات اللبنانية، والدليل أن الشهيد الذي سقط في عمليات دهم وكر “أبوسّلة” في حي الشراونة في بعلبك ينتمي إلى المذهب ذاته الذي ينتمي إليه هذا المهرّب الخطير.
فبدلًا من أن يُهاجَم الجيش، الذي يقوم بواجبه الوطني من خلال حماية المواطنين من شرّ أفعال أمثال “أبو سلّة”، كان يُفترض بهؤلاء، ومن بينهم نائب منتخب حديثًا، أن يقفوا إلى جانب المؤسسة الوحيدة، التي يمكن التعويل عليها لفرض القانون بقوّة الحق والعدالة، وهي الوحيدة التي لا تزال صامدة وتقاوم وتجاهد من أجل الحفاظ على الإستقرار العام والحؤول دون تفاقم الوضع الأمني، وضرب كل من تسّول له نفسه اللعب على الوتر الأمني وإستغلال الوضع الإجتماعي لزعزعة الإستقرار.
فالجيش الوطني لا يُرشق سوى بالورد والرياحين لمكافأته على ما يبذله من جهود مضنية وما يقدّمه من تضحيات، على رغم الوضع الإقتصادي الذي يطال عناصره في حياتهم المعيشية، وهم الذين يعانون من الضائقة الإقتصادية مثلهم مثل سائر المواطنين المكويين بالغلاء المستشري.
فالأمن والحماية هما من مسؤولية الجيش والقوى الأمنية، وبالتالي لا يحقّ لأي فئة لبنانية، أيًّا تكن، أن تدّعي التشارك في هذه المسؤولية، أيًّا تكن الحجج والذرائع. من هنا تأتي المطالبات بأن يكون السلاح في يد القوى الشرعية وحدها دون سواها. ومن هنا أيضًا الحاجة إلى توافق لبناني جامع على توحيد الرؤية حول الإستراتيجية الدفاعية حتى يبقى السلاح محصورًا فقط بيد الجيش والقوى الشرعية، ولا يكون متفلتًا في أيدي العابثين بالأمن كما رأينا في في الأيام الأخيرة في حي الشراونة، وفي غير منطقة لبنانية لا تزال تعتبر أنها تنتمي إلى عصر كان الأمن الذاتي هو المسيطر.
الجيش أثبت في حي الشراونة أنه الوحيد القادر على حماية الناس من العصابات ومن السلاح المتفلت وغير المضبوط، وهو سيبقى فوق كل إعتبار.
تحية إلى جيشنا البطل، قائدًا وضباطًا ورتباء وعناصر، أينما كان. فالأرض أرضه. والشعب شعبه.