بِعَشَرات الصواريخ وبدمار كبير… هكذا ذكّر فلاديمير بوتين الصين وكبار G20 بأنه موجود!

“وحش جريح” قد يُشعل العالم كلّه قبل تسليم ذاته لمحكمة آلاف جثث الجنود الروس

 

أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”

 

بإطلاق عشرات الصواريخ على أوكرانيا من شرقها الى غربها، استهدفت مراكز البنى التحتية الحيوية، بهجوم وُصِفَ بأنه أكبر قصف لمرافق الطاقة الأوكرانية منذ بَدْء الحرب، وجعل أكثر من سبعة ملايين منزل أوكراني محروماً من التيار الكهربائي، وأكثر من نصف سكان كييف وحدها من دون كهرباء، وأدّى الى “انقطاعات” بالكهرباء في مولدوفا، تفجّرت روسيا غضباً، وانتقاماً، وغيظاً، من الأوكرانيّين، ومن خطاب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في “قمة العشرين”.

وحتى إن مسؤوليّة وفاة شخصَيْن في بولندا أمس، يتحمّلها الروس. فإذا كان الصاروخ الذي أصاب الأراضي البولنديّة ناجماً عن الدفاعات الجويّة الأوكرانيّة بالفعل، فهو محاولة أوكرانيّة لصدّ هجمات روسيّة، باتت خطراً على الأمن العالمي، لا الأوكراني وحده.

تذكير

كما أنه بتلك الضربات الصاروخيّة العنيقة، ذكّرت روسيا العالم بها، بعدما كاد الجميع ينساها مؤخّراً، لولا بعض “الجَقْجَقَات” الصّادرة إما عن المتحدّثة بإسم الخارجية الروسيّة ماريا زاخاروخا، أو عن بعض المسؤولين الروس، الذين تتراوح تصريحاتهم بين نفض الغبار عن الذّات، أو “تبييض الطناجر” تجاه حاكم الكرملين، رغبةً منهم بنَيْل حظوة لديه، أو بحثاً عن مستقبل سياسي في “العالم الروسي” الذي سيعقب حقبة “نظام بوتين”.

 

“فحص طبي”

فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين غاب عن قمة “مجموعة العشرين” للقوى الاقتصادية الكبرى في إندونيسيا، وهو ما أبرز عزلة روسيا الدوليّة، خصوصاً أن غيابه لم يُحدث أي فارق.

وتكتمل تلك العزلة، بالغموض الذي لفّ “زيارة” قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لمستشفى في إندونيسيا من أجل إجراء “فحص طبي”، من دون تقديم معلومات إندونيسية إضافيّة حول تلك “الزيارة”، مع تأكيد أنه بصحة جيّدة.

 

 

فتلك “الزيارة” هي أبهى دليل على ضعف روسيا المتزايِد، وبتأكيد روسي. فالروس، وفي معرض تكذيبهم بعض وسائل الإعلام التي ذكرت أن لافروف أُصيب بأزمة قلبية، أكملوا التأكيد الإندونيسي حول أن دخوله المستشفى أتى من أجل إجراء فحص طبي. وهو ما يطرح أسئلة حول ضعف النّظام الاستشفائي الروسي، وعَدَم ثقة الوزير الروسي بمستشفيات بلاده، وبالطبابة فيها، خصوصاً أن مفاعيل العقوبات الغربية على موسكو بدأت تطال كل جوانب الحياة في روسيا، وحتى القطاعات المُصنَّفَة إنسانيّة، والتي لا تطالها مفاعيل العقوبات مباشرةً في العادة

الزّمن الروسي”

عشرات الصواريخ الروسيّة، ذكّرت روسيا العالم بوجودها من خلالها. وهي روسيا التي تضعف على وقع الثقة المُتزايِدَة بالنّفس لغريمتها في أوكرانيا، وعلى الساحة الدولية عموماً، وهي الإدارة الأميركية التي خرجت من انتخاباتها “النّصفيّة” بخسائر محدودة، أي بثقة شعبيّة لا بأس بها، تمنحها الكثير من التفويض في الملفات الداخلية والخارجية.

عشرات الصواريخ الروسيّة، ذكّرت روسيا العالم بوجودها، من خلالها، بعد تراجُع مكانتها كدولة ذات شأن بوضوح، واحتلال الصين مركز الاهتمام الغربي في الشرق.

 

 

فالرئيس الصيني شي جينبينغ كان “زعيم الشرق”، على طاولة قمة “مجموعة العشرين”، وذلك على حساب الرئيس الروسي الغائب، والذي لم ينجح بالحضور عبر لافروف، ووسط “اندفاعات” أميركية وأوروبية وغربية واضحة، برزت على طاولة القمة، للتعاون مع بكين كشريك، وحتى كمنافس شرقي وحيد للغرب، وللتعويل على تأثير بكين في ملفات عدّة، اقتصادية، و”طاقوية”، ومناخية، وجيوسياسية…، وحتى على مستوى إنهاء الحرب الروسيّة على أوكرانيا، وبطريقة تُظهر ما يُشبه “نهاية الزّمن الروسي” القديم، بالنّسبة الى الغرب.

جريح

عشرات الصواريخ الروسيّة، نجحت في إغراق ملايين الأوكرانيّين بالعتمة، وفي الردّ على زيارة زيلينسكي خيرسون، التي شكّلت موقع الذلّ الروسي الأخير. عشرات الصواريخ الروسيّة قصفت أوكرانيا، على وقع إدانة مستترة وظاهرة، في آنٍ معاً، للحرب الروسيّة على أوكرانيا، على طاولة قمة “مجموعة العشرين” في إندونيسيا.

وقد تكون الانفجارات في بولندا أمس روسيّة المصدر بالفعل، ومقصودة، أو لا تكون كذلك. وقد يتجنّب حلف “الناتو” الاعتراف بـ “روسيّة القصف” على أراضيه، تجنّباً لشبح إشعال حرب واسعة النّطاق، لا أحد جاهزاً لها.

 

 

ولكن الثّابت، هو أن تلك الصواريخ تؤكّد أن نظاماً عالمياً جديداً يتشكّل بالحرب الروسيّة على أوكرانيا، وأن أبرز ما يحتاجه هو وضع حدّ لـ “وحش جريح” يسكن الكرملين، بات جريحاً جدّاً، وهو ينفث غضباً وحَنَقاً بما قد يجعله يُشعل العالم كلّه، قبل أن يعترف بضرورة إعداد خطاب الاستقالة، وتسليم ذاته لمحكمة آلاف جثث الجنود الروس الذين أرسلهم الى أوكرانيا، ليكونوا كباشاً في محرقة شهواته الإجراميّة، التي نتمنى أن يرتاح العالم من شرورها، قبل أن تُفنيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى