ميقاتي : التهرب من مواجهة “الغوغائيين” يضيع الموازين
كتب سركيس نعوم في” النهار”:في اعقاب ارتفاع وتيرة السجال الاعلامي بين رئيس حكومة تصريف الاعمال الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر ، بادر اصدقاء ناصحون على الفور الى الاتصال بالرئيس المكلف آخذين عليه “انجراره” الى فناء ساحة ارادها الطرف الآخر وهيّأ لها الى درجة وصفها البعض بـ “المكمن”.
وكانت اجابة ميقاتي على كل “هذه الشبهات المُساقة اليه” عبر مطالعة ومرافعة سياسية رغم اقراره بانه لم يكن يوما بحاجة الى هذا النوع من الدفوع كونه على ثقة بانه ما اطلق يوما موقفا الا وكان اشبعه درسا وتمحيصا، وما اقدم على فعل الا وكان موزونا بميزان الذهب وهو العليم تماما بصعوبات المرحلة وبالتناقضات والصراعات التي تغزو المشهد السياسي وتثقله الى درجة الشلل، ويعي استتباعا ما يتعين ان يتحلى به المتصدي للمسؤولية عن رضا وادراك لحجم “كرة النار التي يتوجب عليه ان يتلقفها ويتحمل التبعات”.
المطالعة الدفاعية للرئيس ميقاتي تنقسم كما ينقل عنه المتصلون به الى ثلاثة اقسام:
الاول، عبارة عن مضبطة اتهام بحق الفريق الذي اجبره كارها على النزول الى ساحة الاشتباك معه بعدما طفح الكيل وبلغ السيل الزبى. فهو الفريق الذي اعتاش على “المماحكة” واتقن لعبة “الصبي المشاكس” الى درجة انه بات ينطبق عليه القول انه “لم يترك له صاحبا” ولا خلّف صديقا. اذ من المعلوم انه دخل في حروب دائرية مع كل الذين تعاقبوا على رئاسة الحكومات منذ ان قرر هذا الفريق المشاركة في الحكومات بعد عام 2008 (دخل للمرة الاولى في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية) ومشهورة صراعاته مع الرئيس تمام سلام المشهود له بطول الاناة ورباطة الجأش، ومع ذلك اخرجوه عن طوره.
ولم يكن سلوك هذا الفريق، وفق تقدير ميقاتي، الا ضمن اظهار انه يريد اجراء عملية “تأديب” لمقام رئاسة الحكومة ومحاصرته دوما وجرّه تاليا الى المواجهات على نحو يبقيه في حال دفاع عن النفس كونه متهما دائما ويتحمل المسؤولية.
وعليه، يقر الرئيس ميقاتي للمتصلين به بانه في جزء من عمليات الرد التي اندفع اليها اخيرا كانت بدافع الدفاع عن هذا المقام بما يمثل على المستويين الوطني والطائفي، اذ لا يمكن لأي عاقل او معني ان يشهد بأم العين عملية انتهاك غير مبررة لمقام بهذا القدر من الاهمية والمحورية في حياة البلاد السياسية والادارية ومن ثم يلوذ بالصمت ويستنكف عن الرد والدفاع.
وأمر الرد يصبح اكثر الحاحا عندما تتكرر الهجمات والحملات الظالمة كلما كان هذا الفريق في رحلة بحث عن “الرافعة” له عندما تنخفض به الاحوال.
ولكي لا تضيع هذه الجهود المشهود لها من خطة التعافي الى اقرار الموازنة الى المفاوضات مع صندوق النقد وهي التي تلقى تشجيعا ودعما واسعا من جهات غربية وعربية، فاننا نجد، يردد ميقاتي على اسماع المتصلين به، ضرورة ان نضع خط اعتراض امام كل المحاولات الغوغائية التي يلجأ اليها هذا الفريق، لا لشيء إلا لكي يصم الحكومة بالاخفاق والتعثر.
الثالث، ان منطق الامور يحتم ألا يستسلم العقلاء امام هجمات الجانحين دوما نحو المجازفات غير المأمونة العواقب وامام حملاتهم الاعلامية التي تحاكي عمليا ارهابا فكريا، وهم بهذا السلوك الانكفائي انما يزدادون صلافة وطغيانا وتشويها للحقائق ويتمادون في غيّهم.
وينقل هؤلاء عن لسان ميقاتي استنتاجا فحواه ان للعاقل اهله وكذلك للجاهلين اهلهم ومن يتصدى لهم لكي لا تضيع الموازين وتختل المعايير.