جنبلاط غير راضياً… هل يتجه إلى التصعيد ؟
لا يبدو رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط راضياً عن مسار الملفّ الحكوميّ، ولو اعتصم بالصمت، مكتفياً ببعض “فشّات الخلق” عبر وسيلته المفضّلة، “تويتر”، والتي كان آخرها تحذيره الرئيس المكلّف سعد الحريري ممّا وصفه بـ “الغدر والحقد التاريخي”.
مستثنياً “القوات”، ومستحضراً “مخطط الإلغاء والعزل والانتقام”، تحدّث جنبلاط عن “عجائب” أبطالها هم “الذين لم يسمّوا سعد الحريري”، ولكنّهم اليوم “يتقاسمون المقاعد ويتحضّرون للاستيلاء الكامل على السلطة بكل فروعها الأمنية والقضائية”، في رسالةٍ “مشفَّرة” بدت موجَّهة إلى “الشركاء المفترضين” في التسوية الحكوميّة.
ولم تمرّ 24 ساعة على هذه التغريدة “النارية”، حتى ألحقها بتغريدةٍ “مشفَّرة” جديدة، حملت “ألغازاً” أكثر من أيّ شيءٍ آخر، إذ اكتفى خلالها بالقول إنّ “وزارة الأخصائيين تزداد وضوحاً في كلّ يوم”، وأرفقها ببعض الوجوه الضاحكة والمستنفرة، وكأنّه يصنّف تغريدته بـ “الساخرة” سلفاً، حتى لا يأخذها أحد على محمل الجدّ!
“امتعاض وغضب”
ليس سرّاً أنّ جنبلاط، الذي كان “متردّداً” عشية الاستشارات النيابية الملزمة بتسمية الرئيس سعد الحريري، بعدما صوّب عليه بعنف في إطلالته الشهيرة عبر قناة “الجديد”، ليس راضياً عن المسار الذي ذهبت إليه الأمور بعدما التحق بالركب الحكوميّ.
وقد عبّر جنبلاط خير تعبير عن هذا “الامتعاض” بتغريدته الأولى، التي أشار فيها بوضوح إلى “المحاصصة” الحاصلة، و”تناتش الحقائب” من قِبَل أولئك الذين لم يسمّوا الحريري، علماً أنّ وسطاء كانوا أبلغوا “البيك”، مباشرةً أو مواربةً، أنّ عدم تبنّيه الحريري سيؤدّي إلى “إقصائه” من الحكومة، أو بالحدّ الأدنى، تمثيله بصورةٍ غير مباشرة كما هو الحال في حكومة حسّان دياب، حيث اعتُبِرت الوزيرة منال عبد الصمد من “حصّته”، ولو أنّه لم يُسمِّها.
لكن، أبعد من هذا “الامتعاض”، ثمّة من يتحدّث عن “غضب” لدى جنبلاط بسبب استشعاره بأنّ الحريري “عاجزٌ” عن الوفاء بالوعود التي قطعها له، والتي دفعت كتلة “اللقاء الديمقراطي” إلى تسميته على أساسها، ومن بينها حصوله على حقيبتين وازنتين، فإذا بها تتقلّص إلى حقيبةٍ واحدةٍ، تحت طائلة “مزاحمته” عليها من قلب البيت “الدرزي”، عبر رفع شعار “حقّ” رئيس الحزب “الديمقراطي اللبناني” طلال أرسلان بالتمثّل، منعاً لـ “الاحتكار”.
“وحدة معايير”؟!
في موضوع أرسلان، يقول “الاشتراكيون” إنّ المشكلة ليست بمنحه حقيبة في الحكومة أم لا، خصوصاً أنّ الاتفاق كان منذ البدء على “اختصاصيّين غير حزبيّين”، ما يعني أنّ أيّ شخصيّةٍ تُسمّى لا ينبغي أن تكون محسوبة مباشرةً على أيّ طرَف، ولكنّها في إصرار فريقٍ معيَّن هو فريق “العهد”، على “محاصرته” من خلال فرض تمثيل نائبٍ هو عضو في تكتل “لبنان القوي”، من الحصّة الدرزيّة.
ويسخر “الاشتراكيون” في هذا الإطار من شعار “وحدة المعايير” الذي يرفعونه، ثمّ ينبذونه في الموضوع الدرزيّ، فهم يستهزئون مثلاً من فكرة تمثيل تيار “المردة” الذي يملك أربعة نواب مسيحيين، بحقيبتين، وبعضهم يرفض تمثيله بالمُطلَق، فيما يقدّمون الأطروحات حول “حقّ” أرسلان بحقيبةٍ درزيّة، باعتباره رئيساً لكتلةٍ مُنِحت “هبة” له، قوامها من قياديي “التيار الوطني الحر”، ولا وجود لدرزيّ فيها سواه، مع ما يؤديه ذلك إلى “مساواة” نائبٍ واحد بجميع النواب الدروز الآخرين، بشكلٍ مُنافٍ للمنطق.
عموماً، إذا كان جنبلاط اكتفى بـ “التفرّج” على مناوشات الأيام الماضية حول ما سُمّيت بـ “العقدة الدرزية”، و”ترقّب” الخلافات حول “حجم” الحكومة وشكلها، بما يسهم في “الحلّ” وفق قاعدة “التذاكي والاحتيال”، فإنّ بعض المقرّبين منه، وإن ارتأوا “التريّث”، لا يستبعدون “التصعيد” في حال استمرار الأمور على حالها من المراوحة، خصوصاً بعدما بات واضحاً أنّ الحكومة، وإن كانت ولادتها ضرورية اليوم قبل الغد، تؤلَّف وفق قواعد سياسية، لا علاقة للاختصاص بها، خلافاً لكلّ ما قيل ويُقال.
يدرك جنبلاط أنّ الحريري يبدو، في وسط المعمعة الحكوميّة، كمن “لا حول ولا قوة” له، وسط “ضغوط” الشركاء المفترضين، الذين لا يتردّدون في تحميله مسؤولية “الوعود المضخّمة” التي قطعها، من دون أن يقدّموا أيّ “تنازل” في المقابل. ولكنّه يدرك أيضاً أنّ “الخضوع” لهذا المنطق سيعيد عقارب الساعة إلى زمن “التسوية الرئاسيّة”، التي سبق أن جُرّبت، ودفع “البيك” نفسه الكثير من “أثمانها الباهظة”!