قريبًا جدًا.. الذكاء الإصطناعي سيحدّد لنا موضة الملابس!

هيمنت حفنة من الناس على استشراف اتجاه صناعة الأزياء لعقود. فقد كان محررو مجلات الأزياء الرائدة مثل “هاربرز بازار” (Harper’s Bazaar) و”فوغ” (Vogue) يحددون صيحات الموضة وفقاً لما ينشرون، ونذكر عرابات الموضة في “فوغ” اللاتي خلدتهن هوليوود مثل ديانا فريلاند في فيلم (Funny Face)، أو آنا وينتور في (The Devil Wears Prada).

كما سيطر مسؤولو التسويق في جادة ماديسون بولاية نيويورك، التي تحتضن غالبية بيوت الأزياء، على الرسائل الإعلانية. ثم ظهرت الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والمدونات والبث الرقمي، وغيرها من التقنيات التي جعلت الموضة أوضح، واتجاهاتها أكثر تقلباً، إذ تضطلع الحواسيب بكثير من المهام في عالمنا اليوم.

يعود تاريخ التوقعات في عالم الموضة كما نعرفها الآن إلى عام 1915، الذي شهد صياغة التقارير الأولى بشأن توقعات الألوان الأكثر رواجاً من قبل “جمعية بطاقات ألوان النسيج في الولايات المتحدة”، المعروفة حالياً باسم “جمعية الألوان الأميركية” التي تصدر التقرير ذاته.

ظهرت غالبية شركات التنبؤ التي نعرفها اليوم خلال حقبة الستينيات والسبعينيات، عندما أصبحت التوقعات أكثر تعقيداً، فوسعت تلك الشركات مجال عملها من الألوان والأقمشة الرائجة، ليشمل إلهام التصميمات، وأضافت اتجاهاً إبداعياً أوسع نطاقاً.

كما وضع “نظام المضاهاة من بانتون” (Pantone Matching System) لمطابقة الألوان في 1963 كأداة لتوحيد رموز الألوان، ما منح الصناعة لغة مقبولة على نطاق واسع للتعامل مع الألوان، فيما أسست فيث بوبكورن، مستشارة التسويق والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، شركة الاستشارات الخاصة بها تحت اسم “برين ريفريس” (BrainReserve) في 1974 كأعرق الشركات المتخصصة في التنبؤ باتجاهات الموضة.

تعد شركات مثل “نيلّي رود”، التي تأسست في 1985، و”دبليو جي إس إن”، 1998، من أبرز المتنبئين في مجال الموضة اليوم. تقول “دبليو جي إس إن” إنها تخدم أكثر من 6500 عميل حول العالم، لكنها تشتهر بالسرية بشأن مجموعة واسعة من عملائها. وهناك عدد قليل من الشركات التي أُعلِنت أسماؤها وهي “غوغل” و”إل جي إلكترونيكس” و”بوما”.

وقالت فرانشيسكا موستون، نائبة رئيس قطاع الموضة لدى “دبليو جي إس إن”: “يتحدث الناس كثيراً عن مدى سرعة صناعة الأزياء في تغيير اتجاهاتها”، موضحةً أن الحقيقة هي أن غالبية عملاء الشركة ما زالوا يعكفون على تصميم مجموعات الأزياء لمدة عام على الأقل قبل إطلاقها.

يعتبر تحديد اتجاهات الموضة فناً وعلماً في آن معاً، كما تتطور نقاط البيانات التي يستند إليها باستمرار.

هناك بالطبع تصميمات تُطرح خلال عروض الأزياء والمعارض التجارية، لكن الأحداث الهامة في ثقافة موسيقى البوب، وإصدارات الأفلام أو الألبومات وإطلالات السجادة الحمراء المتميزة، والحفلات الموسيقية أو الجولات الفنية، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الجمهور أيضاً.

على سبيل المثال، بدأ نزعة المغالاة مع أحداث مثل تعيين مصمم الأزياء الشهير بالمبالغة أليساندرو ميكيلي مديراً إبداعياً لدار الأزياء الإيطالية “غوتشي”، وظهور ريهانا في حفل “ميت غالا” بعباءة إمبراطورية صفراء مزدانة بالفراء من تصميم الصينية غو باي.

يبحث المحللون أيضاً في وسائل التواصل الاجتماعي لجمع البيانات. تُصنف شركة استخبارات السوق “إيديتد” (Edited)، المتخصصة في تحليلات البيع بالتجزئة، والتي تضم قائمة عملائها شركات مثل “أبيركرومبي آند فيتش” (Abercrombie & Fitch) و”بوهو غروب” (Boohoo Group)؛ شيئاً ما على أنه نزعة إن رأت ثلاثة منشورات عنه فقط.

تكتسي الأرقام أهمية كبيرة في هذا الإطار، حيث يتتبع المتنبئون باتجاهات الموضة بيانات بطاقات الائتمان مثل تاريخ التسوق عبر الإنترنت، وتواتر زيارات المتاجر والمشتريات، ويعتمدون على استطلاع آراء المستهلكين بشكل كبير. كما يأخذ المتنبئون التوقعات الاقتصادية والمناخ السياسي وحتى الطقس، وأي شيء يمكن أن يؤثر على معنويات المستهلك أو سلاسل التوريد، في الاعتبار.

بيّنت سوزان بياتزا، الأستاذة المساعدة في “كلية بارسونز للتصميم” في نيويورك والتي عملت سابقاً في سلسلتي “جي كرو” (J.Crew) و”جي سي بيني” (JCPenney) لبيع الملابس، أن مراقبة المتسوقين في المتاجر والاستفسار عن عاداتهم في الشراء من الأمور بالغة الأهمية، وقالت: “إنك ترى ماذا يرتدون وتتحدث معهم وتناقشهم وترى ما يعجبهم وما لا يستسيغونه”.

لكن بجانب تحليل البيانات وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، يظل أحد أسرار التنبؤ هو توافق نحو 20% إلى 30% فقط من المنتجات المعروضة على أرفف المتاجر مع اتجاهات الموضة، بينما تصنف بقيتها كأساسيات موسمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى