كيف أثرت أزمة كورونا على الابتعاث الخارجي في دول الخليج؟

لم تترك أزمة فيروس كورونا المستجد قطاعاً إلا وحفرت آثارها السلبية فيه، وألقت بتداعياتها الثقيلة عليه، خالطة بذلك جميع الأوراق والخطط الموضوعة من قبل الجهات المختصة.

ولم يكن برنامج الابتعاث الوطني الذي تنتهجه دول مجلس التعاون الخليجي استثناء؛ إذ تأثر من جراء أزمة الفيروس التاجي، ودفع بلداناً لاتخاذ قرار بشأنه فيما ارتأت أخرى التريث والانتظار، في ضوء التطورات والمستجدات المتلاحقة في الأشهر الأخيرة.

وبرنامج الابتعاث الخارجي يُمكن طلبة دول مجلس التعاون من الابتعاث إلى الجامعات العالمية بموجب التصنيفات الأكاديمية الموثوقة في عدد من التخصصات العلمية المختلفة.

وتهدف دول الخليج من هذا البرنامج إلى “تمكين المجتمع معرفياً، وتوفير كوادر وطنية قادرة على شغل الوظائف والمناصب”، إضافة إلى تحقيق وتطوير رؤى الدول الخليجية التي وضعتها منذ سنوات.

قرار عُماني
البداية مع سلطنة عُمان، التي أعلنت، الاثنين (18 مايو)، إيقاف البرنامج الوطني للدراسات العليا للعام الأكاديمي المقبل (2020-2021) لمدة عام واحد، وفق ما أورد حساب “عُمان تواجه كورونا” الموثق على موقع “تويتر”.

وأوضح الحساب أنه سيجري “استغلال فترة الإيقاف لتقييم البرنامج وجدوى مخرجاته، والنظر في بدائل الابتعاث للدراسات العليا بما يتفق مع الظروف المالية للحكومة”.
ويقدر مجموع الطلبة العُمانيين المبتعثين للدراسة بالخارج بـ7196 طالباً، فيما يصل عدد الطلبة الذين يدرسون على حسابهم الخاص إلى 1498 طالباً، وفق إعلان وزيرة التعليم العالي العُمانية راوية بنت سعود البوسعيدية، أواخر مارس المنقضي.

قطر
وفي ضوء الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات القطرية للحد من تفشي فيروس كورونا أعلنت وزارة التعليم، مطلع أبريل الماضي، إغلاق باب التسجيل للبعثات ابتداء من 30 مارس 2020.

وأوضحت أنه ستتم إعادة فتح باب التسجيل على بوابة الابتعاث واستقبال الطلبات الجديدة، ابتداء من 30 يونيو من العام الجاري، كما خصصت أرقاماً للتواصل مع إدارة البعثات.
ويهدف برنامج الابتعاث الحكومي إلى توفير كوادر بشرية قطرية متخصصة، تلبي احتياجات سوق العمل، فيما بلغ إجمالي عدد المبتعثين في برنامج الابتعاث الحكومي 4171 مبتعثاً، وذلك منذ إطلاق البرنامج عام 2015، بحسب أرقام رسمية.

الإمارات
بدورها أعلنت الجهات المختصة في الإمارات أنها مستمرة في بحث كل السبل التي تضمن تطوير منظومة الابتعاث على الرغم من الظرف الراهن، في إشارة إلى أزمة كورونا.

وبحسب وزير شؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة في الإمارات، أحمد بالهول الفلاسي، فإن أبوظبي تحرص على تعزيز منظومة الابتعاث إلى الخارج، وإيجاد آليات فعالة للتعامل مع الأزمة الحالية، خاصة في ظل تطبيق نظام التعلم عن بُعد للطلبة المبتعثين.

وأشار الوزير الإماراتي، في حديثه لصحيفة “البيان” المحلية، في 29 أبريل الماضي، إلى أنه لمس اهتماماً من الطلبة المبتعثين باستكمال رحلة ابتعاثهم ودراستهم في مختلف الظروف.

وتضع الإمارات توجهاً حالياً ومستقبلياً بالاهتمام بتخصصات محددة لأجل “خدمة أهداف واستراتيجيات الدولة خلال السنوات المقبلة”، كما يقول الوزير الفلاسي.

ويؤكد كلام المسؤول الإماراتي عزم أبوظبي المضى قدماً في برنامج الابتعاث والعمل على تذليل كافة العقبات، فضلاً عن المتابعة المستمرة من فرق وزارة التعليم العالي لمختلف التطورات من أجل إيجاد “أفضل الحلول التي تسهم في دفع مسيرة الطلبة المبتعثين مع الحفاظ على عناصر الجودة التعليمية ومعدلات تحصيلهم العلمي”، وفق الفلاسي.

ويقدر عدد الطلبة الإماراتيين المبتعثين بـ 1251 طالباً، يدرسون في 16 دولة حول العالم، أبرزها المملكة المتحدة بواقع 642 طالباً، والولايات المتحدة الأمريكية 327 طالباً، وأستراليا 120 طالباً، وكندا 26 طالباً، وفق الوزير الإماراتي.

السعودية
في سياق متصل، لم تتخذ السلطات المختصة في السعودية قراراً بعد بشأن مصير برنامج الابتعاث الخارجي، لكن الإدارة العامة للشؤون الأكاديمية والتدريب، أعلنت تمديد فترة استقبال طلبات الترشح للابتعاث لجميع منسوبي “الصحة” على البوابة الإلكترونية حتى نهاية مايو الجاري.

وأوضحت الوزارة أنه حرصاً على إتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من منسوبي الوزارة؛ للوفاء بمتطلبات التقديم على الابتعاث في ظل الظروف الراهنة الخاصة بجائحة (كورونا)، يمكن التقدم لاختبار تحديد مستوى اللغة الإنجليزية (IELTS Indicator) عن بُعد وفقاً للدرجات المعتمدة.

وأضافت أنه يمكن التقديم للابتعاث من خلال زيارة بوابة الابتعاث الخارجي بواسطة رابط معد خصوصاً لهذا الغرض، ما يعني أن برنامج الابتعاث إلى الخارج لا يزال معمولاً به، ولم يتخذ قرار بإيقافه حتى الآن.
ويخشى سعوديون أن تفرض الظروف الراهنة أحكامها في نهاية المطاف، بتعليق البرنامج مؤقتاً، خاصة مع اتخاذ السلطات في المملكة سلسلة قرارات اقتصادية طغى عليها التقشف، في ظل انخفاض أسعار النفط وتداعيات أزمة الفيروس التاجي.

ويعتبر برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي أحد أبرز برامج الابتعاث المتاحة للطلاب السعوديين من الجنسين ومن مختلف التخصصات العلمية والأدبية، ولمختلف المراحل الدراسية؛ البكالوريوس والماستر والدكتوراه وبرامج الزمالة.

ويكون التقديم متاحاً من خلال هذا البرنامج مرة واحدة في كل عام، غالباً ما تكون مع نهاية العام الدراسي أو خلال الصيف، إضافة إلى برامج أخرى ذات صلة؛ على غرار “ابتعاث النخبة”، و”وظيفتك بعثتك”، و”الابتعاث الثقافي”، و”ابتعاث التخصصات الطبية”، و”بكالوريوس الطب”، إلى جانب ابتعاث شركتي أرامكو وسابك.

وفي نشرة فبراير 2019، قالت وكالة وزارة التعليم لشؤون الابتعاث، إن عدد المبتعثين الحاليين بالخارج نحو 93 ألف مبتعث، يشكل الذكور 66% من الإجمالي، مقابل 34% للإناث.

الكويت
وعلى غرار الإمارات تعكف وزارة التعليم العالي الكويتية على إيجاد الحل الأنسب لطرح خطة الابتعاث الخارجي للسنة الدراسية المقبلة، في ضوء أزمة كورونا.

ولا توجد أي نية لإيقاف خطة الابتعاث للعام المقبل، بحسب ما أوردته صحيفة “القبس” الكويتية، في 17 أبريل الماضي، نقلاً عن مصادر مطلعة، مؤكدة أن خطة الابتعاث لن تتوقف، ولكن ستُعاد جدولتها زمنياً بما يتناسب وتداعيات كورونا واستقرار الأوضاع الصحية عالمياً.

في الوقت عينه، رجحت تلك المصادر إرجاء برنامج الابتعاث إلى الفصل الدراسي الثاني، وليس الفصل الأول، الذي ينطلق عادة في سبتمبر أو أكتوبر بالجامعات العالمية، حتى وإن فتحت الأخيرة أبوابها للتعليم.

وأكدت الصحيفة الكويتية أن الوزارة ملتزمة بتقديم مقاعد للابتعاث الخارجي، وفقاً لميزانيتها، وقبول الطلبة وفقاً للنظم واللوائح، علماً أن أي تأخير لن يتم احتسابه من مدة تخرج الطلبة.

وقالت إن هناك اقتراحاً مطروحاً على طاولة الوزارة للدراسة، ويتعلق بقضاء العام المخصص للغة للمقبولين في البعثات ممن يحتاجون إلى دراسة اللغة، في معاهد اللغة المعتمدة في البلاد حتى تهدأ أزمة كورونا.

ويبلغ عدد الطلبة الكويتيين المبتعثين في الخارج نحو 33 ألفاً، بحسب الوكيلة المساعدة للبعثات والمعادلات والعلاقات الثقافية بوزارة التعليم العالي الكويتية فاطمة السنان، مطلع أبريل 2020.

أما بشأن البحرين فلم تصدر الجهات المختصة أي تعليق بشأن برنامج الابتعاث الخارجي الخاص بطلبتها، حيث تبقى الأمور مفتوحة على مصراعيها بشأن استمراره أو تعليقاً مؤقتاً.

وكان مدير إدارة البعثات والملحقيات عيسى الكوهجي قال، في (مايو 2015)، إن عدد الطلاب البحرينيين المبتعثين للخارج يُقدر بـ489 طالباً وطالبة يدرسون مختلف التخصصات في 11 دولة بالعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى