“لإتخاذ المبادرة “… شيخ العقل يشدد على البدء بالتشاور الجدِّي!
اعتبر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى اننا ”أحوج ما نكون لاتّخاذ المبادرة، والبدء بالتشاور الجدي والحوارِ الصادق والصريح، لانتخاب رئيس للجمهورية قبل تفاقم الأمور وحصول ما هو أسوأ، في ظل ما نشهده يوميا من تصعيد حربي عدواني واستباحة إسرائيلية لجنوب لبنان”.
والقى شيخ العقل كلمة في المجلس العاشورائي الذي أقيم في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى – طريق المطار، بدعوة من نائب رئيس المجلس سماحة الشيخ العلاّمة علي الخطيب، في اليوم الثالث من محرم.
وقال: “أُحيّيكم في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعاً، وأُباركُ لكم أولاً حلولَ السنةِ الهِجرية الجديدة، راجياً أن تَحمِلَ معها بشائرَ الأمل بمستقبَلٍ أفضلَ للوطن ولمنطقتنا العربية وللأمة الإسلامية وللعالم بأسره، وأن تبقى ذكرى عاشوراءَ محطةً لجمع الشمل وإصلاح الحال وانتصار إرادة الحياة على الموت، تماماً كما انتصر دمُ الحُسين (ع) على سيف الظلمِ والظالمين”.
وتابع شيخ العقل: “وكما في بدايةِ كلِّ سنة، وكما في كلِّ مناسبةٍ عزيزة، فإنَّنا نؤكِّدُ على واجبِ الاستعدادِ لمقاومة الظلم والفساد، ولمجابهةِ محاولاتِ تغذيةِ عواملِ التفرقة والشِّقاقِ بين الأُخوة، داعين إلى تفاهمٍ مسيحيٍّ إسلاميٍّ واسعٍ وعريض، نحن نُواتُه وأساسُه، كقادةٍ روحيين مجتمعين، وإلى تلاحمٍ وطنيٍّ مصيريٍّ وتاريخيّ، جميعُ طوائفِنا مَعنيَّةٌ به ومحتاجةٌ إليه، مستذكرين حالَ القومِ وواقعَ البلادِ عندنا، فنُذكِّرُ لعلَّ الذكرى تنفعُ المؤمنين، ولعلَّ التذكيرَ يُوقظُ ضمائرَ المَسؤولين، ونرفعُ الصوتَ عالياً لعلَّ الآذانَ تَسمعُ والعيونَ تُبصر”.
وأضاف، “سائلينَ متسائلين، ألا يشعرُ أصحابُ القرار بما يشعُرُ به الشعبُ من خوفٍ على المستقبل وقلقٍ على المصير؟ ألا يتوجَّسون من انهيار الهيكل على ساكنيه في ظلِّ ما تَشهدُه المِنطقةُ من أحداثٍ دمويّةٍ مُفجِعة ومن اعتداءاتٍ إسرائيليةٍ متمادية؟ ألا يَعلمون أنَّ التنافرَ يُبدِّدُ الآمالَ وأن التفاهمَ يُولِّدُ الإنجازات؟ فإلى متى الانتظار؟ وهل يُبنى الوطنُ بغير دستورٍ يُحترَم ونظامٍ يُتبَّع؟ أم هل تُدارُ الدولةُ بغير رأسٍ منظِّمٍ وقلبٍ يتَّسعُ للجميع؟ ”.
وأردف، “إنّنا اليومَ أحوجُ ما نكونُ لاتّخاذ المبادَرة والبدءِ بالتشاور الجدِّي والحوارِ الصادقِ والصريح لانتخاب رئيسٍ للجمهورية قبل تفاقمِ الأمور وحصول ما هو أسوأُ في ظلِّ ما نَشهدُه يوميَّاً من تصعيدٍ حربي عدواني واستباحةٍ إسرائيلية لجنوب لبنانَ الصامد، فهل فقدنا القدرةَ على تفاهمٍ داخليّ يأخذُ بعين الاعتبار التوازناتِ المطلوبة، أم هل أصبحنا رهينةً لتفاهمٍ خارجيٍّ مُنتظَرٍ يراعي التوازنات الدولية ويَحُلُّ العُقدَ المستعصية؟ ”.
وِاشار شيخ العقل إلى أن “إسرائيلَ المغتصِبة لأرض فلسطين والطامعةَ بخيرات لبنان والضاربةَ عَرضَ الحائطِ بالقرارات الدولية وبمشاعر العالَمِ كلِّه، بما ترتكبُه من انتهاكاتٍ واعتداءاتٍ في جنوب لبنانَ، ومن مجازرَ وحشيةٍ موصوفةٍ في قطاعِ غزَّة، لا يجوزُ إطلاقاً أن تُواجَهَ بانقسامٍ روحيٍّ أو تباعُدٍ طائفيّ أو تفكُّكٍ اجتماعيّ، ولا بعجزٍ رسميّ وترهُّلٍ إداريّ، ولا بشغورٍ رئاسيّ وتجاذبٍ سياسيِّ عشوائيّ، بل يجبُ أن تكونَ المواجَهةُ بمزيدٍ من تحمُّل المسؤولية ومن التضامنِ الوطني والتلاقي على المصلحة اللبنانيةِ العليا وتأكيدٍ على الوحدةِ الوطنية، لكي تكونَ رافدةً لشهادة الأبطال المجاهدين وداعمةً للعمل البطوليِّ المقاوم وللتصدّي الميدانيِّ الرادعِ والملائم”.
ولفت إلى أنه “كم نحن بحاجةٍ إلى استلهام الحقيقة من ذلك الحدَث التاريخيّ العظيم! مدركين أنَّ المسيرةَ تبدأ بتزكيةِ الذات وتطهيرِها من الآفات، وصولاً إلى تزكية المجتمع وتطهيرِه من الموبقات، فإلى تزكيةِ الوطنِ وتطهيرِه من المَعوقات، وبتحقيق الإصلاح هنا وهناك، أي بإخراج النفسِ من محنة الشكّ إلى رحاب اليقين، والمجتمعِ من محنة التفكُّك والانحلال إلى واحة التماسك الاجتماعي والتمسُّك بالقيم، والوطنِ من محنة اليأس وعجز الدولة وفراغ المؤسسات وتوقُّعِ المخاطر إلى فُسحة الأمل وواحة العمل”.
وختم شيخ العقل: “نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُوقظ الضمائرَ ويُنيرَ البصائر، وأن يُلهمَ الجميعَ سواءَ السَّبيل، ببركة ما تحمِلُه هذه المناسبةُ المعبِّرةُ من معاني التضحية والثبات والانتصار للحقّ، وأن يُعيدَها على المؤمنينَ وعلى اللبنانيينَ بالخير والسلام، وأن يُلهمَنا وإيَّاكم سُبُلَ الخلاص والنجاة”.
المصدر: ليبانون ديبايت