🌀*أبرز ما تناولته الصحف اليوم
كتبت النهار
ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في كل أنحاء المعمورة في الإجهاز على ثقافة الأصول والتقيد بالمعايير الضابطة للتفلت القانوني والأخلاقي والتعبيري، ونجم عن ذلك هبوط تاريخي قياسي في خيارات الشعوب واختياراتها للقادة والرؤساء، وهذا ما يشهده معظم البلدان راهنا. لا نثير الأمر من ترف بحثي في بلد يتقدم بلدان العالم في لوائح الدول الفاشلة، وإنما من منطلق مناسبة نعتبرها مَهيبة، هي انطلاق مسار قضائي في محاسبة أحد أكبر الرموز الذين استنفدوا الاتهامات خلال ثلاثة عقود من شغله أطول ولاية لحاكم مصرف مركزي في لبنان والعالم.
وفق “الأصول”، وعلى طريقة “بالنظام” في جلسات مجلس النواب، من غير الجائز التهليل كما التهويل حيال أي تطور من تطورات المسار القضائي هذا الذي أوقف بموجبه رياض سلامة والذي يبقى الآن، متمتعا بقرينة البراءة حتى ثبوت التهمة، وكل ما يخالف هو خارج الأصول. ومع ذلك، فإن واقعا مرعبا انهياريا أصاب لبنان إبان الفترة الأخيرة من العهد العوني وولاية رياض سلامة، يستحيل في ظله منع النظرة المركبة إلى حالة الحاكم السابق برمتها في معزل عن كارثة الودائع، إلى أن يثبت ثبوتا قضائيا قاطعا الفصل بين كل ما يمكن أن ينجم عن توقيف رياض سلامة وكارثة المودعين، وهذا مستحيل.
تبعا لذلك، ترانا نحن اللبنانيين ضحايا المقتلة الأبشع والأكبر التي تعرض لها شعب في العالم، ربما ك”نظرائنا” المفلسين والمفتقرين فقط في فنزويلا ولو بظروف مالية مختلفة، لا نجد بدا من إثارة كارثة الودائع ليس فقط على نار خطوة قضائية طاولت الرمز المصرفي الأول في الحقبة السابقة، وإنما أيضا من منطلق “الشيء بالشيء يذكر” الذي يقودنا إلى توسيع دائرة هذا التطور – الحدث بالسؤال المبرر: أين كان، ولا يزال، سائر الآخرين المعنيين بكارثة الودائع؟ ولماذا هذا الصمت القاتل عن “دفن” مشبوه شبه مثبت لهذا الملف ومعه ما يتجاوز الثمانين مليار دولار من الودائع، وكأن التواطؤ الخبيث المشبوه التآمري أسقط كل نبض التحركات والمواقف والضغوط لمنع وأد حقوق الناس المنهوبة “عينك عينك” لمصلحة أكبر وأخطر تحالف مافيوي، سمي غالبا بالطبقة السياسية الفاسدة، فيما هو واقعيا التحالف المافيوي الموصوف المشكل من طبقات سياسية ومصرفية وإدارية تحتاج إلى أطول المحاكمات وأكثرها صعوبة لو قيض لها أن تحصل؟
نتساءل في هذه العجالة، ولا ندري كم يشعر الكثير من المتورطين في مقتلة الودائع بأن رؤوسهم بأمان لمجرد مرور أربع سنوات على بداية الانهيار ولا من حوسب ولا من أوقف ولا من حوكم ولا من تعرض لملاحقة… نتساءل حسب الأصول: هل يعرف الشعب اللبناني المنهوب، ضحية أكبر منهبة جماعية في التاريخ، أن حقوقه البديهية المسلّم بها قانونا وأخلاقيا بعد هذه الكارثة ترقى إلى محاكمة مجلس النواب والحكومات المتعاقبة عن التواطؤ والإهمال الجرمي الموصوف في عدم فتح تحقيق برلماني – قضائي مشترك، والتخاذل الجرمي أيضا عن سن منظومة القوانين الفورية اللازمة لإعادة الودائع وحماية البقية الباقية من فتات العافية المالية والنقدية؟ الأصول تملي أن توقيف الحاكم السابق مصرف لبنان، لا يجيز السكر على زبيبة وتحويله وحده كبش محرقة، وتاليا وجوب انتظار الخطوات الآتية للحكم على إحدى أخطر تجارب القضاء في نزاهته وتجرده. ولكن ذلك لا يجيز أيضا عدم فتح ملف الودائع بأي تبرير كان!