التيار في دائرة الضياع…
يبدو أن التيار “الوطني الحر” لم يحسم بعد خياره السياسي النهائي. فمن يراقب حراك التيار في الاسابيع الاخيرة يلحظ حالة التوتر المسيطرة على قياداته وعلى المواقف التي يسعى الى تظهيرها عبر وسائل الاعلام. ولعل هذا الضياع ناتج عن الارباك الذي يقف أمامه التيار عاجزا في القضايا الاشكالية البارزة على الساحة اللبنانية. ووفق مصادر متابعة، فإن التيار لا يعاني مؤخراً من مشكلة حسم مواقفه السياسية وحسب، وانما ثمة مشكلة اكبر تواجهه على مستوى الخلاف بين الاطر الحزبية والمتمثل بالانقسام الذي لم يخرج بعد الى العلن، حول الخيارات الممكنة لـ”الوطني الحر”، إذ يبدو ان البعض يرى ان التحالف مع “حزب الله” وخصوصاً بعد دعمه الأخير لحركة “أمل” لا يصب في مصلحة التيار العوني ومن الواجب فكّه او على الاقل التمايز عن الحليف في القضايا الداخلية الاقتصادية والسياسية، في حين يرى آخرون أن العكس هو المطلوب، وعلى التيار أن يحسم خياراته الى جانب “حزب الله” والسير معه في المواجهة، إن وقعت، معللا ذلك بأن لا مكان لـ”الوطني الحر” بين باقي الأفرقاء في لبنان. وحتى الآن، لا يبدو ان لدى قيادة التيار اي قرار حاسم بشأن تموضعه السياسي، الا انه من الواضح بأنها تفضل الإبقاء على العلاقة الجيدة مع “حزب الله” لا سيما في القضايا الاقليمية والاستراتيجية، حيث يظهر التمايز في الملفات الداخلية بين مرحلة واخرى من دون أن يأخذ مساحة واسعة من الأخذ والرد. واعتبرت المصادر ان الفئة المطالبة بالتمايز المطلق عن “حزب الله” تؤكد ان البقاء الى جانب الاخير سيؤدي الى زيادة العقوبات المالية والاقتصادية على التيار، ما من شأنه أن يتسبب بمزيد من الخسارات الشعبية في الشارع المسيحي لأنه من غير الوارد ان يبدي عداءً للغرب في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان في ظل الأزمات المتفاقمة، على اعتبار ان التمايز حاليا يخدم محاولة انقاذ التيار في ظل الضغوطات المحيطة التي تزيد من المخاطر الوجودية على الحزب المسيحي الاكثر تمثيلا. ومن هنا يبدو ان “الوطني الحر” عاجز عن امتلاك هامش واسع من المناورة السياسية والاعلامية في الفترة الحالية حتى تبلور المشهد الاقليمي والدولي، والى ذلك الحين سيبقى التيار محافظا على نوع من التردد في اتخاذ القرارات المصيرية