إما التوقيع الثالث أو التخلص من الطائف…
الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومات هي من بديهيات النظام الديمقراطي ولا يمكن وضعها في خانة الانجازات، وعلل لبنان تكمن بالاعراف والقوانين البالية التي تتحصن خلفها طبقة حاكمة تنكر الواقع وترفض التنازل عن مكتسباتها، وهي تخوض راهنا جولات صراعاتها الأخيرة في تناتش المقاعد الوزارية. الاجواء السياسية توحي بإقتراب تشكيل الحكومة خلال ساعات، رغم المساحة الرمادية التي تموضع فيها الثنائي الشيعي بعد تنازل الحريري بمعزل عن الإطار السياسي الذي فرض تسمية مصطفى أديب، حيث تعاطى “حزب الله” مع تراجع الحريري وفق منطق استدراكي “نعم و لكن” . ويؤكد مطلعون بأن الضغوط الفرنسية خلال الأيام السابقة أثمرت تقدما بعدما كان الفرقاء المحليون يتوجسون من انهيار المبادرة الفرنسية.لكن، حكومة مصطفى أديب غير قادرة على إنتشال النظام من واقعه المأزوم، وبالتالي هي “حكومة المهمة” أو المحاولة الفرنسية لإدراة الازمة اللبنانية ما يفتح المجال واسعا امام نشوء وصاية جديدة على لبنان، وبالتالي إعادة القوى الدولية إنتداب فرنسا لإدارة شؤون البلد الصغير ولو بعد مئة عام.من هنا، النقاش الفرنسي الدائر مع “حزب الله” مباشرة أو بالواسطة عبر الرئيس نبيه بري قد يتجاوز عقدة المالية والثلث المعطل وحتى كل شكل الحكومة ومهمتها صوب نقاط جوهرية تتعلق بمستقبل لبنان بما في ذلك مصير إتفاق الطائف كما حقيقة الدور الفرنسي في لبنان، لكن هذا يتوقف على النجاح اولا بتشكيل الحكومة كما الخطوات الإصلاحية في ما بعد. نهاية حقبة إتفاق الطائف بات أمرا واقعا وفق منطق الثنائي الشيعي، خصوصا بفعل إنسحاب سوريا من لبنان والغرق في وحول الحرب الأهلية، كما إنغلاق السعودية على دول الخليج وعدم إكتراثها بلبنان وأزماته. إن نجاج فرنسا لا يتوقف على مسك الملف اللبناني، وهي قادرة على ذلك، بل بإعطاء واشنطن الإشارة الخضراء، حيث يراهن البعض على نهج الإنكفاء الأميركي من المنطقة وعلى دور فرنسي محوري في مستقبل لبنان.معركة وزارة المالية في الحكومة الحالية ليست سوى نموذج، وهي استراتيجية بإمتيازعند الجانب الشيعي بشكل عام و”حزب الله” على وجه الخصوص عنوانها عدم التفريط في مكتسبات هائلة تحققت على مدى العقدين المنصرمين تحتم التخلص من إتفاق الطائف كصيغة للحكم والذهاب إلى تغيير العقد الاجتماعي أو ما يسمى إصطلاحا “المؤتمر التأسيسي”.