التقدم الحكومي بطيء
لا تقدم ملموساً حتى الساعة في الملف الحكومي، حتى الاجتماع الذي عقده الرئيس المكلف مصطفى أديب مع الخليلين لم يأت بالنتائج المرغوب منها. في وقت تتجه الأنظار اليوم الى الاجتماع الخامس الذي سيعقده أديب مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وما قد ينتج عنه، لناحية عرض آخر ما آلت اليه المشاورات الحكومية على وقع الوقت الذي بدأ يضيق امام عملية التأليف والتباطؤ الذي يسيطر عليها. واعتبرت مصادر سياسية لـ”اللواء” ان سبب التباطؤ في تحريك عجلة تأليف الحكومة الجديدة يعود الى البرودة التي ابداها حزب الله في تلقف مبادرة الرئيس سعدالحريري مؤخرا وعدم ملاقاته بخطوات إيجابية تطلق عملية تشكيل الحكومة من دائرة التعطيل المفروض تحت شعار إصرار الثنائي الشيعي على الاحتفاظ بوزارة المال كشرط اساسي مسبق لتسهيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة باعتبار انه لم يكن يتوقع الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله أقدام الحريري على هذه المبادرة التي احرجته لانه ليس في وضعية القبول بتشكيل الحكومة العتيدة بايحاء مكشوف من ايران التي عبر وزير خارجيتها محمد جواد ظريف علانية امام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في محادثاتهما بموسكو أمس عن انزعاج حكومة طهران من التدخل الفرنسي بلبنان باعتباره ساحة نفوذ لطهران وهو ما لم يجاريه فيه الوزير لافروف ألذي شدد على ضرورة المساعدة بتسهيل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بأسرع وقت ممكن. أديب في بعبدا اليوم ومن المرتقب ان يزور الرئيس المكلّف ظهر اليوم رئيس الجمهورية للتشاور في التشكيلة الحكومية على ضوء ما تمت مناقشته مع الخليلين. وعلم ان رئيس الجمهورية هو من بادر الى الاتصال بالرئيس المكلّف مصطفى اديب قبل استقباله الخليلين واتفق معه على ان يلتقيا للبحث في عملية التأليف.. وتقول مصادر بعبدا ان رئيس الجمهورية لا يطالب بحصة ولا يدخل بمحاصصة، وعندما يعرض عليه الرئيس المكلف تشكيلته سيكون له رأي فيها وبوحدة المعايير في تأليفها لاسيما ما خص حقوق المكونات في التمثل في الحكومة. وقالت المصادر تعليقا على اتصال عون باديب امس ان التواصل بينهما امر طبيعي خصوصاً انهما شريكان بتشكيل الحكومة، ووضع خلاله اديب الرئيس عون في اطار الاتصالات الحاصلة على صعيد التأليف. ورأت المصادر ان هناك توجها الى المزيد من الحلحلة ولكن عمليا لم يستجد اي شيء ملموس. وقالت مصادر مطلعة لـ”اللواء” ان الوقت بدأ يضيق والمهلة غير مفتوحة ولا بد من تشكيل الحكومة مؤكدة ان الضغط الفرنسي هو في الأتجاه الصحيح. واذ رأت ان لا عوامل مساعدة على الصعيد الأقليمي والدولي ولكن الكل استشعر انه ما لم تؤلف الحكومة سريعا فأن الأمور تتعقد نحو الأسوأ. وهذا ما لا يرغب به احد. واعربت عن اعتقادها أن هناك سعيا فرنسيا من اجل قيام حكومة مهمة وقالت ان هناك امكانية لتجاوز العراقيل لتأليف الحكومة وان زيارة اديب اليوم الى قصر بعبدا هي الخامسة وقد تكون الإخيرة قبل عرض التشكيلة الحكومية في وقت لاحق. وكشف زوار رئيس الجمهورية لـ”اللواء” انه مستعجل تأليف الحكومة والحؤول دون هدر الوقت الذي في الأصل اهدر واكدوا انه بتمسكه بالمبادرة الفرنسية يريد ان يقول انها أساس الحل. وشددت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون على موضوع الشراكة في موضوع تاليف الحكومة وفق ما هو منصوص عنها في الدستور لا سيما كلمة بالاتفاق بالنسبة الى اتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في عملية التشكيل. وتوقعت أوساط مواكبة أن يسمع أديب من عون خلال الاجتماع كلاماً مفاده أنّ سقوط مبدأ المداورة في حقيبة المالية ينبغي أن ينسحب على كافة الحقائب، وأنّ تسمية الثنائي الشيعي لوزرائه يجب أن تقابله تسمية أفرقاء آخرين لوزرائهم أيضاً على قاعدة “وحدة المعايير” في التشكيل، مع التأكيد على ضرورة تسمية رئيس الجمهورية وزراءه المسيحيين في الحكومة. وبهذا المعنى، شددت مصادر القصر الجمهوري لـ”نداء الوطن” على أنّ “الشراكة بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية في عملية التشكيل أمر دستوري وليس اجتهاداً، وبالتالي فإنّ الرئيس عون من حقه أن يبدي رأيه بكامل التشكيلة الحكومية من دون أن يعنيذلك دخوله في أي محاصصة”، لافتةً إلى أنّ “رئيس الجمهورية كان قد شدد على أنّ الأمد ليس مفتوحاً أمام الأفرقاء للتوصل إلى توافق في ما بينهم يتيح ولادة الحكومة، وعلى ما يبدو اليوم فإنّ هناك أجواء توحي بأنّ الأمور تتجه نحو الحلحلة لكن عملياً لم يستجد أي شيء ملموس حتى الساعة”. وإذ ذكّرت بأنّ المبادرة التي تقدم بها عون مطلع الأسبوع “كانت تهدف إلى إيجاد حل للعقدة المستعصية في حقيبة المالية”، أردفت مصادر بعبدا بالقول: “إذا وجد حل آخر بالتفاهم مع جميع الاطراف يؤدي إلى تشكيل الحكومة، فرئيس الجمهورية حاضر للتسهيل مع الاحتفاظ طبعاً بصلاحياته المنصوص عنها في الدستور”، منوهةً بأنّ أديب لم يطرح على عون أي تشكيلة حكومية حتى الساعة “وعندما يفعل ذلك سيتم التناقش فيها وفي كل التفاصيل المتعلقة بها”. لقاء أديب الخليلين غير ايجابي وكان اللقاء بين أديب والخليلين الذي عقد في الرابعة بعد ظهر امس استمر نحو ساعة تضاربت على اثره المعطيات بين هبات تفاؤل وهبات تشاؤم حيال امكان ان يشكل بداية فتح ثغرة في جدار الانسداد الذي يحكم عملية تأليف الحكومة. وقيل في البدايات ان اللقاء اقتصر على التشاور، ولكنه لم يبت موضوع الجانب الذي يسمي وزير المال ما دامت طائفته حسمت وستسند الحقيبة الى شيعي بعد مبادرة الرئيس الحريري. واقترن ذلك بالتأكيد انه اتفق على استمرار التواصل بين أديب والخليلين. كما علم ان اللقاء بين اديب والخليلين رتب باتصال اجراه علي حسن خليل بالرئيس المكلف. وكان خليل يحمل معه لائحة من عشرة اسماء كمرشحين ليختار منها الرئيس المكلف اسماً لتولي حقيبة المال الا ان الرئيس المكلف تحفٌظ عن تسلمها. وبما انه لم يبت بمن يسمي الوزراء بقيت هذه اللائحة مطوية. ولذلك قالت المصادر ان للبحث صلة، والمسألة قد تحتاج الى اجتماع آخر. وكشفت المصادر ان الخليلين تمسكا بتسمية “امل” و”حزب الله” وزرائهما، فطلب اليهما الرئيس المكلّف التريث واعطاءه وقتاً للتفكير. واذا حسم موضوع التسمية في اجتماع عون واديب اليوم، فقد يعقد اجتماع آخر بين اديب والخليلين. كما ان تثبيت حقيبة المال للطائفة الشيعية من شأنه ان يعيد النظر بمبدأ المداورة وما اذا كانت مستمرة باستثناء المال ام انها ستسقط نهائياً ويعود كل طرف ليتمسك بحقيبته. لكن بحسب المعلومات، لم يكن أديب إيجابياً، كما لم يجب بشكل واضح على التساؤلات التي طرحت عليه. تحدّث بالعموميات عن أهمية التضامن والإجماع لمواجهة المرحلة الصعبة، لكنه عند الجد طلب استمهاله لتسلّم اللائحة، موحياً أن التسمية يجب أن تأتي من عنده. ذلك كان في صلب “مبادرة” الحريري (أن يسمي هو الوزير الشيعي) التي رُفضت سريعاً من الثنائي. كان الجميع يُدرك أن موافقة الحريري ومن خلفه الفرنسيين على أن يكون وزير المالية شيعياً، يعني أن الثنائي سيكون معنياً بالتسمية، بغض النظر عن الديباجة الكلامية لبيان الحريري. وفي هذا السياق نقلت مصادر سياسية رفيعة لـ”نداء الوطن” أنّ اللقاء تخلله استعراض للمراحل والمحطات التي مرت بها عملية التأليف، فكان تثبيت لمبدأ تنصيب شيعي في حقيبة المالية بالتوازي مع نقل الخليلين رسالة من قيادتيهما تؤكد تمسك الثنائي الشيعي بتسمية وزير المالية وسائر الوزراء الشيعة، كاشفةً أنّ الخليلين طرحا على أديب خلال اللقاء مجموعة أسماء مرشحة للتوزير لكي يختار من بينها مقابل إبداء رفضهما القاطع لتوليه شخصياً أو أي طرف آخر مهمة تسمية أي من الوزراء الشيعة. تمايزات وعلى رغم عدم بروز معطيات متقدّمة أو ايجابية يمكن أن تشير الى اقتراب ولادة الحكومة عن اللقاء الذي جمع الرئيس المكلّف مع موفدي الثنائي، أكّدت معطيات “النهار” أنّ حركة مشاورات أديب مستمرّة على مقلبي الرئاسة الأولى من جهة و”الثنائي الشيعي” من جهة ثانية، بغية الدفع في عملية التأليف وتذليل أي عقبات يمكن أن تظهر فجائيّاً بما يؤدي إلى ولادة حكومة في وقت قريب. وأشارت المصادر إلى أنّ الأربع والعشرين ساعة الماضية التي سبقت اللقاء، شهدت تمايزاً واضحاً بين موقف حركة “أمل” التي أبدت ايجابية ملحوظة في موقفها، في وقت لم يعكس “حزب الله” أي معطى مرحّب بالمبادرة التي أطلقها الحريري، مبدية خشيتها من أن تشهد الساعات المقبلة بروز عراقيل جديدة أو دخول مزيد من اللاعبين على الخطّ. ونفت المصادر المواكبة لعملية التأليف الأسماء التي عادت تروّج مجدّداً على أنّها مقترحة للتوزير من ضمن تشكيلة الرئيس المكلّف، مع تأكيد عدم تسريب أيّ اسم حتى اللحظة وعلى أنّ ما يتناقل من أسماء وزراء سابقين مقترحين للتوزير مسألة عارية من الصحّة وما يحصل هو عملية رمي أسماء ترويجيّة غير دقيقة، باعتبار أنّ مسوّدة أديب لن تضمّ أسماء وزراء أو نواب سابقين أو حاليين أو وجوهاً خسرت في الانتخابات. ويأخذ أديب في تشكيلته المؤلفة من 14 وزيراً اعتبارات توزيع الحقائب السيادية والخدماتية والعادية.