بعد”المهرّب”.. الدواء المزوّر يغزو صيدليات لبنان
قضية تلاعب التجار في لبنان بصلاحية المنتجات المعروضة للبيع ليست وليدة اليوم، إنّما هي عملية تعود إلى سنوات وسنوات مضت، مع ضعف الرقابة اللازمة من قبل الجهات المعنية، والتي فتحت الباب أمام هؤلاء لاستغلال الوضع القائم والتحكم بعملية بيع ما يريدون على حسب أهواء تجارتهم، إلا أنّه مجددًا وصل أمر التزوير هذه المرة إلى القطاع الصيدلي، عقب فضيحة التلاعب بصلاحية متمم غذائيّ، حيث جرى سحبه من الأسواق. لكن المفارقة تتجلى بأنّ كشف “الجريمة” لم يتم من قبل الجهات المعنية، إنّما حسب المعلومات تمكن مواطن من كشف تاريخ تلاعب أحد المتممات الغذائية، وفور البحث والتأكد، ظهر إلى العلن وجود أكثر من نوعٍ تم التلاعب بصلاحية تاريخه، بعد إثارة القضية على نطاق أوسع من قبل جمعية.
هذا الأمر دفع بالقاضية جويل أبو حيدر، القاضي المنفرد في بعبدا، إلى فتح القضية على مصراعيها في ما يخص فيتامين “فريش زينك” و”فريش زينك مالتي بلس، وتوصلت القاضية إلى منع بيع هذه المنتجات داخل الصيدليات، وعلى الخط نفسه تحرّكت وزارة الصحة التي أمرت بأن يتم سحب المنتجين التابعين لشركة “فريش فارما انترناشونال”. وحسب معلومات “لبنان24” فإن الشركة قد باشرت بسحب كافة المنتجات التي تخصّ الفيتامين من الصيدليات لتقوم بجردة للتأكد من التواريخ المتواجدة عليها، وذلك عقب تحرك سابق قامت به نقابة الصيادلة التي أرسلت فريقها إلى مستودعات الشركة لإجراء عملية التفتيش اللازمة.
من جانبها، أكّدت مصادر وزارة الصحة التي تواصل معها “لبنان24″ أن المنتجات هذه هي مصنّعة في كندا، والوزارة أصرّت على وجوب صدور قرارٍ سريع لناحية سحب المنتجات التي تستعمل للرضع، إذ إنّ صحة اللبنانيين هي أولوية، خاصةً لناحية تزوير التواريخ، والذي يعتبر جريمة يُعاقب عليه القانون.
وشدّدت المصادر لـ”لبنان24” على أنّ الوزارة لن تتوانى ولو للحظة عن ملاحقة أي مزوّر في هذا الشأن لما لها هذه الجريمة من آثار كارثية على صحة المرضى، وعليه شكّلت الوزارة، حسب المصادر، لجنة تحقيق تعمل على كشف التفاصيل الدقيقة من خلال التدقيق بالمستندات الأساسية التي طالبت بالحصول عليها من قبل الجهات المعنية، أو من قبل أي جهة متورطة ورد أو قد يرد اسمها في مجريات التحقيق.
من جهة ثانية، أظهرت القضية هذه تجّار الشنط، أو ما يعرف بأصحاب الصيدليات المتنقلة إلى الواجهة من جديد، إذ تشير معلومات حصل عليها “لبنان24” إلى أنّ هذه الفيتامينات كان من المقرّر، وقبل انتهاء صلاحية تاريخها خلال عملية توزيعها والذي كان يتعدى السبعة أشهر ، تصديرها إلى خارج لبنان وتحديدًا إلى بلدٍ عربيّ، إلا أن آفة تجار الشنط حالت دون إتمام إرسالها، حيث تم إبقاء هذه الأدوية في لبنان، وجرى توزيعها بالمفرق على أكثر من تاجر.
وحسب المعلومات، فإن التّجار على ما يبدو لم يتمكنوا من توزيع كامل الكمية قبل انتهاء تاريخ الصلاحية، وهذا ما دفع بهم حسب المتابعين إلى تزوير التواريخ وتغييرها، وفور انتشار خبر التزوير، تؤكّد المصادر أن الجهات المعنية لم تتمكن من الوصول إلى العدد المتوقع من هذه الفيتامينات أو مصادرتها داخل الصيدليات، ومن غير المعروف ما إذا كانت الشركة المستوردة، أو التاجر الذي وزّع الفيتامين بالمفرّق قد عمدا إلى سحب كافة المنتجات من الأسواق.
من ناحية ثانية، لا تزال أزمة الدواء المهرّب إلى لبنان من داخل المخيمات الذي يصل عبر طرق غير شرعية موضع استفهام، إذ من غير المفهوم كيف يصل هذا الدواء إلى الصيدليات، وما هي الآليات التي يتم التعامل بها فور وروده، وتؤكّد مصادر الصحة أن قضية الفيتامين المزور باتت تشير إلى أنّه في لبنان لم يعد هناك أي فرق بين المزوّر والمهرب، فالعصابات واحدة، وأهدافها مشتركة.
بالتوازي، تحضّ المصادر على العمل السريع والجاد لتشغيل المكتب الوطني للدواء الذي مرّ 30 عامًا على تعطيله، لما له من دور جوهري بضمان دخول الدواء الاصلي والمصرّح عنه والذي يكون المكتب قد ضمن فعاليته، على عكس الأدوية المهرّبة الأخرى التي أصلا لم تخضع لأي فحص أو رقابة لازمة.