الكوليرا وصلت الى عرسال.. وارتفاع الإصابات في عكّار

تفاعل موضوع تفشي وباء «الكوليرا» في منطقة عكار في ظل تدني مستوى الخدمات الأساسية للمواطنين اللبنانيين وكذلك للنازحين السوريين، ما يهدّد بتداعيات خطيرة على المستوى الصحي لا سيما لجهة ارتفاع عدد الإصابات بوباء «الكوليرا» وسط تحذيرات وزارة الصحة من انتشار أوسع ما لم يتعاون المواطنون والنازحون لاحتواء هذا الوباء.

وكشفت مصادر صحية مطلعة على الملف لـ”البناء”، أن عدد الاصابات بوباء الكوليرا بلغ 14 إصابة حتى الآن والمرشح للارتفاع أكثر في كل لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة.
وعزت المصادر السبب الى «الاختلاط اليومي بين اللبنانيين والنازحين السوريين الذين يذهبون الى سوريا دائماً ويعودون الى لبنان. وكذلك سوء الخدمات التي تقدمها المنظمات الدولية لمخيمات النازحين السوريين في عكار»، مشيرة إلى أنه تم عرض الصور بشأن ادارة هذه المنظمات للمخيمات، خلال اجتماع لوزارة الصحة، أمام مسؤولي المنظمات الدولية.

ودعت المصادر الى فرض إجراءات وقائية لامركزية في منطقة انتشاره وتكثيف حملات التوعية في لبنان عموماً لتفادي انتشاره.

وكتبت “الاخبار”: لم يفاجئ خبر الإعلان عن أربع إصابات بالكوليرا في عرسال، مساء أمس، أحداً من أبناء المنطقة الذين كانوا يراقبون 41 حالة مشكوكاً بها. كما لن يفاجئ الإعلان المتوقع اليوم عن ارتفاع الإصابات في عكار إلى ما يتجاوز الستين أحداً أيضاً. العين على القرى والبلدات التي ستتساقط تباعاً، في نتيجة متوقعة للانهيار الحاصل في لبنان منذ ثلاث سنوات. انهيار اقتصادي وفساد متراكم حرما المناطق النائية من بنية تحتية ملائمة، كما حرمت المنظمات الدولية النازحين السوريين من أبسط مقومات العيش وكادت قبل أيام توقف عنهم حتى المياه النظيفة. القرى المجاورة لعرسال، مثل الفاكهة والعين وراس بعلبك ترفع اليوم الصوت خوفاً من مواجهة مصير مماثل مع أولى الأمطار، بما أنّها قريبة من الحفرتين اللتين تتجمّع فيهما مياه الصرف الصحي لمخيمات عرسال. أما في عكار والضنية، فقد ارتفع صوت البلديات واتحاداتها ضد فساد المنظمات الدولية وجمعياتها الصديقة.
جولة وزير الصحة إلى الشمال أول من أمس، شهدت على كلام صريح عن افتقار إلى أبسط الإمكانات: سواء لمعالجة تلوّث المياه، أو حتى لفحصها، عدا عن العجز عن جمع النفايات في ظلّ حرمان البلديات من مخصصاتها، وتوقف العديد من المشاريع التي كان يمكن أن تنهض بها”.
وزير الصحة الدكتور فراس الأبيض، أعاد التأكيد في حديث لـ”نداء الوطن” أن عدوى الكوليرا مرتبطة بشكل مباشر بموضوع الصرف الصحي، وعليه يشكّل التأكّد من صحة المياه التي يستخدمها المواطن نقطة البداية: «هذه واحدة من الأمور التي نتساعد فيها مع البلديات لأن موضوع المياه والصرف الصحي ليس مسؤولية وزارة الصحة وحسب إنما وزارة الطاقة والمياه أيضاً، في حين يجب على وزارتي البيئة والزراعة القيام بدورهما على هذا الصعيد».

الأبيض اعتبر أن الوزارة على أتمّ الاستعداد من خلال الكشف المبكر والترصّد لمعرفة مصدر الإصابات ومعالجتها تفادياً لانتشار العدوى في المجتمع. أضف إلى ذلك فحوصات المياه التي تقوم بها في مختبرات المستشفيات الحكومية والجامعية. وذكّر بحرصه على تأمين كميات كافية من الأمصال والأدوية والمضادات الحيوية، وتوفير الأماكن في المستشفيات لمعالجة الإصابات في حال ازديادها، خاصة أن تصاعداً في الأعداد متوقّع كون عدوى الكوليرا سريعة الانتشار.

تحديد مصدر الإصابة الأولى خطوة أولى في رحلة الألف ميل. فهل جرى ذلك أو تم التأكّد إن هي جاءت من خلف الحدود اللبنانية – السورية، خاصة أن عدد الإصابات في سوريا تخطّى الـ500 مع تسجيل 39 حالة وفاة حتى يوم الجمعة الماضي؟ «إلى الآن ما زلنا نقوم بالفحوصات والترصّد وحين تأتينا النتائج يمكننا تحديد المصدر بشكل أكثر دقة.
المشكلة أن ثمة معابر رسمية وأخرى غير رسمية حيث يتنقّل الكثير من النازحين للاستفادة من مساعدة منظمات الأمم المتحدة. ليس من السهل السيطرة على تلك المعابر وهي مصدر معاناة لبنانية متواصلة»، بحسب الأبيض.

الوزارة تعمل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية على تأمين مخزون كافٍ من الأدوية علماً أن معظم حالات الكوليرا لا تحتاج إلى مضادات حيوية. ويحصل ذلك توازياً مع أخذ الاحتياطات اللازمة وتجهيز المستشفيات التي ما زالت تملك قدراً من الجهوزية إثر جائحة كورونا. وفي الختام رسالة من الأبيض إلى اللبنانيين ناشدهم فيها بضرورة الالتزام بالوقاية، واتباع الإرشادات التي تصدرها وزارة الصحة عن سُبُل الحماية وكيفية غسل الخضار وتنظيفها وتعقيم مياه الشفة بواسطة وسائل تقوم كل من الوزارة واليونيسيف بتوزيعها على المواطنين لاستخدامها لهذا الغرض.
وشدّد نقيب الصيادلة الدكتور جو سلوم، لـ”نداء الوطن” على أنّ للكوليرا شقّين أساسيين يرتكزان على الوقاية أولاً والعلاج ثانياً. العلاج قائم بشكل رئيس على منع جفاف الجسم لأن مكمن الخطورة ينطلق من هناك. ونوّه بأن الصيادلة متواجدون لتقديم الإرشادات الوقائية أولاً والعلاجية للمصابين تالياً، والتوجيه إلى الأطباء والمستشفيات المختصة في حال تفاقم الحالة. «كما كان الصيادلة إلى جانب المريض وفي الخطوط الأمامية طوال أزمة كورونا، يوجد اليوم أيضاً 3400 صيدلية موزّعة على كافة الأراضي اللبنانية ومستعدة لتقديم المساعدة والأدوية المناسبة للعلاج». وحثّ سلوم المصابين على عزل أنفسهم حفاظاً على سلامة الآخرين لأن عدم نقل العدوى هو من أبرز أساليب الوقاية. كما دعا اللبنانيين إلى عدم القلق مطمئناً إيّاهم إلى أن العلاج متوفر والطرق الآيلة إلى عدم انتشار العدوى سهلة جداً، خاصة في ظل التعاون المستمر مع وزارة الصحة. وختم قائلاً إن الأدوية المستخدمة في العلاج غير مرتفعة الثمن وتُقدَّم مجاناً في مراكز الرعاية الصحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى