“شادي الخليج”.. عاشق تراث الكويت الذي خرج عن المألوف
يعتبر الفنان الكويتي عبد العزيز المفرج، المعروف باسم “شادي الخليج”، واحداً من أهم فناني بلاده؛ لكونه قدّم العديد من الأعمال الفنية الوطنية والعاطفية، وأعاد إحياء العديد من أغنيات التراث، رغم أنه كان من أوائل من خرجوا عن المألوف في الغناء.
الفنان البارز الذي تدهورت حالته الصحية مؤخراً ولد عام 1939 في حي القبلة بالكويت، وهو من مؤسسي جمعية الفنانين الكويتيين، وأصبح أمين سرها ورئيسها في عام 1994، ثم عين رئيساً لتحرير مجلة الفن.
كما شغل منصب نائب الاتحاد العام للفنانين العرب، واحتل مركز نائب مدير الاتحاد العام للفنانين العرب لعدة سنوات، ويعتبر أول مطرب كويتي يخرج عن المألوف ويغني للجمهور على المسرح وهو يرتدي البدلة وربطة العنق وليس بالزي الشعبي الكويتي كما درجت العادة .
حصل المفرج على جائزة الدولة التقديرية عام 2003 عن مجمل إنجازاته؛ التي كان أهمها استعادة وحماية التراث الغنائي الشعبي والفلوكلوري للكويت، وتطويره لمناهج التربية الموسيقية في وزارة التربية.
البدايات
في سنة 1958 زار المفرج مركز الفنون الشعبية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فالتقى بالعديد من الفنانين؛ من بينهم حمد عيسى الرجيب، الذي استطاع إقناعه باحتراف الغناء بعد تردد بشكل كبير بسبب نظرة المجتمع الكويتي الدونية آنذاك للمشتغل في العمل الفني.
وبعد هذا اللقاء قرر الرجيب تغيير اسمه وإطلاق لقب فني عليه وهو “شادي الخليج”، وبدأ الغناء بأغنية من كلمات أحمد العدواني وألحان أحمد باقر، وعنوانها “لي خليل حسين” في سنة 1960.
ولم يكن والد المفرج يعرف بدخول ابنه إلى عالم الفن، وعندما وصله الخبر غضب واعترض على هذه الخطوة التي كانت تعتبر عيباً في التقاليد الكويتية آنذاك، لكن الأمور هدأت بعدما تمكن المفرج من مراضاة والده، واستسلم الأب لرغبة ابنه رغم كل المخططات التي رسمها لمستقبله.
في العام 1965، قرر شادي الخليج الزواج، وقد دفع مهراً مقداره ربع دينار كويتي فقط، ثم قرر السفر إلى العاصمة المصرية القاهرة من أجل الدراسة، وحصل على شهادة بكالوريوس التربية الموسيقية من المعهد العالي للتربية الموسيقية في 1967.
بعد عودته التحق بالعمل في وزارة التربية والتعليم، وتدرج في السلم الوظيفي حتى وصل إلى وظيفة موجه فني عام للتربية الموسيقية بدرجة وكيل وزارة مساعد.
توقّف طويل
توقف المفرج فنياً وإعلامياً لمدة 11 سنة، ثم عاد في 28 أغسطس 1976 بمرافقة فرقة عبد العظيم محمد بأغنيتين من ألحان غنّام الديكان؛ الأولى “حالي حال” للشاعر عبد الله محمد العتيبي، والثانية “سدرة العشاق” من كلمات مبارك الحديبي.
وشكّل الثلاثي: شادي الخليج، وعبد الله محمد العتيبي، والديكان، ثلاثياً ناجحاً في عدة أعمال غنائية مثل: “صدى التاريخ، ومواكب الوفاء، وحديث السور، وقوافل الأيام، وأنا الآتي، وقلادة الصابرين، والزمان العربي، وأوبريت عاشق الدار”.
وكجميع أقرانه كان لا بد للمفرج من دراسة وتأمل القراّن الكريم، فالتحق بكتَّاب الملا صالح متابعاً كافة مراحل الدراسة في المدرسة المباركية، والمدرسة الأحمدية، ليكمل بعدها المرحلة الثانوية في مدرسة الشويخ.
وتخلل هذه الفترة التحاقه بفرقة الكشافة، وكانت تجربة غنية تخللتها مشاركته في إحدى المعسكرت الكشفية بمنطقة “أبو قير” بالإسكندرية، في أواسط الخمسينيات، ويروي شادي الخليج في مذكراته كيف تفاجأ هو وزملاؤه بزيارة الرئيس المصر الراحل، جمال عبد الناصر، لهم في المعسكر.
كانت أغنية “الأم” أول أغنية تبثّ للمفرج عبر إذاعة الكويت، وقد سجلها في عيد الأم 21 مارس 1960، وكانت من ألحان سعود الراشد. وتعتبر أغنية “لي خليل” التي غنّاها في نفس العام نقطة التحوّل الحقيقية بالنسبة إليه، وقد نجحت لدرجة أنها كانت تذاع أكثر من مرة في اليوم الواحد، ليبدأ بعدها ارتقاء سلم الشهرة.
وقد بدا تأثره بالمدرسة المصرية في الغناء واضحاً، وبفترة الستينيات تحديداً؛ لكونه استقى الموسيقى من خلال دراسته بالقاهرة، كما أنه أعاد تلحين وتوزيع كنوز التراث الفني الكويتي؛ مثل: “يا ليل دانا، وحرك شجوني، والتهابي، وسمراء يا نسمة الصيف”.