إحموا النساء من عنف الذكورية الفضفاضة
إرتفعت في الآونة الأخيرة ظاهرة العنف ضدّ النساء، حتى طُبع العام 2022 بسلسلة جرائم ارتكبت بحق نساء من طالبات واعلاميات وزوجات.. “أوقفوا قتل النساء”، “نصدّق الناجيات”، “العدالة للنساء”… شعارات ترفع في كلّ مرّة تقتل فيها إمرأة أو تنجو أخرى من العنف، أو الإغتصاب.. الى أن أشعل مقتل الطالبة مهسا أميني أخيرا في العاصمة الإيرانية طهران على يد شرطة الأخلاق، ثورة نسائيّة تحت شعار “امرأة حياة حريّة” تخطّت الحدود الإيرانية وحصدت تعاطفاً من مختلف البلدان العالم
وفي ظل غياب أيّ إحصاءات رسمية تحدد حالات العنف بحسب النوع الإجتماعيّ في عالمنا العربي، يمكن وبجولة سريعة على أبرز أحداث العام الحاليّ تسجيل ارتفاع منسوب ظاهرة العنف ضد النساء.
وتجلّت أبرز حلقات مسلسل العنف ضدّ النساء في لبنان في جريمة أنصار الرباعية، التي هزّتْ البلاد، وذهب ضحيّتها أربع نساء (أم وبناتها الثلاث)، وبعد أقلّ من 48 ساعة على جريمة الكهف، فُجع اللبنانيون بسقوط امرأة في عكار على يد شقيق زوجها لخلاف حول الميراث.
أحداث المسلسل الدرامي توالت، فوقعت في أسبوع واحد ثلاث جرائم عنف ضدّ النساء. وفي فصل جديد من فصول جرائم النظام الذكوري، وقعت 7 جرائم قتل بحق نساء وطفلة خلال شهرين في سوريا.
وتشهد جرائم قتل النساء والعنف الأسري زيادة كبيرة في العراق، وفي إقليم كردستان. وتصدرت جرائم قتل الطالبات في مصر الاخبار هذا العام. وليس بعيداً شهدت ليبيا، في أسبوع واحد، خلال شهر تموز المنصرم، مقتل 9 نساء بينهن طفلتين.
وتنحو المجتمعات العربية نحو تعنيف المرأة والتمجيد بالذكورية على رغم من كل الحملات التي تطلق عبر مواقع التواصل الاجتماعي او تلك التي تقودها الجمعيات التي تدافع عن المرأة ودورها داخل العائلة وفي المجتمع.
وتشرح الناشطة النسوية والصحافية مريم ياغي الاسباب التي لا تزال تقف عائقاً أمام نيل المرأة لحقوقها القانونية التي تحميها من كافة انواع العنف، فتشير الى أنّ “مختلف الدول العربية تفتقر لوجود قوانين تحمي المرأة من العنف الاسري وان وُجدت في بعض الدول الا أنها تبقى غامضة وغير كفيلة بحماية المرأة”.
أمّا علاج تلك الظواهر ضد المرأة فيجب أن يكون، في رأي ياغي، “وقائياً وعقابياً”. وتوضح “في حالة الوقاية يجب أن نكون أمام نصوص قانونية رادعة تضع حداً للعنف ضدّ النساء بمختلف أشكاله”
أما العقاب فهو بشقين: الاول عندما نكون أمام نصوص قانونية لا تحدد ماهية العنف الاسري، ففي غالبية الدول العربية لا يوجد قانون حول العنف الاسري باستثناء تونس فنلاحظ غياب الاعتراف بمصطلح اغتصاب الزوجة أو العنف الجنسي ضمن اطار العائلة، بمعنى آخر نحن امام قانون غير شامل يتضمن كافة انواع التعنيف.
امّا الشق العقابي الثاني فهو المرتبط بوقوع الجريمة حيث لا تزال بعض الدول التي تدّعي مكافحة جرائم الشرف تناور في تطبيق القوانين التي تحد من هذه الجرائم.
ومثالاً، في لبنان تم إلغاء ما يسمّى “جرائم الشرف” واستبدلت بمادة تتحدث عما يسمّى: جرائم تقع تحت وطأة ثورة الغضب الشديد”. وخير مثال على ذلك ما حصل مع الضحية منال عاصي التي قتلت على يد زوجها، واستأنف محاميه الحكم المشدد بحق الزوج ولجأ في مرافعته الى النص الذي يتحدث عن الغضب الشديد عند وقوع الجريمة، فاستفاد زوج عاصي منه وتم تخفيف حكمه الى خمس سنوات”.
وتخوض المرأة في مجتمعاتنا حربا ضروسا على القوانين والتقاليد التي تحد من حريتها وتسعى لتكبيلها، وتسعى عبر الجمعيات التي ترفع شعار تحرير المرأة من السلطة البطريركية الى تثبيت حقها القانوني بنصوص دستورية واضحة تحميها من التعنيف الجسدي والنفسي وتحررها من هيمنة الاعراف التي مضى عليها الزمن والتي تبرر الذكورية بعناوين فضفاضة تسمّى تارة جرائم شرف وطوراً ثورة غضب شديد.