السياحة في لبنان: معالم تتحدى الحروب والكوارث
السياحة في لبنان: معالم تتحدى الحروب والكوارث
زيارة لبنان تحمل متعة تمزج بين الحضارة والتاريخ العريق من جهة… والمرح والتسلية من جهة ثانية.
* تتميز بيروت بغناها التراثي ومساجدها وكنائسها القديمة، إضافة إلى الحدائق العامة والمراكز التجارية والمطاعم المتنوعة.
* كيدنيان: أطلقنا مبادرة «visit Lebanon» وقمنا بدعوة 300 شركة رحلات خلال عامين لاستكشاف المناطق اللبنانية.
كثيرة هي الألقاب التي عرف بها لبنان، دون ذكر اسمه، وكثيرة هي المميزات التي يتمتع بها وطن الـ10452 كلم، فرغم صغر مساحته وكثرة مشاكله، بقي لبنان على مرّ الزمان والعصور منارة مضاءة لا تطفئه حروب أو كوارث تعصف ببلد الأرز ليهتز دون أن ينهار.
اشتهر لبنان في محيطه العربي منذ خمسينات القرن الماضي كوجهة سياحية مميزة ومقرًا للشعراء والمثقفين والفنانين، نظرا لمقومات لبنان وطبيعته الخلابة المميزة ومناخه المعتدل وأبنائه المضيافين، إضافة إلى التنوّع الحضاري والثقافي والاجتماعي الذي يتميّز به، والانفتاح الاقتصادي. إلا أنّ النكسات التي يعيشها لبنان بين فترة وأخرى من الحرب الأهلية والاجتياحات الإسرائيلية المتكررة والأزمات السياسية المتتالية وعدم الاستقرار الأمني المتقطع، يجعل لبنان فارغاً من روّاده وزواره الدائمين، ولكن ما إن تعود الأمور إلى طبيعتها حتى يعود السياح العرب وخصوصا الخليجيين للاستمتاع والاستجمام بمميزات بلد الأرز.
تحمل زيارة لبنان متعة تمزج بين الحضارة والتاريخ العريق من جهة، والمرح والتسلية من جهة أخرى، إضافة إلى أنّ صغر مساحته أضاف للبنان ميزة عن محيطه العربي، ففي شهر أبريل (نيسان) يستطيع زائر لبنان التمتع بالجبال التي لا تزال مكسوة بالثلج الأبيض وممارسة هواية التزلج، وخلال أقلّ من ساعتين يمكنه التمتع بشواطئ لبنان وممارسة الرياضات المائية!
وإلى محبي استكشاف الحضارة والتراث اللبناني، رحلة إلى أبرز المناطق اللبنانية سنرويها بسطور قليلة لكي نننقل القارئ إلى أزقة وأحياء لبنان القديمة.
جبيل
بيبلوس – جبيل: المدينة التي صدّرت الحرف، وهي واحدة من أقدم المدن في لبنان، تعد جبيل من أشهر الوجهات السياحية في لبنان، فهي مليئة بالمواقع الأثرية في لبنان، إلى جانب وقوعها على شريط البحر المتوسط، وهو ما يجعل منها مدينة سياحية متكاملة. جدير بالذكر أن منظمة اليونيسكو صنفت مدينة جبيل كموقع للتراث العالمي عام 1984.
تضم مدينة جبيل أماكن أثرية مفتوحة، مثل: أساسات المعبد الكبير، والأجزاء المتبقية من طريق يعود للعصر الروماني والمسرح الروماني، وموقع عين الملك والذي كان يعد منبع المياه الرئيسي قديمًا. بالإضافة إلى الآثار التي تعود للعصر الحجري وبقايا البيوت القديمة التي تعود إلى ما قبل الميلاد، وغيرها.
وأيضًا تضم هذه المدينة عددًا من القلاع التي تعود معظمها إلى العصور الإسلامية مثل القلعة البحرية، والقلعة الصليبية، والقلعة الفارسية.
أمّا المتاحف فهي كثيرة؛ أبرزها متحف موقع جبيل، وتعود معروضاته إلى فترة ما قبل التاريخ وحتى القرون الوسطى، ومتحف ذاكرة الزمن، الذي يعرض أحجارا تعود إلى ملايين السنين، ومتحف الشمع. إضافة إلى السياحة الدينية وزيارة المساجد والكنائس القديمة الموجودة في المدينة. ولا تخلو زيارة هذه المدينة من الاستمتاع بالمنتجعات على شاطئ المتوسط وزيارة الحدائق الجميلة، وتذوق أشهر الأطباق والحلويات والتمتع بالمهرجانات والاحتفالات التي تميّز جبيل على مدار العام.
صيدا
ومن الشمال إلى الجنوب، وتحديدًا إلى مدينة صيدا، التي تتميز بوجود اثنين وأربعين موقعًا من المعالم الأثرية، وهي من أعرق المدن اللبنانية على شاطئ المتوسط، فبمجرّد الوصول إلى صيدا والوقوف أمام القلعة البحرية الضخمة تعرف أنّ لهذه المدينة تاريخًا من الحضارات المتعددة التي أغنت هذه المدينة، فكثير أولئك الذين تركوا بصماتهم في تاريخها من الكنعانيين إلى الفينيقيين واليونانيين والرومان والبيزنطيين والعرب والعثمانيين وصولاً إلى الانتداب الفرنسي.
فالشوارع الفينيقية القديمة والمدينة القديمة المبنية على طريقة العقد، بشوارعها الضيقة المسقوفة بالعقود التاريخية، تقطع بعضها فتحات يتغلغل عبرها النور وتربط أسواقها الشعبية على أنواعها وخان الإفرنج وزيارة المسجد الكبير ومتحف الصابون، وغيرها من المواقع، تضفي على زيارة صيدا متعة خاصة.
بعلبك
تقع مدينة بعلبك في وسط سهل البقاع المعروف بالمساحات الخضراء التي تغطيه، ويخرقه نهر الليطاني الذي يزيد المدينة جمالاً، وإلى جانب الجمال الطبيعي مقومات تاريخية وأثرية تتمتع بها مدينة الشمس كما أطلق عليها عندما أصبحت وجهة أساسية للسياح ومقرًا لإقامة المهرجانات ومسرحًا لأهم الأعمال الفنية لأشهر الفنانين اللبنانيين والعرب، منهم أم كلثوم وفيروز.
وأكثر ما تشتهر فبه بعلبك هي آثارها الرومانية والهياكل المتبقية في قلعة بعلبك ومعبد باخوس ومعبد فينوس، إضافة إلى الآثار الإسلامية التي خلفتها الحضارات العربية في المدينة. ومن أهم تلك الآثار المنازل العثمانية التي تعطيك فكرة عن طراز المباني في هذا العصر، وأيضًا من الآثار الهامة بالمدينة ضريح السيدة خولة والذي يعد مزارًا دينيًا هامًا.
جونية
ومن البقاع نعود إلى الساحل مع عروس الشاطئ اللبناني جونية، والتي تجمع بين التراث والحضارة، والمحاطة بالجبال الخضراء. ومن أهم المحطات التي يجب زيارتها في جونية مغارة جعيتا وهي مغارة تكونت دون تدخل إنسان بفعل تسرب المياه إلى الصخور فكوّنت منحوتات وشعابًا تستحق الزيارة. وأيضًا على الزائر الاستمتاع بتجربة ركوب التلفريك ومشاهدة مدينة جونية من الأعلى. إضافة إلى زيارة الأسواق القديمة والاستمتاع بالبحر والتمتع بالمقاهي والمطاعم التي تتميز بها المدينة.
تبنين
تقع بلدة تبنين جنوب لبنان، ومن أبرز معالمها قلعة تبنين التي بناها الآراميون في موقعٍ جغرافي يشرف على مدينة صور والجليل الأعلى في فلسطين المحتلة. استُعمِلَت كحصنٍ بارزٍ في الحروب القديمة وتعرّضت للهدم وتجديد البناء تكرارًا. عدد أبراجها عشرة، ومساحتها التقريبية 25 ألفًا و500 متر مربع. يمكنكم أيضًا استكشاف البلدة وينابيعها مِثل عين المزراب وعين الخان.
شاغور حمانا
يجذب شاغور حمانا الزوار، خصوصًا في فصل الصيف، لما يتمتع به من أشجار كثيفة وشلال، يمكن الانطلاق منه للمشي في جبال حمانا الطبيعية، وللقفز بالمظلة من الأعالي. إضافة إلى الشاغور. وتُعرَف حمانا بوادي وقصر الشاعر الفرنسي ألفونس دولامارتين الذي كتب الكثير عن رحلته المشرقية وعن وفاة ابنته البالغة عشر سنوات في لبنان.
بيروت
وآخر محطة من سطورنا هي في بيروت التي تحتاج وحدها أيامًا لاستكشاف هذه المدينة المتناقضة بجمالها ومقوماتها وخباياها، فثروة الأحياء والمجتمعات وحدها مثيرة للاهتمام، وأفضل وقت لاستكشافها هو الأحد صباحًا، حيث يخيم الهدوء على المدينة، ويمكن للزائر الذهاب إلى الشوارع الصغيرة، والبحث عن الهندسة المعمارية المتنوعة، واكتشاف الناس والأماكن وتناول القهوة، فضلا عن التواصل مع السكان المحليين، ويعتبر حي راس بيروت هو أحد الأحياء المفضلة للسير على الأقدام، كونه على مقربة من البحر والمدينة، بين بيوت التراث المخبأ بين المقاهي الأصيلة ذات التاريخ الطويل.