بعد النتائج المحبطة.. هل انقلب الجمهوريون في أميركا على ترامب؟
لم تكد النتائج المحبطة للجمهوريين في الانتخابات النصفية بالولايات المتحدة تظهر، حتى بدأت حالة التخبط وتغيير المواقف وتوجيه أصابع الاتهامات تطفو بقوة على السطح، لكن يبدو أن الخاسر الأكبر فيها الآن هو الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي لم تنقلب عليه بعض وسائل الإعلام المحافظة التي عرفت بدعمها له سابقا فقط، وإنما وجه له جمهوريون مخضرمون كذلك انتقادات وإن كانت بصورة مبطنة.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات، أداء ضعيفا للجمهوريين في مقاعد مجلسي الشيوخ والنواب، خاصة أن أداء العديد من مرشحي الحزب الجمهوري المدعومين من دونالد ترامب لم يكن جيدا.
ولعل التلميحات التي أدلى بها ترامب أيضا مؤخرا، إلى أنه سيترشح لانتخابات الرئاسة عام 2024، لعبت دورا في قلب الطاولة على الجمهوريين وصد “التسونامي الأحمر” الذي كان متوقعا في الانتخابات النصفية.
وما أن بدأت النتائج الأولية بالظهور، حتى تبدلت مجريات الأحداث تماما، إذ فوجئ الجميع بالتغطيات الإعلامية التي قدمتها بعض الصحف والشبكات، التي يعتبر بعضها بأنه ضمن التيار “المحافظ”، والتي طالما كانت من أكبر الداعمين لترامب، حتى وصل الأمر لأن تعلن صراحة دعمها لحاكم فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس.
ويعد ديسانتيس “الفائز الكبير” في الانتخابات النصفية، ويراه كثيرون على أنه “المنافس الرئيسي” لترامب في ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة عام 2024.
“فوكس نيوز”، التي كانت تدعم ترامب بشكل كبير طيلة سنوات، نشرت عمودا بارزا للمحللة المحافظة ليز بيك، وصفت فيه ديسانتيس بأنه “الزعيم الجديد للحزب الجمهوري”. كما علقت “فوكس نيوز” على التطورات بأنها “عصر جديد”.
وفي برنامج “فوكس آند فريندز”، قال رئيس مجلس النواب السابق، نيوت غينغريتش: “أعتقد أن الحاكم ديسانتيس هو الفائز الأكبر في هذه الليلة. من شبه المؤكد أن ديسانتيس سيصبح نقطة تجمع لكل شخص في الحزب الجمهوري يريد تجاوز ترامب”.
بدورها، أشادت صحيفة “نيويورك بوست”، بفوز ديسانتيس، على صفحتها الأولى، ووصفته في عنوانها “DeFUTURE”، في إشارة إلى أنه يجسد المستقبل.
ووفق الصحيفة، فقد “قدم (ترامب) أجندته الشخصية على أجندة الحزب (في الحملات التي شارك فيها لدعم مرشحين جمهوريين)، ولم يخف اهتمامه بمصيره السياسي حتى في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، في وقت كان الجمهوريون يسعون إلى الفوز بالأغلبية”.
وفي صحيفة “وول ستريت جورنال”، نشر مجلس التحرير المحافظ مقالا يعلن “تسونامي ديسانتيس في فلوريدا”، مضيفة: “ليس هناك شك في أن نجاحه في فلوريدا سيجذب انتباه الناخبين خارج الولاية.. يمكنك أن تراهن على أن ترامب كان يراقب بحزن”.
جمهوريون مخضرمون ساخطون لم يقتصر أمر “الانسحابات” من فوج داعمي ترامب على وسائل الإعلام، إذ امتد إلى بعض كبار السياسيين الجمهوريين، على رأسهم ليندسي غراهام، الذي تحدث عن “خطأ” تم ارتكابه في الانتخابات النصفية، من خلال مرشح دفع به ترامب.
واعترف غراهام، ليلة الثلاثاء، بأن نتائج منتصف المدة لحزبه كانت “مخيبة للآمال حتى الآن”، معتبرا أنها “بالتأكيد ليست موجة جمهورية”، وذلك في حديث لشبكة “إن بي سي” الأميركية.
وأعرب لسياسي المخضرم عن إحباطه بشكل خاص من دون بولدوك، المرشح لمجلس الشيوخ عن ولاية نيو هامبشاير، قائلا إن “العديد من الجمهوريين المؤسسين خافوا من أن يكون متشددا للغاية، لدرجة تمنعه من الفوز في الانتخابات”.
واعتبر غراهام أنه “من المحتمل أن يكون تم ارتكاب خطأ”، في إشارة إلى بولدوك، الذي رشحه ترامب وخسر أمام السيناتور الديمقراطي الحالي بأكثر من 9 نقاط.
ويعد رون ديسانتيس (44 عاما) وجهاً سياسياً جديداً نسبياً، حيث تم انتخابه لأول مرة ليشغل مقعداً في مجلس النواب عام 2012، في حين أنه أصبح حاكم ولاية فلوريدا منذ سنة 2019.
وبفارق يزيد عن 1,5 مليون صوت، حقق فوزا ساحقا في الانتخابات النصفية. وفعلياً، فإن هذا الفوز الكبير أثار التكهنات بأنه قد يترشح للرئاسة في غضون عامين، وينافس ترامب بقوة على رئاسة الحزب الجمهوري.
ترامب “مدرك للتهديد”
في إشارة واضحة إلى أن ترامب مدرك تماما للواقع الجديد الذي فرضته الانتخابات النصفية، وحجم التهديد الكبير الذي يشكله ديسانتيس عليه، قرر الرئيس السابق الخروج عن صمته، بتعليق يراه كثيرون “غير موفق”، وذلك بـتحذير ديسانتيس من الترشح للرئاسة عام 2024.
وقبل ساعات من انتخابات الثلاثاء، قال ترامب إنه “إذا أقبل ديسانتيس على ذلك فإنه سيلحق الضرر بالحزب الجمهوري”.
في تصريحات لشبكة “فوكس نيوز”، اعتبر ترامب أن ديسانتيس “سيرتكب خطأ فادحا”، وأن “القاعدة الجماهيرية لن تحب الأمر”.
وفي حدث منفصل في ولاية بنسلفانيا، أشار ترامب إلى ديسانتس بـ”Ron De-Sanctimonious” أي رون “مدعي الورع والتهذيب”، مما أثار انتقادات من قبل المحافظين.
وبعد يوم من تلك التصريحات، أقر ترامب بأن ديسانتيس “سيفوز على الأرجح حتى لو لم يحظ بتأييده الواضح والصريح”، وهو ما تحقق بالفعل.
(سكاي نيوز عربيّة)