باسيل في البقاع محاولا إيجاد فسحة تمايز لتياره
في مقابل الاستقطاب الثنائي بين المعارضة والثنائي الشيعي، سارع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى محاولة إيجاد فسحة تمايز لتياره على طريقة “ضربة على الحافر وضربة على المسمار” بإزاء كل من الفريقين.
وبعد ساعات من منعه من دخول بلدات في البقاع الأوسط ضمن جولته الأخيرة، قال باسيل خلال عشاء لهيئة التيار في زحلة أن “ما حصل معنا بزحلة يزيدنا اصراراً على أننا لن نسمح بأن يقفل علينا الطريق أو يمنعنا من التحدث مع الآخر وفي المقابل سنفتح عقولنا وقلوبنا لكل الناس”.
وفي الملف الرئاسي، اعتبر أنه “يجب أن نسعى لتأمين الإجماع على التوافق الرئاسي ويجب ألا نسمح لمن لديه دون الثلث أن يمنع الحوار وانتخاب رئيس”. وأضاف: “في المقابل هناك من راهن على التطورات لانتخاب رئيس وأن يفرض علينا رئيس، وهذا الأمر يدفعنا أن نؤيد الدعوة إلى الحوار التي وجهها رئيس مجلس النواب
نبيه بري، والمهم أن نيتنا ألا نغيّب احداً عن عملية التشاور والتوافق.
ولكن إذا لم نؤمن الإجماع هذا لا يسمح لأحد دون الثلث أن يعطل عملية الانتخاب لأنه يراهن على دخول إسرائيل، ونحن معنيون بالتأكيد على أن انتخاب الرئيس هو مفتاح الحل للأزمات في لبنان”. وشدّد في المقابل على أن “انتظار حرب غزة لانتخاب رئيس هو جريمة للبنان، والداخل اللبناني يدرك أهمية انتخاب الرئيس في الذهاب إلى المفاوضات”.
كتبت” الاخبار”: إذا كانت المشاعر الشخصية تحكم غالباً أيّ تقييم أو مقاربة لحركة باسيل، فإن وضع هذه المشاعر جانباً يسمح بالوقوف عند أربع نقاط أساسية:
أولاً، يريد باسيل القول بوضوح وحسم إنه ليس بإمكان أحد توقّع ما يمكن أن يفعله أو يقوله غداً. لديه ثوابت في السياسة والعلاقات، لكن لديه في الوقت نفسه حرية حركة كاملة في الفعل والقول.
ثانياً، على المستوى السياسي، يحرك باسيل رأسه ويديه في كل الاتجاهات، لكنّ قدميه ثابتتان حتى الآن في تموضعه السياسي الاستراتيجي مع المقاومة ضد إسرائيل، ومع التفاهمات ضد الكانتونات. وهو ما يخسّره ثقة وتأييد جمهور المقاومة من جهة، وجمهور خصومها من جهة أخرى، لكنه يقول بوضوح إن جمهور المقاومة يؤيد المقاومة، وجمهور خصومها يؤيد خصومها، فيما يفترض به أن ينشغل بجمهوره عن هذين الجمهورين، وهنا التحدّي الأساسي: هل ثمة رأي عام يمكن أن يقتنع بإيجابيات المقاومة وخطر التحريض عليها أو الاعتقاد بإمكانية الاستقواء على مكوّن لبناني، بالإسرائيلي تارة وبمجلس الأمن طوراً؟ وهو ما يقود إلى النقطة الثالثة.
ثالثاً، على مستوى التفاهمات السياسية؛ لا يريد باسيل أن يرث خصومات سياسية، سواء مع الرئيس بري أو مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط أو غيرهما، ولا تفاهمات سياسية منجزة بكل ما فيها من فوائد وأثمان، سواء مع
حزب الله أو مع غيره. ويريد في المقابل أن يصيغ بنفسه مع كل من يشاء – وفي مقدمتهم حزب الله – تفاهماته السياسية الخاصة الجديدة.
رابعاً، على مستوى التيار الوطني الحر، لا يريد باسيل أعباء تثقل وعيه ولاوعيه، سواء بمشاكلها داخل التيار وخارجه أو بعلاقاتها وطموحاتها وغيره. ولا يتعلق الأمر هنا بالنواب الأربعة فقط: حتى أولئك الناشطون المغمورون، الذين افترضوا للحظات أنهم قادرون على أخذ التيار إلى حيث يريدون، عادوا وانكفأوا بعدما وصلتهم رسائل واضحة بأن رئيس التيار، لا فلان ولا علتان، هو من يحدد أين يقف التيار، وكيف ولماذا. ومن يدقّق في حركة التعيينات داخل التيار نفسه منذ نحو عام، سيكتشف بسرعة أنّ من لم يلتقط طبيعة الديناميكية الجديدة أقيل لأول مرة بسرعة قياسية. أما الصخور والفهود والنسور ورؤوس الحربة وغيرها من الصفات التي يطلقها الناشطون على بعضهم البعض، ففهموا أن ثمة بياناً أسبوعياً للمجلس السياسي للتيار يحدّد السقف الذي لا يفترض بهم القفز فوقه مهما كانت صفاتهم، إذا كانوا يريدون الاحتفاظ بمناصبهم الحزبية.