الموت في الغربة: من الهواجس إلى بيروقراطية دفن الموتى في ألمانيا
الموت في الغربة: من الهواجس إلى بيروقراطية دفن الموتى في ألمانيا
يشكل الموت في الغربة هاجسًا يؤرق معظم اللاجئين في ألمانيا، ولا سيما أولئك الذين لا يستطيعون العودة إلى أوطانهم بسبب الحرب الدائرة هناك، ويعاني معظم اللاجئين (الذين مرّوا بهذه التجربة هنا) من بطء في سير إجراءات الدفن، إضافة لغلاء فاحش في أسعار القبور، في أغلب الدول الأوروبية.
ونظرًا للتكاليف الباهظة، يتقدم بعض المواطنين بطلب حرق الجثة، ثم يوضع الرماد في جرّة “معدنية، حجرية، أو فخارية” وتدفن في مكان مخصص في المقبرة، وفي بعض الأحيان ترمى في البحر وتنظم ذلك مجموعة من القوانين.
وهذه القوانين التي بدأت في بداية القرن العشرين في ألمانيا، مختلفة من ولاية لأخرى. ولكنها تجمع على أن حرق الجثة يجب أن يكون مكان رسميّ مخصص لهذا الشأن، وليس بشكل فردي اعتباطي، وعندما يتم منح ذوي الميت جرّة الرماد، تكون محكمة الإغلاق وبالتالي لا يمكنهم نثر الرماد أين شاؤوا. ويجب عليهم أخذها إلى المقبرة لوضعها في المكان المخصص، أو رميها في البحر ولكن ضمن شروط محددة، كأن ترمى بعيدًا جدًا وأن يخرج من يرميها بسفينة ليبتعد قدر الإمكان وهذه المعلومات تعطى لمن يتقدم بطلب لرمي الجرة في البحر.
ومن المهم الإشارة إلى أن حرق الجثّة لم يكن أمرًا شائعًا أو جزءًا من الثقافة الألمانية، حتى من وجهة نظر مسيحية فهذا ليس أمرًا عاديًا، إلّا أن هذا الأمر قد تغير، فحسب الإحصائيات الصادرة عن المجلس الفيدرالي لدفن الموتى للعام 2015 فإن “60% من الوفيّات في ألمانيا تم حرق جثثهم”. كما أن القضيّة مرتبطة بالدين بشكل كبير، وهذه الأرقام تتفاوت من مكان لآخر، فبحسب إحصائية جمعية “أتيرنيتاس” التي تعمل في هذا المجال للعام 2015 فإن “80% من الوفيات في شرق ألمانيا تم حرق جثثهم”.
(أندريا) سيدة ألمانية من مدينة فولدا، تقول وهي تبكي بحرقة: “توفي والدي منذ قرابة الأسبوع بعد صراع دام ستة شهور مع مرض السرطان، ولم يكن بحوزتي مبلغٌ كافٍ لشراء قبر له، ولا حتى لحرق الجثة، كل ما كان لدي 700 يورو، إلى أن تبرع لي بعض الأصدقاء والأقارب بباقي المبلغ لحرق الجثة، المبلغ الذي يتراوح بين 900 إلى 1500 يورو، في حين يتراوح سعر القبر بين 2500 إلى 5000 يورو أو أكثر”.