مجلة أنقذت رأسه من ضربة سيف.. الناجي الوحيد وصل أبواب جلال آباد وحصانه خرّ صريعا
وصل الطبيب الجراح ويليام بريدون جريحا على ظهر حصان يحتضر إلى مدينة جلال أباد الأفغانية وكان الناجي الوحيد من قوة بريطانية قوامها 16 ألف شخص.
كان أفراد القوات البريطانية المتمركزة في مدينة جلال أباد الواقعة شرق أفغانستان، يترقبون وصول رفاقهم من حامية كابل بعد ظهر يوم 13 يناير عام 1842، حين لمحوا شخصا وحيدا فوق حصان يسير مترنحا قرب أسوار المدينة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.
وصل ويليام بريدون، ويبلغ من العمر 30 عاما ويعمل جراحا مساعدا في الجيش البريطاني، وهو الناجي الوحيد من قوة بريطانية كبيرة، إلى جلال أباد بجمجمة محطمة من ضربة سيف أفغاني، ونجا من موت محقق، لأنه وضع نسخة من مجلة “بلاك وود” في قبعته للتغلب على شدة البرد، ما خفف من وقع ضربة السيف وأنقذ حياة الرجل، فيما سقط الحصان صريعا بعد أن أوصل صاحبه إلى أسوار مدينة جلال أباد.
تؤكد أغلب الروايات أن الطبيب في الديش البريطاني ويليام بريدون كان الناجي الوحيد الذي وصل إلى مركز حراسة بريطاني في مدينة جلال أباد من قوة استكشافية أنجلو هندية قوامها 16000 جندي أبيدت أثناء انسحابها من مدينة كابل. وقع الهجوم في ممر خيبر، وسحق الأفغان من دون رحمة القوة البريطانية والمرافقين لها.
المستعمرات البريطانية في الهند كانت تدار في أوائل القرن الـ19 من قبل شركة الهند الشرقية، وهي مؤسسة تجارية كبرى مقرها لندن، وكانت مسؤولة أمام مساهميها والبرلمان البريطاني.
كان هدف الشركة في أفغانستان يتمثل في حماية مستعمراتها في المنطقة الهندية. وكانت لندن تتخوف حينها من تمدد الإمبراطورية الروسية القيصرية نحو الشرق، فقامت باستبدال حاكمها بموال لها، وكان البريطانيون يعتزمون استخدام أفغانستان بمثابة دولة عازلة بينها وروسيا.
استولى الجيش البريطاني على كابول في أغسطس من عام 1839، وأطاح بحاكمها دوست محمد خان لصالح شاه شجاع، الموالي لبريطانيا.
في وقت لاحق عادت غالبية القوات البريطانية إلى الهند، إلا أنه سرعان ما تبين استحالة الحفاظ على حكم “شجاع” إلا بوجود قوة بريطانية قوية.
مجلة أنقذت رأسه من ضربة سيف.. الناجي الوحيد وصل أبواب جلال آباد وحصانه خرّ صريعا
سرعان ما واجه البريطانيون صعوبات في كابول وما حولها، وتصدع حكم شاه “شجاع” وكان لا يحظى بشعبية بين الأفغان، وتحول الاستياء والكراهية في نهاية المطاف إلى انتفاضة عارمة. ولم يكن أمام البريطانيين المحاصرين من جميع الجبهات من خيار سوى الانسحاب من أفغانستان. بلغ عدد الوحدات البريطانية المغادرة حوالي 16500، منها حوالي 4500 من الأفراد العسكريين، وأكثر من 12000 من المرافقين والأتباع.
ويرى المؤرخون أن ما يعرف بالحرب الافغانية الأولى التي جرت في عام 1839، قوضت هيبة الإمبراطورية البريطانية، فيما اعتبر الانسحاب من كابل وما نجم عنه من إبادة القوات البريطانية المتمركزة في المدينة في يناير من عام 1842، ضربة قاتلة للهيبة البريطانية في الشرق، مهدت الطريق في النهاية أمام التمرد الهندي في عام 1857.
منذ يوم 6 يناير 1842، كان خط التراجع إلى جلال أباد يمر عبر أكثر المناطق الريفية قسوة ووجدت القوات البريطانية المنسحبة نفسها معرضة باستمرار للهجمات والكمائن، وسرعان ما انهارت الروح المعنوية والتماسك في صفوف البريطانيين وتحول تراجعهم إلى هزيمة ساحقة. وسقط أفراد القوة البريطانية المنسحبة فيما كانوا يشقون طريقهم بين الوديان والمناطق الوعرة الواقعة على طول نهر كابل، وقرب منطقة “غانداماك” تمت إبادتهم بالحراب والسيوف بعد أن نفذت ذخيرتهم.
قتل معظم أفراد القوة البريطانية المنسحبة من كابل على يد مقاتلي القبائل الأفغانية، وجرى أسر عدد قليل من الضباط والجنود البريطانيين، فيما نجا الجراح المساعد ويليام بريدون مع جواده الجريح والمنهك ووصل إلى أسوار مدينة جلال أباد، حيث سقط الجواد ميتا، ليدخل هذا الطبيب التاريخ باعتباره الناجي الوحيد من معركة كبرى.
المصدر: RT