لبنان يستعد للأسوأ… نداء عاجل من مستوردي الموادّ الغذائيّة والقطاع الصحّي يتأهب

مع ارتفاع حدّة الاشتباك جنوباً، وعلى إثر التهديدات بعملية #إسرائيلية “قاسية” ضدّ #لبنان بعد حادثة مجدل شمس التي راح ضحيتها 12 طفلاً، يتحضّر لبنان للسيناريوهات الأسوأ، فأسهم الحرب لم تنخفض منذ الثامن من أكتوبر، لا بل آخذة في الارتفاع، والكثير من الترجيحات تقول إنّ الحرب “حتمية” لكنّ موعدها ليس نهائياً بعد، وثمّة من يُرجّح موعدها مع بداية فصل الخريف وآخرون يرجّحون مع انتهاء حرب غزّة، في حين يُقلّل البعض الآخر من فرص نشوبها بشكل واسع.
في سياق التحضيرات، فإنّ القطاع الصحي يتربع على قائمة الأولويات لأنّه الأكثر حيوية في مثل هذه الظروف، مع العلم أنّ هذا القطاع ليس في أفضل أحواله منذ أن أنهكته الأزمة الاقتصادية، وبعدها أزمة انتشار فيروس كورونا، ولم يتمّ إيجاد الحلول الحكومية الجذرية له.
هل المستشفيات حاضرة؟
من جهته، أطلق نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون نداء للمستشفيات للتحضّر للأسوأ تزامناً مع إجراءات احترازية شهدها لبنان بعد ارتفاع منسوب التهديدات من ضربة إسرائيلية، وأكّد لـ”النهار” أنّ الإجراء “خطوة احترازية جاءت بعد زيادة منسوب التحذيرات الإسرائيلية على لبنان في الساعات المقبلة”.
وقال هارون: “قررنا مع وزير الصحة إبلاغ المستشفيات بتطبيق خطة الطوارئ في حال نفذت إسرائيل تهديدها وضربت لبنان. وتقضي الخطة بأن تكون المستشفيات في حالة تأهّب كاملة وجهوزية عالية”.

واعتبر خطة الطوارئ “تدبير روتيني وبديهي بعد الأخبار المتناقلة حول ضربة محتملة”.

وعن مدى قدرة المستشفيات على الصمود، أوضح نقيب المستشفيات الخاصة بأنه “اذا كانت الضربات شبيهة بما يحصل في غزة من حيث استهداف المستشفيات باعتبارها أهدافاً عسكرية “فلا حول لنا ولا قوة”، أمّا إذا كانت شبيهة بحرب تموز 2006 فالمستشفيات قادرة على استيعاب الجرحى والتعامل مع الحالات الصحية الطارئة”.
خطّة طوارئ لوزارة الصحّة
على صعيد وزارة الصحة، قالت وحيدة غلاييني، المسؤولة عن غرفة إدارة الطوارئ في وزارة الصحة، لـ”النهار” إنّنا “لا نستطيع الجزم بأنّ لبنان على أتمّ الجهوزية في حال اندلاع الحرب، فالكلمة تلك كبيرة قياساً بما يمرّ به لبنان من أوضاع صعبة. ما أستطيع قوله إنّنا كقطاع صحّي على جهوزيّة جيدة جدّاً”.
تشكيل غرفة إدارة طوارئ بدأ بعد اندلاع حرب غزة، وفق غلاييني. استُدعينا من قبل وزارة الصحّة لوضع خطّة في حال توسّع العدوان وجزّأنا المناطق في لبنان إلى 3.  ندرك أنّ البلد كلّه في خطر، ولكن ما مررنا به من حروب سيّما حرب تموز يؤكّد أنّ مناطق #جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت وكذلك البقاع عرضةً أكثر لهذا الخطر. أمّا المناطق المحيطة فهي أقلّ خطورة. تشرح غلاييني لـ”النهار” نقاط الخطة الأولية التي تمّ إعدادها، “صنّفنا الجنوب والضاحية والبقاع على أنها مناطق حمراء عالية الخطورة والمناطق المحيطة كبعبدا مثلاً  مناطق صفراء، أمّا كسروان وشمال لبنان صُنفت على أنّها مناطق خضراء لعدم تعرّضها للقصف سابقاً. ولكّن إذا عدنا إلى الوراء، جميعنا يذكر أنّ أوصال لبنان  تقطّعت بسبب استهداف إسرائيل للجسور”.

وأضافت المسؤولة عن غرفة إدارة الطوارئ في وزارة الصحة أنّ فريقاً مكوّناً من أطبّاء وممرّضات تمّ إعداده للكشف على جهوزيّة المستشفيات في المناطق الحمراء العالية الخطورة وإجراء تقييم للإمكانيات المتاحة. وبالتوازي تابع فريق من وزارة الصحّة مع المستشفيات في المناطق الأقلّ خطورة ووجدنا نقصاً هائلاً في عدد الممرضات والأطباء والكوادر وهذا يعود طبعاً إلى الهجرة بسبب الوضع الاقتصادي وكذلك نقصاً في المستلزمات الطبيّة كالشاش والأدوية وغيرها.

وعن تفاصيل الخطّة، أوضحت غلاييني أنّ “البداية كانت من المناطق الحمراء. وبنتيجة النقص قمنا بتدريب العناصر الموجودة حالياً وخصوصاً في قسم الجراحة والطوارئ  والعناية الفائقة. التدريب كان ليوم واحد على التعامل مع إصابات الحروب والحالات الطارئة التي قد تصل إلى المستشفيات. درّبنا 125 مستشفى والمتدربون هم أطباء وممرّضون بلغ عددهم على مستوى لبنان حوالي 3092. وبعدها توسّع التدريب حيث ساعدنا المستشفيات على مدار 3 أيام في إعداد خطة طوارئ خاصة بها، مثل كيفيّة دخول المرضى وتوزيعهم، وكذلك فرق الإطفاء والدفاع المدني والجيش والصليب الأحمر اللبناني خضعوا لهذا التدريب”.

وتابعت: “انتهى التدريب في شباط والآن نجري تقييماً لمدى فعاليّته وأجرينا نوعاً من المناورة لكلّ مستشفى. أنهينا منطقة الجنوب وسننتقل إلى باقي مستشفيات المناطق”.

وعن المرحلة الثالثة من الخطّة، قالت غلاييني: “جرى تدريب الممرضات والأطباء نفسياً للتعامل مع الحالات الطارئة في الحرب من قبل ذوي الاختصاص. دربنا نحو 160 مستشفى، أي قرابة 58 طبيباً و1725 ممرضاً. وحالياً نعمل في المرحلة الرابعة من الخطة على كيفيّة التعامل والعناية وتصنيف الأشلاء والجثث وهذا موزّع بين فرق الإسعاف والمستشفيات”.

وتضع وزارة الصحّة أمامها سيناريو غزة، بحسب غلاييني، “نراقب نسبة ونوع الجروح والحروق، وللأسف لا نملك في لبنان العدد الكافي من المراكز للتعامل مع الحروق. لذلك نعدّ تدريباً في حال اضطرّ المستشفى لاستقبال هكذا حالات. ولرفع الجهوزيّة أيضاً نحضّر مراكز رعاية أوليّة لاستقبال النازحين وتقديم الاستشارات لهم وتغطية النقص بعد التواصل مع عدد من النقابات ضمن الخطة الوطنية. بالإضافة إلى “الكول” سنتر”.

وجرى توزيع عدّة الإسعافات الأولية على المستشفيات، خصوصاً في المناطق الحمراء، كل واحدة منها تكفي 120 إصابة، وطلبنا عدم استخدامها  إلّا عند الضرورة، كما تمّ توزيع 50 طناً من الشاش والمعقّمات وغيرها. واجتمعنا مع جامعات التمريض لتحفيز الطلاب في المناطق الخضراء على التطوّع أو بالحدّ الأدنى تقديم المساعدة ضمن نطاق تواجدهم. وكذلك اجتمعنا بعدد من الصيادلة ونقابة العلاج الفيزيائي للانطلاق من ساعة الصفر أي لحظة وصول الإصابة وفتح قسم الطوارئ، وفق غلاييني.

ماذا عن الأدوية؟
بحسب نقيب الصيادلة جو سلوم، فإنّ أدوية الأمراض المزمنة متوفّرة في الصيدليّات ولا مشكلة في خصوصها وهناك مخزون في الشركات من 5 إلى 6 أشهر. والأهمّ أنّ واقع المواطنين الاقتصاديّ لا يسمح بشراء كميّات كبيرة منها.

وأكّد لـ”النهار”: “إذا لوحظ أيّ تهافت على تخزين الأدوية، سنقوم فوراً بطلب ترشيد إعطاء الأدوية كي نضمن تأمين الدواء لأكبر عدد من المرضى من جهة ومنعاً لاحتكارها وتخزينها من جهة أخرى. ولكن حتّى الآن أجزم بألّا تهافت على شراء الدواء”.

أمّا عن أدوية الأمراض المستعصية والسرطانية، قال سلّوم: “هذه أدوية مدعومة وغير موجودة في الصيدليّات وهي أصلاً أدوية مقطوعة وهذه المشكلة قد تتفاقم مع الوقت”.

طمأن سلّوم أنّ هناك مصانع محليّة لتصنيع الأدوية ولديها احتياطيّ من المواد الأوليّة، ولا أعتقد أن ّحصاراً جوياً سيفرض على لبنان لفترة طويلة وبالتالي فإنّ المخزون كافٍ”.

وذّكر نقيب الصيادلة بأنّ طلب ترشيد إعطاء الأدوية تزامن مع اندلاع المواجهات منذ أشهر. ولم نبلّغ عن نقص في الأدوية. قطاع دواء متماسك وعلى أتمّ الجهوزيّة لأيّ طارئ ولكافّة الاحتمالات.
نداء عاجل من مستوردي الموادّ الغذائيّة 
بدورها، أطلقت نقابة مستوردي المواد الغذائية ما اعتبرته نداءً عاجلاً للوزارات والإدارات المعنية ناشدتها فيه في ظلّ الظروف الدقيقة والاستثنائية التي يمرّ فيه لبنان “اتخاذ إجراءات استثنائية وسريعة لتعجيل تخليص معاملات السلع الغذائية المستوردة الموجودة في مرفأ بيروت وتسليمها الى أصحابها تمهيداً لتخزينها في المخازن في الداخل اللبناني بعيداً عن أيّ مخاطر، وذلك من أجل الحفاظ على الأمن الغذائي للبنانيين”.
وقالت النقابة إنّ “مطالبتنا اليوم هي ليست شكوى في حقّ الوزارات والإدارات المعنية لجهة وجود تقصير يحصل في موضوع المعاملات وإخراج البضائع، إنّما من أجل لفت انتباه المسؤولين المعنيين في الدولة لضرورة اتخاذ تدابير سريعة لنقل السلع الغذائية التي وصلت إلى مرفأ بيروت الى أماكن آمنة”.
وإذ اشارت إلى أنّ “إنجاز معاملات إخراج السلع الغذائية من المرفأ مرتبط بوزارات الزراعة والاقتصاد والتجارة والمالية والصناعة وبالجمارك وبالمختبرات وغيرها”، أكّدت أنّ “هذا الموضوع يتطلّب تنسيقاً وتعاوناً كاملاً بين كلّ هذه الجهات لوضع خطة طوارئ لإخراج البضائع ونقلها الى المستودعات”، مقدرة “تعاون النقابة الوثيق والبَنّاء مع كلّ الجهات المذكورة من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين”.
#مطار بيروت يتجنّب المخاطر… ماذا عن إلغاء الرحلات؟
من جهته، أطلع رئيس مجلس ادارة شركة “طيران الشرق الأوسط” محمد الحوت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب  ميقاتي على “أوضاع الشركة، وجداول رحلاتها وأوضاع الشركات الأجنبية حيال لبنان، ومن الضروري التوضيح أنّنا نؤخّر خمس أو ستّ رحلات تصل بعد منتصف الليل أو فجراً، إلى صباح اليوم التالي لأسباب تقنية تتعلّق بتوزيع مخاطر التأمين بين لبنان والخارج، لأنّنا لا نريد خلال ساعة معينة صباحاً وجود عدد كبير من الطائرات في المطار، إذ لو  حصل شيء لا سمح الله، وهو أمر غير متوقّع، ولكن هذا التدبير من باب الاحتياط لتستمرّ الشركة في ممارسة أعمالها وإكمال عملياتها”.
وأضاف: “بالنسبة الى الشركات الأجنبية التي ألغت رحلاتها وهي مجموعة “لوفتهانزا”، فهي نفسها كانت ألغت رحلاتها في تشرين الأول وتشرين الثاني الماضيين، وهذه ليست المرة الأولى التي تلغي فيها ولم يحصل شيء حينها. اليوم هناك شركات ألغت رحلاتها، مع أنها لم تلغ رحلاتها سابقاً ولكن اتّخذت قرارها الحالي من باب الحيطة، مثل الشركة الأردنية التي ألغت رحلاتها ليومين، كذلك الشركة التركية التي ألغت رحلتها الليلية وعادت واستأنفت رحلاتها صباحاً. وهذا يعني أنّها مستمرّة في رحلاتها، والشيء المهم أنّ كلّ شركات الطيران العربية مستمرّة في رحلاتها الى بيروت، فالطيران الإماراتي والقطري على سبيل المثال حركتهما عادية نهاراً ، لذلك اذا نظرنا إلى حركة المطار فانّ جميع الشركات مستمرّة في حركتها في اتجاه بيروت، أمّا بالنسبة الى جدول رحلات “طيران الشرق الأوسط” فهو  مستمرّ، ومعظم  الطائرات يتحرك بشكل طبيعي، فمثلاً من أصل ستّ وثلاثين رحلة هنآك تأخير لحوالى خمس إلى ستّ طائرات ليلاً، فيما سائر  الرحلات تسير حسب المواعيد المحدّدة”.

وردّاً على سؤال، نفى أن يكون مطار رفيق الحريري قد تلقّى أيّ تهديدات أو معلومات من أيّ مصدر أنّ  هناك ضربة للمطار.

وقال: “على العكس  من ذلك، فما نعرفه أنّ المطار لم يتعرّض لأيّ تهديد، ومن المفترض أن يكون محايداً لأنّه لو كان لدينا أيّ تخوّف من حصول ضربة أو معلومات، فإنّنا لا نترك نصف عدد الطائرات في المطار بل كنّا أخرجناها”.

أضاف: “في هذه المناسبة، أشكر دولة الرئيس ميقاتي على كلّ الجهود التي يقوم بها خدمة للبنان، كما أشكر حرصه على كلّ المؤسسات بما فيها “الميدل إيست” من خلال تواصله الدائم معي، وهذا ما أدّى إلى استمرار شركات التأمين العالمية في تغطية مخاطر الشركة في هذه الظروف الصعبة، بينما في تشرين الثاني الفائت جرى إلغاء التغطية التأمينية. الفضل يعود إلى دولة الرئيس ونحن نشكره على جهوده المستمرّة  في دعم الشركة”.
نداء من “النهار”: لا للحرب!
قبل زهاء أربعة عقود أطلق غسان تويني صرخته الأيقونية من الأمم المتحدة “اتركوا شعبي يعيش” الملازمة لصرخة رفض “حروب الأخرين على أرض #لبنان”. و”النهار” الملتزمة قيمها التاريخية تراها الآن، تطلق الصرخة إياها ضدّ خطر الحرب المحدّق بلبنان الذي أتخمته تجارب الحروب خارجاً وداخلاً وكفاه حروباً عن نفسه وعن الآخرين … لا للحرب لأنّ اللبنانيين أبناء الحياة والمستقبل والإبداع، واولادهم يشعّون حياة ونجاحاً في لبنان وعالم الانتشار. ولا للحرب، لأنّ الحرب شرّ مطلق أينما حلّت وأينما ضربت وأينما دمّرت وأينما قتلت. لا للحرب لأنّ الشرق الأوسط صار منطقة عملاقة للدمار والموت والمجازر والتخلّف عن اللحاق بالمستقبل، وها هي غزة ضحية القرن أكبر دليل حيّ مفزع على وحشية الحرب والمجازر الهمجية.

لا للحرب بصوت لا يرتجف ولا يتردد ولا يخاف، لأنّ مستقبل أجيالنا رهن بالاستقرار والتطور وخدمة الناس وعدم سوق بلادنا الى ساحات الحروب والوقوف جميعاً وقفة موحدين مع المستقبل الآمن والكريم والحر… لا للحرب لأنّ الحرب ضدّ الإنسانية حتّى ولو فُرضت علينا أحياناً… لا للحرب لأنّ الإنسان أغلى من كلّ المعايير، وكفى اللبنانيين والعرب شرب كؤوس التجارب المدمرة والدامية… أعظم قادة التاريخ رفضوا الحروب بعدما خاضوها وقادوها وانتصروا أو انكسروا فيها… لا للحرب…

المصدر: النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى